توجُّه الرئيس بشار الأسد، اليوم الخميس إلى مدينة جدة للمشاركة بالقمة العربية لأول مرة منذ عاماً، وبدعوة رسمية من الرياض، بعد قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية، حمل في طياته دلالات ورسائل عدة، طرحها المحللون والخبراء في التقارير التحليلية التي نشرتها وسائل الإعلام العربية والغربية.
كبيرة المحللين الخليجيين في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس، أكدت في مقال نشره موقع “المونيتور” الأمريكي أن “إقامة الرئيس الأسد، في جدة ستتم متابعتها في جميع أنحاء المنطقة”، مؤكدة أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية هي البداية لإنهاء عزلتها الإقليمية، في الصعيد السياسي.
ماذا عن الاقتصاد؟
أشارت جاكوبس إلى أن الأنظار تتوجه الآن نحو احتمال حدوث تقارب اقتصادي بين سوريا ودول الخليج بعد إنهاء العزلة السياسية، حيث قالت: “ما حدث هو بداية للتطبيع السياسي لكن الأهم من ذلك هو مراقبة ما إذا كان التطبيع الاقتصادي يأتي معه، خاصة من دول الخليج العربية”.
بينما نقلت صحيفة “ذا ناشيونال” البريطانية عن منتقدي التقارب مع دمشق إشارتهم إلى أنه “الاستثمارات الاقتصادية من المحتمل أن تكون محدودة حتى تتوصل سوريا إلى حل سياسي للحرب وتحل مجموعة من القضايا الملحة الأخرى”.
ما الذي أعاد سوريا إلى محيطها العربي؟
نشرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية تقريراً تناولت فيه سيناريو عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستعرضت فيه المسار السياسي للحرب من السورية منذ اندلاعها حتى الآن، وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ظنا أن العقوبات ستوصل الدولة السورية إلى إبداء عدد من التنازلات، لكن التحولات كشفت صعوبة تحقيق هذا الهدف، ما تسبب بطول أمد الحرب، مشيرة إلى أن “تأثير الحرب السورية لم ينحصر في الداخل السوري فقط بل تصاعدت حالة عدم الاستقرار بين دول الجوار أيضاً إضافة إلى تهديد العمليات الإرهابية”.
أما فيما يتعلق بالدول العربية فتؤكد الأوساط السياسية العربية والأمريكية أن التبدلات التي طرأت على شكل التحالفات الخارجية أثّرت تأثيراً كبيراً في سياسة هذه الدول، وفي النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وفي هذا السياق أكد مساعد مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” الأمريكية السابق بول بيلار، في لقاء أجراه مع قناة “الحرة” الأمريكية أن “العرب ليسوا أغبياء ويعرفون ما هي مصالحهم والسياسات الحالية لم تحقق أي نتيجة” مشيراً إلى أن “العزلة المفروضة من أمريكا والحكومات العربية لم تُثمر وبالتالي من غير المنطقي أن نقول إننا سنحافظ على هذه السياسات”.
وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة “الشرق الأوسط” إلى تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي قال فيه: “إن سياسة حصار سوريا عربياً ثبت بالتجربة العملية أنها غير مجدية، وإن التواصل مع الحكومة في دمشق قضية والحال كذلك لا بديل عنها” مشيرة إلى أن “حديث الرجل كان تهيئة لما سوف يأتي من بعده، وما أتى من بعده تمثّل في دعوة إلى سوريا لحضور أعمال القمة، بعد غياب سوري عن القمم المتعاقبة زاد على العقد الكامل من السنين، ولم تكن القضية في حقيقتها مجرد دعوة إلى الحكومة في دمشق، ولكنها كانت انتصاراً للدولة الوطنية بمفهومها الواضح، الذي لا يرى بديلاً عن حضور الدولة في كل عاصمة من عواصم العرب، مهما حاولت أطراف في الإقليم الانتصار للجماعات في مواجهة الدول”.
وتعتبر عودة سوريا إلى الجامعة العربية تطوراً مفاجئاً، فلم تكن التقديرات السياسية تشير إلى أن هذه الخطوة سيتم اتخاذها بهذه السرعة، وفي هذا السياق قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في لقاء تلفزيوني أجراه بتاريخ 25 نيسان الفائت، وفي معرض إجابته عن سؤال يتعلق باحتمال مشاركة سوريا في قمة جدة: “يجب أن نحسب حساب وزن الدول المؤيدة والمعارضة، فهي لعبة سياسية حساسة يجب أن يتمتع من يمارسها بحكمة كبيرة، يعني في حال اجتمعت دولتان أو ثلاثة من الدول التي هي بمنزلة أعمدة على موقف الرفض ستكون عودة سوريا أمراً صعباً ولو هذه الدول كانت موافقة سيكون الأمر سهلاً”.
يشار إلى أنه في الأيام القليلة الفائتة بدأت تتوافد الوفود الوزارية السورية إلى جدة للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية، وتم في هذه الاجتماعات الترحيب من معظم الوزراء العرب بالحضور السوري.