خاص || أثر برس ما تزال الأسعار تسجل ارتفاعاً يومياً وملحوظاً حتى لم يعد ينطبق عليها المثل “ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع”، في واقع جعل من أصحاب الدخل المحدود خارج أي تصنيفٍ أو معيار لتحديد نفقاتهم اليومية.
يقول محمد والذي يعمل موظفاً في محل ألبسة بمدينة حمص لـ “أثر برس”: أحتاج إلى عمل إضافي ثالث، لأتمكن من مجاراة ارتفاع الأسعار الذي يتغير كل يوم، وصدقاً أحتاج إلى عملين آخرين أي 24 ساعة عمل، حتى أطعم أولادي الخمسة، ويضيف: لا يوجد سعر محدد فكل محل يبيع “على كيفه”، ويضع أبو محمد اللوم في ارتفاع الأسعار على عدم وجود ضوابط وقوانين قاسية تلجم جشع التجار، إضافة إلى غياب الأخلاق.
بدورها أم سليمان ربة منزل قالت لـ “أثر برس”: بالنسبة للخضار أحاول أن أجد الأرخص، ويومياً لدي جولة على المحال واشتري ما يناسب دخل زوجي، فالحياة صعبة أما الفواكه فهي للمناسبات فقط، والحمد لله نحاول أن نعيش بما بقي من المونة “حتى يفرجها الله”.
في المقلب الآخر، التجار لا حول ولا قوة لهم ونستطيع أن ننظر إليهم بعين العطف كونهم يتعبون في الكتابة وشغلهم الشاغل تغيير أرقام الأسعار على المواد والتي أغفلها الرقيب، وإن صح الكلام، بات عاجزاً عن حل مشكلة الهوة بين الأسعار المحددة والوهمية.
يقول السمان لطفي من حي الإنشاءات بحمص لـ “أثر”: المشكلة ليست بأصحاب محال بيع المفرق فنحن نضع هامش الربح المحدد، ومن يتحكم بالأسعار يومياً هم تجار الجملة والموردين، لافتاً إلى أنه تعب من تغيير الأسعار بشكل يومي على المواد، ويضيف: “القدرة الشرائية ضعفت كثيراً، وهذا ما يدفع بعض أصحاب المحال إلى زيادة السعر ليوازن أرباحه”، معللاً ذلك بأنه أيضاً يشتري حاجيات منزلية، والتي ارتفع سعرها دون وجه حق.
ولن نشير إلى أسعار المواد في حمص نظراً لتغيرها بين يوم وآخر، واختلاف الأسعار بين المحال والأحياء، الأمر الذي عزاه بعض التجار إلى تغيير سعر الصرف في السوق الموازي.
تجدر الإشارة، إلى محاولات عدة أجراها مراسل “أثر” مع عدد من تجار الجملة، للحصول على تصريح منهم حول آلية التسعير، إلا أن الرفض كان العلامة التجارية المميزة، مع تلميح بعضهم “على الهس” إلى أن المشكلة ليست عندهم بل من “فوق” أي الموردين.
وبالرغم من حملات مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص، لضبط فلتان الأسعار والحد من جشع التجار، ومع رقم المخالفات المرتفع والمتعلق، بعدم الإعلان عن الأسعار والبيع بسعر زائد وعدم تداول الفواتير، إلا أن الكثير من المحال لا تلتزم ولا تضع لائحة أسعار، أو تضع أعلى من التسعيرة في تحدٍ للقرارات، بحجة أن تجار الجملة يرفعون السعر وتجار الجملة يحتجون بتحكم الوسيط والمنتجين وأن السوق عرض وطلب ليبقى الكادح “المعتر” معلقاً على أجنحة الطائرة النفاثة ليسقط في الهوة بين الدخل والأسعار.
أسامة ديوب – حمص