خاص|| أثر برس تشهد أسواق العقارات حالة من الجمود والركود رغم العرض الكبير للشقق السكنية وسط العاصمة دمشق أو ريفها، حيث يقابل هذا العرض قلة الطلب على الشراء بسبب الأسعار الخيالية وانخفاض القدرة الشرائية والدخل المحدود، والقرارات الأخيرة حيث عدلت الحكومة السورية قانون البيوع العقارية وألزمت بسداد مبلغ عبر الحسابات المصرفية بما يعادل نسبة 50 % بالمئة من القيمة الرائجة للوحدة العقارية المبيعة المعتمدة بموجب أحكام القانون رقم 15 لعام 2021م، ورفعت سعر السحب اليومي لـ 25 مليون ليرة سورية.
أسعار الشقق السكنية في دمشق وريفها:
وخلال رصد “أثر برس” لأسعار المنازل في دمشق وريفها من قبل بعض المكاتب العقارية، بين مجد “صاحب مكتب عقاري في جرمانا” أن حركة السوق جامدة وتقتصر الآن على المضطر إما بداعي السفر أو لأمور مادية أو تجار لديهم أكثر من بناء سكني لتسديد الذمم المترتبة عليهم للآخرين، لافتاً إلى أن الأسعار هي ضمن نطاق مرتفع حتى مع وجود هذا الركود بالسوق.
وذكر أن أسعار المنازل في منطقة جرمانا مختلفة حسب المنطقة وطابق الشقة السكنية، فأرخص منطقة هي “الروضة – مزارع” التي تعد ضمن نطاق غير منظم فمنزل مساحته 50 متر يتراوح سعره بين 40-50 مليون ليرة سورية، أما بمنطقة البلدية القديمة أو النسيم فسعر منزل مساحته 50 متر يتراوح بين 80-100 مليون ليرة سورية، أما سعر المتر البناء غير المكسي (العضم) في المناطق المنظمة يتراوح بين مليون ونصف إلى مليونين ونصف ليرة سورية تبعاً للمنطقة.
وبين أن البائع متخوف من هذا القرار الأخير للبيوع العقارية لأنه عندما يريد سحب مبلغ من البنك لا يتم إعطاؤه هذا المبلغ المذكور “25 مليون ليرة سورية” لعدم توفر سيولة، ويتم إعطاؤه المبلغ المتوفر بالبنك، فالكثير من الناس اشتكوا من هذا القرار، مشيراً إلى آثاره السلبية لأنه من الممكن أن يبيع صاحب العقار المنزل بأقل من القيمة الرائجة الموضوعة من قبل لجان المشكّلة لأن هي من ترفع الأسعار، على سبيل المثال في منطقة النهضة الجديدة تم تسعير المتر في الطابق السابع بمليون و300 ألف ليرة سورية وهذه التسعيرة هي التي تؤثر على حركة البيع والشراء.
وأضاف أن ارتفاع تكلفة أجرة الإكساء وأجور عمال البناء (اليد العاملة) هي بازدياد وهي أيضاً تلعب دوراً في ارتفاع الأسعار، موضحاً أن الاستثمار بالسوق العقاري هو للحفاظ على القيمة المالية المتوفرة لدى الشخص بطريقة قانونية بالوقت الحالي لا أكثر من ذلك.
شقة سكنية في دمشق بـ”مليار”:
من جانبه أوضح يعرب “صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة” لـ”أثر” أن قانون البيوع هو موجود من قبل وليس جديد، وتم تعديل المبلغ الواجب دفعه في المصارف إلى 50 % من قيمة الرائجة بدل من 15 % وهذا حسب التضخم وأسعار العقارات الحالية في السوق، فمن الطبيعي أن يكون هناك تعديل بالقانون، موضحاً أن أسعار الشقق السكنية في منطقة المزة تختلف حسب مكان العقار ومواصفاته وبأي طابق وإن كان البناء مخدم، فجميع تلك الأسباب تلعب دور في تحديد سعر المنزل، على سبيل المثال لا يوجد منزل بمنطقة المزة بأقل من مليار ليرة سورية، وبالطبع تختلف الأسعار بحسب المنطقة والخدمات ولكل شيء تسعيرة، بحسب كلامه.
وبين أن وزارة المالية تحدد قيمة الشقق السكنية بحسب لجان مختصة بتحديد أسعار العقارات في المناطق، منوّهاً إلى أن المبلغ الذي سيتم وضعه في المصرف هو حسب السعر الرائج (التخمين) التي تحدده المصالح العقارية، وعلى سبيل المثال هناك شقق يمكن تخمينها بـ300 مليون ليرة سورية حسب المنطقة كما ذكرنا والخدمات فالمبلغ الذي سيتم وضع 150 مليون ليرة سورية في المصرف، وقرار رفع سقف السحب إلى 25 مليون ليرة سورية يومياً سهل هذا الأمر فخلال أسبوع بإمكانه استعادة المبلغ.
ورأى أن هذا القرار إيجابي لصالح خزينة الدولة من خلال حركة الإيداع، لكن هناك تخوف من قبل الناس مثل أي قرار يصدر، مشيراً إلى أنه بظل هذا التضخم الحاصل فهذه المبالغ الكبيرة غير متوفرة (كاش) لدى الناس وهي حكماً موجودة في البنوك فطريقة الدفع الإلكتروني مريحة للطرفين.
كما اعتبر أن الاستثمار في سوق العقارات مربح، لأنه دوما بازدياد وهذه التغيرات لا تغير من قيمة العقار بالعكس فإنه يزداد لأن المتغيرات بارتفاع، فهو ناجح بكل المقاييس ولو كان هناك جمود بسبب التضخم الحاصل فهو لا يعد خسارة لكن هامش الربح انخفض عن السابق.
القرار سيء وانعكاساته خطيرة:
بدوره، بين الخبير العقاري الدكتور عمار يوسف لـ “أُثر برس” أن هذا القرار سيء للغاية وهو محاولة من قبل الحكومة السورية لتعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني وسحب السيولة من السوق، موضحاً أن هذا القرار جميع تأثيراته سلبية على المواطن وحتماً سينعكس على الحركة الاقتصادية بكافة أشكالها.
المواطن المتضرر الأكبر:
كما أوضح أن جميع المواطنين سيتجهون لرفع الدعاوى القضائية في أروقة المحاكم ليتم فراغ الشقق السكنية عبرها، وليس بشكل مباشر كما كان سابقاً وهذا سيؤدي لإغراق المحاكم بآلاف الدعاوى غير اللازمة، لافتاً إلى أن هذا الموضوع سيزيد من تعقيد الأمر لأن أي عملية بيع أو شراء ستتم إما عن طريق المحاكم أو المالية أو الطابو وهو مؤشر خطير جداً لأننا لا نملك البنية التحتية اللازمة، واصفاً “القرارات الصادرة بأنها غير المدروسة بشكل جيد، وأن المواطن فأر تجارب وهو المتضرر الأكبر”.
التداول العقاري فاشل:
وأضاف يوسف أن هذا القرار سيزيد من جمود حركة سوق العقارات لأنه تم رفع قيمة المبلغ الواجب سداده في الحساب المصرفي 50 بالمئة من القيمة الرائجة للوحدة العقارية المباعة المعتمدة بعد أن كانت في السابق 15 بالمئة بحسب القانون رقم 15 لعام 2021، تزامنا مع رفع سقف السحب إلى 25 مليون ليرة، وعلى سبيل المثال: اليوم سعر شقة سكنية مليار ليرة سورية، يجب وضع 500 مليون ليرة سورية في أحد المصارف/ وبحسبة صغيرة إن كنت سأذهب يومياً وأسحب 25 مليون ليرة سورية فهذا يعني أنني بحاجة لشهر حتى أسترد كامل المبلغ، مشيراً إلى أن قيمة العملة السورية مقابل الدولار الأمريكي متغيرة بشكل مستمر وهذا يعني أن القيمة الشرائية للمبلغ المجمد خلال هذه المدة الزمنية يختلف عن قيمته بعد شهر عند سحبه وهذا ما يؤدي إلى فشل بحركة البيع والشراء أي أن التداول العقاري بين البائع والمشتري فاشل .
وختم يوسف حديثه بالإشارة إلى أن ثقافة (الكاش) هي السائدة في مجتمعنا وليس ثقافة البنوك كما أننا لا نملك البنى التحتية التي ستساهم في هذه العملية، مضيفاً أن انخفاض القدرة الشرائية للمواطن هي المشكلة الرئيسية وليس ارتفاع الأسعار.
لمى دياب – دمشق