خاص|| أثر برس ربطت بعض التحليلات تزامن التسريبات الصحافية الأخيرة التي أفادت بوجود إجماع من قبل حركة “حماس” الفلسطينية لإعادة علاقاتها مع دمشق بعد 10 سنوات من الخلاف، بالتغيرات المتوقعة في المنطقة كالحديث عما يسمى “ناتو شرق أوسطي” جديد بقيادة أمريكية، والذي من المفترض أن تظهر معالمه بشكل أكثر وضوحاً بعد الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جون بايدن إلى الشرق الأوسط في منتصف الشهر المقبل، على اعتبار أنّ الحركة تتلقى الدعم الأكبر في مواجهة “إسرائيل” مع إيران وسوريا.
ويعلق في هذا السياق الباحث والكاتب السياسي الدكتور بسام أبو عبد الله على التحولات التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية وارتباطها بتصريحات “حماس”، بالتأكيد على أنّ “الزيارات الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر والأردن وتركيا ليست إلا إعادة ترتيب لأوراق حلفاء أمريكا في المنطقة، مبيناً أنّ أهم النقاط المتوقع الحديث فيها بين أمريكا وحلفائها هو ما المشروع الذي أُطلق عليه اسم “ناتو شرق أوسطي” لمواجهة محور المقاومة، وموضوع أزمة الطاقة التي حصلت على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذه الملفات أثارت تساؤلاً هاماً جداً لدى قادة حماس، “أين ستكون الحركة من ذلك وأين مصلحتها في المرحلة المقبلة؟”.
لا موقف مُعلن من دمشق تجاه حماس:
إنّ إعلان حماس لم يقابل بأي تعليق حكومي رسمي من قبل دمشق رغم أنّ جهود حلفاء الأخيرة في المنطقة “إيران، وحزب الله”، كانت وفقاً لـ “أبو عبد الله”، حثيثة ومستمرة منذ فترة لإعادة ترتيب علاقات حماس مع دمشق، إذ يرى أبو عبد الله أنّ سوريا تمر حالياً بمرحلة يمكن لها استيعاب الحركة ضمن محور المقاومة رغم مواقفها السابقة، معتقداً في الوقت ذاته أنّ ذلك “لن يكون بالتأكيد كما كانت علاقتها معها بالماضي، ودمشق ربما تطلب أكثر من الاعتذار”، مشيراً إلى أنّ دمشق في أوج خلافاتها مع حماس، لم تقطع الدعم عنها، حيث قدمت عن طريق الحرس الثوري الإيراني لها صواريخ كورنيت “Cornet” (روسية الصنع المضادة للدبابات).
وأضاف أبو عبد الله، اليوم رغم أنّ الرأي العام السوري ليس متحمساً كثيراً لعودة حماس، ولكن السياسة ومتطلباتها تتطلب في مرحلة ما استيعابهم، وقال: “هم حاولوا كثيراً تبييض صفحتهم مع سوريا وهم ليس لديهم مرتكز، تركيا طردتهم بحكم تطور علاقاتها مع إسرائيل وهي مضطرة وطُلب منها أن ترحّل قيادات حماس من إسطنبول وغيرها، وهم مضطرون اليوم للعودة إلى دمشق وإيران لن تدعمهم إن لم يكونوا مع دمشق بمحور واحد”.
حديث عن ناتو “شرق أوسطي” مبالغ فيه:
على خط مواز، كما يرى المراقبون والخبراء فإنّ الحديث عن قوة عسكرية عربية بقيادة أمريكية في منطقة الخليج هو أمر يثير نقطتين رئيستين هما: من سيواجه هذا الناتو؟ أولاً، وما هي مصالح الدول الخليجية مجتمعة من ذلك؟ ثانياً، لافتين إلى أنّ العامين الماضيين شهدا تطوراً ملحوظاً في العلاقات القطرية والإماراتية وكذلك السعودية مع طهران، وهناك ملفات عمل مشتركة وأي ارتباط عسكري ضد إيران سيثير زعزعة أمن واستقرار منطقة الخليج عموماً، حيث يرى الدكتور عبد الله في هذا الصدد، أنّ ما أثير مؤخراً حول مشروع “ناتو شرق أوسطي” جديد في المنطقة بقيادة أمريكية، مبالغ فيه، مبيناً أنّ دول الخليج أساساً ليست موحدة باتجاه هذا الموضوع، وأنّ هناك تفاصيل كثيرة تؤذي دول الخليج وهي ليست بوارد أو ليست قادرة حتماً على مواجهة طهران، معتقداً أنّ سلطنة عمان لن تدخل فيه، وأنّ الكويت كذلك الأمر، مؤكداً أنّ الحلف المذكور، ليس لمواجهة دول محور المقاومة (إيران وسوريا) وكذلك حزب الله فحسب، وإنما ضد روسيا أيضاً ومصالحها في المنطقة، لافتاً إلى إدراك روسيا لذلك الأمر، حيث ظهر ذلك في زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف، طهران منذ يومين، كرسالة تقابل الرسالة التي أراد الرئيس الأمريكي إيصالها لدول الخليج والمنطقة، إضافة إلى ذلك حديث لافروف عن زيارة مستقبلية لبوتين إلى طهران والحديث عن اتفاق تعاون بين البلدين لمدة 20 عاماً أيضاً مسألة مهمة ورسالة واضحة تؤكد عمق المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط.
كما يعتقد أبو عبد الله أنّ الجولة المكوكية التي قام بها ولي العهد السعودي هدفها أيضاً التمهيد لمسألة تسلمه العرش الملكي، فهو بحاجة إلى شرعية دولية، زار تركيا لطي ملف اغتيال الصحافي جمال الخاشقجي مقابل استثمارات سعودية، معتقداً أنّ الرياض ليس بالمطلق أن تسير مع الولايات المتحدة الأمريكية فهي تحاول فتح أقنية جديدة مع دول المنطقة، وأنّ لها مصالح أيضاً مع طهران تتعلق بالملف اليمني.
قصي المحمد