خاص || أثر برس تسود حالة من الخلافات الحادة فيما بين مسلحي الفصائل الموالية لتركيا والمنتشرة في ريف حلب الشمالي، وسط انقسامات بالجملة نتيجة تفضيل أعداد من المسلحين الانضواء تحت اللواء الجديد الوافد إلى تلك المناطق والمسمى بـ “جيش القعقاع”.
وفي التفاصيل التي وردت لـ”أثر”، فإن تركيا بدأت في الآونة الأخيرة، مساعٍ حثيثة لإيجاد الحلول الهادفة إلى ضبط الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرتها، سواء لناحية التفجيرات المتلاحقة التي تضرب مناطق سيطرتها، أو لناحية الصراعات والاشتباكات الداخلية التي غالباً ما تحدث بين كل حين وآخر فيما بين الفصائل الموالية لها، وخاصة في منطقتي عفرين وإعزاز.
وخلال تلك الفترة كانت تعمل تركيا على عقد لقاءات مكثفة بشكل سري في منطقة عفرين، مع متزعم “النصرة” أبو محمد الجولاني، لتدارس إمكانية الاستعانة بمسلحي التنظيم بشكل غير معلن ونقلهم إلى مناطق شمال حلب، للاستفادة منهم في ضبط الفصائل المسلحة ووقف مسلسل الصراعات الداخلية على أقل تقدير، على الرغم من أن “النصرة” أو (هيئة تحرير الشام) بالمسمى الجديد، مدرجة على لائحة الإرهاب الدولي.
ويبدو أن المباحثات بين تركيا و”النصرة” وجدت طريقها إلى النضج، من خلال تشكيل فصيل جديد يضم نخبة الجهاديين من مسلحي الأخيرة، و”تقنيعهم” أمام الرأي العام وباقي الفصائل الموالية لتركيا كفصيل معتدل، تحت مسمى “جيش القعقاع”.
ولم توفر “النصرة” وقتاً للبدء بالخطوات الفعلية، حيث بدأ يتوافد مسلحوها إلى منطقتي عفرين وإعزاز تباعاً، قبل أن يبادر الفصيل الجديد إلى الإعلان عن نفسه عبر بيان أصدره خلال أيام الأسبوع الماضي، ويبدأ بدعوة مسلحي باقي الفصائل التابعة لتركيا، للانضمام إلى صفوفه وسط إغراءات مالية ومعنوية كبيرة.
الفصيل الجديد “القعقاع”، لم يتأخر بالكشف عن أنيابه، فسارع فور إعلان تشكيله، إلى الاستيلاء على منزلين في عفرين وإعزاز، وحولهما إلى مقرين عسكريين تابعين له، وأصدر عدة بيانات تدعو مسلحي باقي الفصائل للانضمام إلى صفوفه برواتب ضخمة، وبإمكانيات لوجستية كبيرة، الأمر الذي لاقى قبول عدد من أولئك المسلحين.
وفي ظل ذلك الإقبال على الانضمام للفصيل الجديد، بدأ مسلسل الصراعات والانشقاقات بتصدر مشهد العلاقات بين مسلحي الفصائل الموالية لتركيا، وخاصة بعد أن شعرت تلك الفصائل، وفي مقدمتها “الجبهة الشامية”، بخطورة الموقف سواء لتسرّب المسلحين إلى الفصيل الجديد، أو لناحية إدراكها بأن ذلك الفصيل سيكون القوة الضاربة التي تخضع لها باقي فصائل أنقرة في الشمال السوري على حساب تقليص نفوذها.
ويشير المشهد الراهن في عفرين وإعزاز، إلى تصعيد مرتقب سيكون بلا شك الأعنف من نوعه خلال مسيرة الصراعات الداخلية المتواصلة منذ سنوات فيما بين مسلحي تركيا، وخاصة في ظل التوقعات بتحرك سريع ستنفذه باقي الفصائل حيال الفصيل الجديد، بهدف وأدِ مشروعه قبل امتداد نفوذه وانتشاره إلى باقي المناطق وبالتالي استحالة القضاء عليه حينها، حفاظاً على مصالحها المتعلقة بـ “الإتاوات” وواردات الضرائب والمسروقات من جهة، وعلى حظوتها ومكانتها لدى الداعم التركي من جهة ثانية.
وتشهد مناطق النفوذ التركي في شمال حلب، صراعات واشتباكات داخلية مستمرة فيما بين فصائل أنقرة، لأسباب دائماً ما تكون نتيجة خلافات حول تقاسم المسروقات ومناطق النفوذ، حيث عجزت تركيا على مدار الأعوام الماضية في تحقيق أي تقدم يذكر على صعيد وقف تلك الصراعات، رغم قيامها بين كل حين وآخر بزج أعداد إضافية من ضباطها وجنودها في تلك المناطق.
زاهر طحان – حلب