فاجئت المملكة العربية السعودية شعبها بالدرجة الأولى بالتغييرات الاجتماعية التي طرحتها كالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وتطور الأمر فيما بعد لينتقل إلى فسح المجال للاختلاط بين الرجال والنساء بالمقارنة بما اعتاد عليه السعودييون في السابق، الأمر الذي أثار ردات فعل سلبية جداً في الشارع السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي، وصرّح بعدها الملك سلمان بأن حدود السعودية ستكون عنان السماء، حسبما نشرت صحيفة “الإندبندنت”.
لكن الصدمة الكبرى كانت باعتقال الأمير وليد بن طلال الذي يعتبر من أغنى رجال الأعمال في العالم والمالك لمعظم الشركات العالمية والملقب باسم “قيصر المال”، حيث يملك حصص في شركات أبل وتويتر إضافة إلى شركة المملكة القابضة.
وبما أن الأمر يستحق التحليل فوسائل الإعلام الغربية سارعت مباشرة إلى تفسير هذه الخطوة بأنها تهدف إلى فرض سيطرة محمد بن سلمان على المملكة، لكن الملفت للنظر أيضاً أن البورصات العربية جميعها شهدت هبوطاً ملحوظاً بعد اعتقال ابن طلال صاحب بورصة “القابضة”، التي تتمتع بثقل مميز في الاقتصاد العربي، الأمر الذي تسبب بصدمة كبيرة للمستمثرين العرب خصوصاً في الكويت والإمارات وقطروالأردن، في ذات الوقت التي تتحدث فيه السعودية عن ضرورة الارتقاء بالمستوى الاقتصادي السعودي.
ولا نستطيع إغفال علاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتقال بن طلال، اللذين كانا قبل أسبوعين فقط في حالة اصطدام حاد فيما بينهما، كما أن الأمير المحتجز كان قد قال في تغريده له على موقع “تويتر”: “إن ترامب عار على أمريكا كلها”.
وبعد ساعات من اعتقال قيصر المال والعشرات من المسؤولين ورجال الأعمال، انتشر خبر وقوع طائرة نائب أمير منطقة عسير الأمير منصور بن مقرن، ومعه أمين أبها ومسؤولين آخرين، دون أي تصريح عن سبب السقوط، لا من الناحية الفنية ولا السياسية ولا غيرها، فهل كل هذا جاء صدفة؟.
فيبدو أن السعودية لم تكن موفقة في النقلة النوعية التي طال الحديث عنها من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فحتى مشروع “نيوم” الذي ضجت به الصحف العربية اعتبره باحثون غربيون أنه فاشل سلفاً، حيث قال الزميل الأول في معهد “راجاراتنام” للدراسات الدولية “جيمس دورسي”: “إن قراءتي هي أن المستثمرين الرئيسيين يثيرهم ما يحدث في السعودية ولكنهم غير مقتنعين بعد، ويريدون وضع أموالهم في شرايينه، كما أن العديد من المشاريع الكبرى التي أطلقتها السعودية، لم تطبق ولم يكتب لها النجاح، وربما تجارب السعودية مع المشاريع الكبرى، كانت إلى حد ما فاشلة”.
أما الآن وبعد كل هذه الأحداث التي حصلت خلال أقل من شهر، هناك عدة تساؤلات تشغل كل ذهن عربي مراقب لما يحدث، هي: ماذا يريد بن سلمان؟ هل يحاول حماية وجوده من انقلاب سياسي مثلما توقع العدديد من المحللين؟، هل يمكننا اعتبار توالي جميع هذه الأحداث مجرد صدفة؟، لكن ما نستطيع استخلاصه هو أن بالرغم من محاولات السعودية بالتطور الاجتماعي والاقتصادي، لكنها من الواضح أنها غي موفقة فعلى المستوى الاجتماعي فالشعب السعودي بأغلبيته العظمى غير راض، وعلى المستوى الاقتصادي الباحثون أكدوا الفشل لهذه المشاريع، أما على المستوى السياسي فالحكومة السعودية باتت محور دوران الشكوك.