خاص|| أثر برس تشهد مدينة حلب بشكل عام، ومحال بيع الحلويات ومطاعم الوجبات السريعة والقهوة بشكل خاص، ارتفاعاً كبيراً على صعيد مختلف الأصناف وخاصة الرمضانية منها، في خطوة أثارت استنكار شريحة واسعة من أبناء حلب، الذين باتوا شبه عاجزين عن شراء تلك الحلويات خلال الشهر الكريم، الأمر الذي كشف عدد من المشتغلين في مهنة صناعة الحلويات عن أسبابه الحقيقة.
وأوضح عدد من “حلوانية” حلب خلال حديثهم لـ “أثر” الأسباب الحقيقية للارتفاع الكبير، منوّهين بأنهم ليسوا بأقل ضرراً من المستهلك، في ظل انحسار حركة البيع والشراء ضمن محالهم، نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الأهالي على الشراء، معيدين أسباب الارتفاع الحاصل إلى “معضلة” الحصول على الغاز الصناعي.
وفي التفاصيل، قال عاملون في مهنة صناعة الحلويات، بأنه وقبل فترة وجيزة، تم إصدار قرار بتوزيع أسطوانات الغاز الصناعي المستخدم محلات صناعة الحلويات والوجبات السريعة والمطاعم، حصراً عبر بطاقة ذكية خاصة تصدر لكل محل وتمكنه بموجبها من الحصول على مخصصاته من الغاز الصناعي، ورغم أن تلك الخطوة لاقت بداية أصداء إيجابية بين العاملين في تلك المهن كونها ستوفر عليهم معاناة الحصول على الأسطوانة، إلا أن الصدمة تمثلت في عدم تمكنهم من الحصول على البطاقة نتيجة وجود شرط “تعجيزي” المفروضة على استخراجها.
الشرط الرئيسي لحصول “الحلوانية” وأصحاب المطاعم على البطاقة، تمثل في ضرورة امتلاكهم لسجلات تجارية وصناعة حصراً، دون أن يتم الاعتراف بالشهادة الحرفية التي يزاولون عملهم بموجبها، علماً أن معظم إن لم تكن كل تلك المحلات العاملة في تلك المهن، لا يمتلكون أي سجل تجاري أو صناعي، كونهم مكلفون بالدرجة الأولى، إلى جانب الفترة الزمنية الطويلة التي يحتاجها الحصول على السجل.
وأفاد عدد من “الحلوانية”، بأنهم حاولوا اللجوء إلى الجمعية الحرفية للحصول على حل لمشكلتهم، إلا أنهم لم يحصلوا على رد حول الموضوع، كون الشخص المعني في إجازة مرضية.
اللافت أن تلك الآلية دخلت حيز التنفيذ الفعلي، بحسب أصحاب المحلات، مع حلول اليوم الأول من شهر رمضان، الذي يمثل الموسم السنوي لذروة عملهم، الأمر الذي أجبرهم على اللجوء إلى السوق السوداء لشراء أسطوانات الغاز الصناعي منها، في ظل منع القوانين وفرضها عقوبات صارمة لاستخدام الغاز المنزلي ضمن المحلات التجارية.
وبدلاً من دفع مبلغ /9500/ ليرة سورية لقاء أسطوانة الغاز الصناعي، وجد المشتغلون في تلك المهن أنفسهم مضطرين لدفع مبلغ يتراوح ما بين /65000/ و/70000/ ليرة سورية، لشراء الأسطوانة من السوق السوداء، في سبيل تسيير أعمالهم ما أمكنهم ذلك، مع الإشارة إلى أن بعض محال بيع الحلويات تحتاج يومين إلى أسطوانتين من الغاز الصناعي لضمان استمرار عملها، ما يعني اضطرارهم لدفع مبلغ يقدر بـ /140000/ يومياً.
يقول صاحب محل شهير لبيع الحلويات، فضّل عدم الكشف عن اسمه، خلال حديثه لـ “أثر”: “الناس تظلمنا بشكل عام وتتهمنا بالتلاعب بالأسعار ويربطون ذلك الأمر بأن أسعار الصرف وأسعار المواد الأولية انخفضت، وهو حقهم بكل تأكيد لأنهم لا يعلمون المعاناة الكبيرة والمبالغ الباهظة التي نضطر لدفعها في سبيل الحصول على أسطوانة الغاز”.
وأضاف بالقول: “رغم كل تلك الظروف، نحاول أنا ومجموعة من أصدقائي العاملين في مجال صنع وبيع الحلويات خلال شهر رمضان، أن نضع هامش ربح بسيط جداً على منتجاتنا في سبيل توفير الحلويات الرمضانية للأهالي بأقل سعر ممكن، وتقديم عروض واسعة على أسعار مختلف المنتجات، إلا أننا نعتبر قلة قليلة مقارنة بالعديد من المحال الأخرى التي ما تزال تضع أسعاراً كاوية دون أن تراعي واقع حال المواطنين، وبالتالي تمكن ولو بنسبة ضئيلة من تحقيق هدفين أولهما كثرة البيع وتصنيع حلوياتنا أولاً بأول، والثاني مساعدة العائلات (الدرويشة) في الحصول على حلوياتها الرمضانية بسعر معقول”.
يذكر أن أسعار الحلويات الرمضانية كانت خيالية في الشهر الجاري، حيث وصل سعر قرص “المعروك” السادة إلى سعر يتراوح ما بين /1500/ و/2500/ ليرة سورية بحسب موقع وشهرة المحل المصنّع، بينما سعر القرص المحشي بالجبنة أو الشوكولا أو “الكاسترد”…، فبات يتراوح ما بين /5000/ و/12000/ ليرة وفق المعايير السابقة ذاتها، بينما ارتفع سعر كيلو “غزل البنات” المحشوة بالفستق إلى ما بين /30000/ و/40000/ ليرة سورية، وكيلو “غزل البنات المغشوش” المحشو بالقشطة والفستق، إلى ما بين /13000/ و/18000/ ليرة سورية.
أيضاً، حافظ سعر كأس القهوة السريعة “الإسبريسو” التي تنتشر محلات وسيارات المشتغلين بها الجوالة في مختلف شوارع حلب، على ارتفاعه السابق الذي سجل خلال فترة ذروة أسعار الصرف، ليتراوح ما بين /500/ إلى /600/ ليرة سورية، للقهوة السادة، فيما يزداد السعر بحسب إضافة “المبيض” أو “الميلو” ليصل في بعض المناطق إلى نحو /1000/ ليرة سورية.
تجدر الإشارة إلى أن الأسعار المذكورة، ما تزال قابلة للتغير بين الحين والآخر بحسب ارتفاع أو انخفاض سعر أسطوانة الغاز الصناعية في السوق السوداء.
زاهر طحان – حلب