خاص|| أثر برس فور الإعلان عن قبول تركيا بانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” أُثيرت العديد من إشارات الاستفهام حول سبب التحوّل المفاجئ في الموقف التركي الذي كان رافضاً بشكل قطعي لانضمام الدولتين باعتبارهما داعمتين لـ “حزب العمال الكردستاني” شرقي سوريا.
عندما فُتح ملف طلب الدولتين الإسكندنافيتين بالانضمام إلى “الناتو” قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مُعرباً عن رفضه للطلب، بقوله: “نطالب دول حلف شمال الأطلسي بدعم مشروع إنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا”، مشدداً في الوقت ذاته على أن بلاده ترفض انضمام الدولتين بسبب الدعم الذي قدمتاه لـ “حزب العمال الكردستاني” شرقي سوريا، لتصرح الرئاسة التركية بعد إعلان المتحدث باسم الناتو بنس ستولنبرغ، عن رفع الفيتو التركي، بقولها: “حصلنا على ما أردناه من المحادثات مع السويد وفنلندا”، مضيفة أن “أردوغان حصل على “تعاون كامل” من الدولتين بشأن حزب العمال الكردستاني وحلفائه.
التقارير السياسية المتعلقة بمجريات المفاوضات بين تركيا من جهة وفنلندا والسويد من جهة أخرى، أكدت أن الاتفاق بين الطرفين تم بوساطة أمريكية، حيث نقلت وكالة “AFP” الفرنسية عن مسؤول في البيت الأبيض تأكيده على أن هذا التفاهم حصل بعد جهود أمريكية ديبلوماسية حثيثة، منوّهاً في الوقت ذاته، على أن “تركيا لم تطلب أي تنازلات من الولايات المتحدة لقبولها انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو”، كما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مسؤول أمريكي كان مطلعاً على المداولات الخاصة بين تركيا والسويد وفنلندا، قوله: “بايدن نقل جوهر حديثه مع أردوغان إلى قادة فنلندا والسويد”، مضيفاً أن “الصفقة بين تركيا ودولتي الشمال الأوروبي تضمنت سلسلة من التنازلات من الجانبين”.
فيما تزامنت الخطوة التركية مع عودة التصريحات التركية حول العملية العسكرية شمالي سوريا، وأبرزها تصريح أردوغان الذي قال فيه: “إن العملية العسكرية ستبدأ بمجرد استكمال التجهيزات”، وفي هذا الصدد يناقش الخبراء احتمال ارتباط هذا الخطوة التركية بتقديم دعم أوروبي وأمريكي لمشروع إنشاء “منطقة آمنة” شمالي سوريا، حيث قال المحلل السياسي كمال جفا، في حديث مع “أثر”: “موافقة تركيا على ضم هاتين الدولتين يتعلق بحصولها على موافقة ضمنية ورفع الفيتو الأمريكي عن العملية التركية بالشمال”، الأمر ذاته أشار إليه الخبير في معهد واشنطن، ديفيد بولوك، بقوله إنه يأمل ألا تعني مذكرة التفاهم حصول أنقرة على ضوء أخضر لعملية جديدة في سوريا ضد الأكراد لأن ذلك سوف يخلق مشاكل جديدة للولايات المتحدة وروسيا وكل المنطقة، وفقاً لما نقلته قناة “الحرة” الأمريكية.
وباعتبار أن انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو يعني توسيع الحدود المشتركة بين “الناتو” وروسيا من حوالي 700 كيلومتر إلى أكثر من 1900، في الوقت الذي تخوض فيه موسكو عملية عسكرية في أوكرانيا تواجه فيها قوات من الناتو، فتشير التقديرات إلى أن القرار سيكون مصدر إزعاج كبير لروسيا، وفي هذا الصدد يقول الخبير في معهد واشنطن، ديفيد بولوك: “إن موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا أمر مخيب للآمال بالنسبة لروسيا، لكن روسيا تريد أن تكون أكثر حذراً بشأن رد فعلها بشكل أساسي لأنها لا تريد دفع تركيا إلى الابتعاد أكثر عنها ولا تريد استفزاز “الناتو” بشكل أكبر مما حصل حتى الآن خاصة أن هناك دولاً أخرى مثل مولدوفا تريد الانضمام أيضاً وهي على حدود روسيا كذلك”، فيما يشير جفا إلى أنه “قد لا يتم انضمام هاتين الدولتين فليس بالضرورة يتم انضمامهما لأن انضمام أي دولة يحتاج إلى شروط وإجراءات معقدة أعتقد من المبكر الحديث عنها ولا أعتقد أن تقوم تركيا بأي خطوة تُزعج روسيا، وقد عمل أردوغان على كسب الوقت واللعب على المتناقضات والصراعات الدولية”.
كما يشير المحللون إلى أنه معظم التطورات الدولية التي تجري بعد الحرب الأوكرانية تندرج ضمن المصالح التركية، فما حصل في الناتو ساعد تركيا على فتح ملف عملية عسكرية بالشمال السوري واستكمال مشروع “المنطقة الآمنة” كما كسبت ضمانات بوقف الدعم السويدي والفنلندي إلى “حزب العمال الكردستاني”، إلى جانب صفقة الأسلحة التي عقدتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذا الصدد نشرت صحيف “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية تقريراً قالت فيه: “منذ بداية الصراع في أوكرانيا، نما وزن تركيا الجيوسياسي بشكل كبير، وقد سهل ذلك الدور المركزي لهذا البلد في منطقة البحر الأسود ومحاولات الحفاظ على العلاقات مع كل من موسكو وكييف، بالإضافة إلى تقديم أنقرة نفسها وسيطاً”.
زهراء سرحان