أثر برس

أبناؤها ليسوا عاتبين على الحكومة.. أزمة البنزين تستفحل في حلب وانعدام نسبي للحركة المرورية في شوارعها

by Athr Press G

خاص || أثر برس

في ظل خبرتهم ومعاناتهم السابقة مع أزمات المحروقات المتكررة التي تعرضت لها مدينتهم خلال سنوات الحرب، يُدرك أبناء مدينة حلب بأن الأزمة الحالية الحاصلة في المدينة نتيجة أزمة البنزين، ليست إلا نتيجة طبيعية للعقوبات الاقتصادية الجائرة التي وضعتها الدول المعادية لسورية بهدف معاقبة شعبها ومحاولة إحداث شرخ ما بين الحكومة والمواطن، لذلك غابت الانتقادات اللاذعة التي كان يوجهها الحلبيون عادة للحكومة خلال الأزمات الماضية.

أزمة البنزين استفحلت في حلب خلال اليومين الماضيين، حالها حال باقي المحافظات السورية، ورغم خبرة الحلبيين في التعامل مع الأزمات، إلا أن الأزمة الحالية، الأقسى من نوعها، أجبرت أعداداً كبيرة من أصحاب السيارات على ركن سياراتهم أمام المنازل، والتنقل مشياً على الأقدام، أو عبر وسائط النقل العامة كسيارات الأجرة “التكاسي” والسرافيس.

وفي جولة لمراسل “أثر برس” ضمن شوارع مدينة حلب خلال ساعات صباح اليوم الثلاثاء، أكد أنها شبه خاوية من الحركة المرورية، وطغى مشهد الشوارع الفارغة نسبياً على المشهد العام في مدينة حلب لعدة أسباب تقدمها وقوف معظم سيارات الأجرة في المدينة على دور تعبئة البنزين في المحطات، وثانيها كان نتيجة قلة الكميات المخصصة لهذه السيارات والتي اضطر معظم السائقين على إثرها إلى تخفيض عدد ساعات عملهم اليومية واقتصار فترة عملهم ضمن وقت الظهيرة كونها تعتبر بمثابة فترة الذروة للتنقل من قبل المواطنين.

ومن ضمن الأسباب التي أدت إلى خلو الشوارع، كان عزوف عدد كبير من أصحاب السيارات عن الخروج من منازلهم سواء لفقدان البنزين من سياراتهم، أو لعلمهم المسبق بعدم توفر وسائل النقل العمومية بالشكل الكافي، فيما اقتصرت الحركة المرورية ضمن الشوارع على المشاة، وبعض السيارات ممن يمتلك أصحابها مخزوناً سابقاً من البنزين أو الذين يستطيعون شراء المادة من السوق السوداء.

ونقل مراسل “أثر برس” في حلب صورة الوضع الحالي في المدينة، حيث اضطر سائقو سيارات “التاكسي” و”السرافيس”، إلى رفع أجور التنقل بنسب تتراوح ما بين /60/ إلى /80/ بالمئة عن التعرفة المعتادة، فيما لم تعد حركة عمل “التكاسي” تقتصر على توصيلة واحدة، وإنما تجاوزتها إلى حد نقل ثلاث أو أربع توصيلات دفعة واحدة، بهدف خدمة أكبر عدد من المواطنين وأيضاً تحقيق مكسب إضافي يعوض فترة التوقف الطويلة التي يقضيها السائقون على دور التعبئة في محطات الوقود.

ويضطر أصحاب السيارات الراغبين بتعبئة البنزين، إلى الوقوف لأكثر من /10/ ساعات متواصلة على دور التعبئة، وضمن طوابير طويلة تجاوز طول بعضها في عدد من المحطات إلى /3/ كيلومترات، فيما يلجأ بعض سائقي “التاكسي” إلى ركن سياراتهم في الليل والعودة إليها مع حلول الصباح في محاولة لكسب الوقت وحجز دور متقدم على دور المحطة، وفق ما أوضحه “أبو عدنان”، سائق سيارة أجرة، لـ “أثر برس”.

وبالتزامن مع الأزمة الحالية، وصل سعر ليتر البنزين الواحد في السوق السوداء إلى أرقام قياسية غير مسبوق من نحو /7/ أعوام، حيث تراوح سعر الليتر ما بين /600/ ليرة سورية و/700/ ليرة، ولكن الأمر اللافت والذي دعم آراء الحلبيين بمسألة عدم تقصير الحكومة في واجباتها، كان شح المادة لدرجة وصلت إلى حد فقدانها حتى من السوق السوداء، ما يعني أنه وخلافاً للأزمات الماضية، لم يُلحظ أي ظهور يذكر لتجار الأزمات.

ومنذ بدء تفاقم أزمة البنزين في المدينة تدخلت محافظة حلب بشكل مباشر من خلال سلسلة إجراءات غير مسبوقة في باقي المحافظات السورية، وأولى الإجراءات المتخذة تمثلت في تخصيص أيام محددة وتحديد برنامج تعبئة متناوب بين السيارات بحسب الأرقام التي تنتهي بها لوحات السيارات ما بين زوجية وفردية، فيما أتبعت المحافظة هذه الخطوة بخطوة أخرى تمحورت حول تخصيص محطات محددة لسيارات الأجرة مع الإبقاء على باقي المحطات مفتوحة أمام السيارات الخاصة.

بدورها عملت وزارة النفط على الحد من مظاهر الأزمة من خلال تخفيض الكميات المخصصة للسيارات الخاصة إلى /20/ ليتراً كل /5/ أيام، ولسيارات الأجرة إلى /20/ ليتراً كل يومين، ورغم قساوة هذا الإجراء إلا أنه هدف وبالدرجة الأولى إلى “عقلنة” عملية التعبئة وبالتالي تخفيف الازدحامات والاختناقات الحاصلة بما يتناسب مع الكميات التي توزع حالياً على المحافظات السورية.

ويسود التفاؤل بين أوساط الشارع الحلبي حول انحسار موجة الأزمة خلال الأيام القادمة في ظل الإجراءات الحالية سواء المتخذة من قبل وزارة النفط أو من قبل المحافظة، فيما غاب “العتب” من أبناء حلب على الحكومة ليقينهم بأن ما يحدث حالياً هو أمر استثنائي يحتاج إلى تكاتف جميع السوريين للتغلب على محاولات إضعافهم من قبل الدول المعادية.. بحسب ما تم رصده لآراء الحلبيين الذين استقصى “أثر برس” آرائهم خلال الأيام الماضية.

زاهر طحان – حلب

اقرأ أيضاً