خاص || أثر برس اختتمت ليلة الخميس سلسلة النشاطات الرمضانية الترفيهية التي تقيمها غرفة سياحة المنطقة الشمالية في خان الوزير الأثري في حلب القديمة تحت مسمى “مهرجان الليالي الرمضانية”، برعاية من وزارة السياحة ومحافظ حلب حسين دياب.
فبعد عام كامل من توقف الخان الأثري الذي كان يعتبر من أهم الخانات التجارية الأثرية الواقعة في محيط قلعة حلب، عادت الحياة لتضج مجدداً بين جنبات خان الوزير، من خلال تجديد غرفة سياحة المنطقة الشمالية للفعاليات التي كانت بدأتها في رمضان العام الماضي، في محاولة منها لاجتذاب أبناء حلب وإعادتهم إلى أجواء العراقة والتاريخ التي تتميز بها مدينتهم، الأمر الذي لاقى نجاحاً كبيراً من حيث الإقبال الجماهيري منذ اليوم الأول لانطلاقة المهرجان في اليوم الرابع من شهر رمضان المبارك الجاري.
وتضمنت الفعاليات اليومية للمهرجان، عدة نشاطات تبدأ بفقرة ثقافية تحمل عنوان “اكتشف سورية” يتم فيها التعريف بشكل يومي عن أحد المواقع الأثرية في مدينة حلب عبر مشاهد وصور تُعرض على شاشات إسقاط كبيرة، يقدمها عدد من الأدلاء السياحيين المعتمدين في حلب، كما تضمنت نشاطات المهرجان فقرات غنائية يقدمها نخبة من الفنانين الحلبيين، إلى جانب مسابقات ترفيهية وعروض رقص تراثية حلبية.
وبيّن طلال خضير رئيس غرفة سياحة المنطقة الشمالية خلال حديثه لـ “أثر برس”، بأن الغرفة أرادت من إقامة المهرجان بالدرجة الأولى تسليط الضوء على خان الوزير الذي يعتبر من أهم الصروح الأثرية والاقتصادية في مدينة حلب، وأيضاً إرسال رسالة ودعوة للمغتربين السوريين وخاصة أبناء حلب للعودة إلى مدينتهم والمشاركة في إعادة إعمارها”، لافتاً إلى أن ريع المهرجان بالكامل كان لأسر ضحايا الحرب.
وعما يتميز به مهرجان العام الحالي، قال رئيس غرفة سياحة المنطقة الشمالية بأن: “مهرجان العام الحالي تم تنظيمه بشكل أكبر وأفضل، والفقرات الثقافية المقدمة تمت دراستها بعناية فائقة، وفي الوقت ذاته فالخان كان مهملاً طيلة العام الماضي ما جعل من وضعه يسوء بشكل كبير ولذلك بذلنا جهوداً كبيرة لإعادة تأهيله وتنظيفه كي يكون لائقاً، إضافة إلى مسألة تقديم الريع لأسر ضحايا الحرب”.
من جانبها قالت “سونيا كابرئليان”، دليلة سياحية قطرية معتمدة، لـ “أثر برس”، بأن الفقرات الثقافية التي يقدمها الأدلاء السياحيون خلال أيام المهرجان تتضمن معلومات عن مواقع هامة قد تكون معلومات أهميتها وتاريخها وقيمتها غامضة حتى الآن بالنسبة لأبناء مدينة حلب، مشيرة إلى أن عمليات اختيار المواقع الأثرية تتم بحسب رؤية الدليل السياحي الذي سيقدمها، انطلاقاً من إيمان الأدلاء بضرورة أن يعرف الحلبيون قيمة مدينتهم وتاريخها العريف من مختلف الجوانب الدينية والتاريخية والثقافية والطبية، وتاريخ التعايش والتسامح الكبير الذي يحفل به تاريخ سورية بشكل عام.
وأشاد عمر طباخ، وهو أحد الزوار خلال حديثه لـ “أثر برس”، بالأجواء التراثية والعائلية الجميلة التي يتميز بها هذا المهرجان، مؤكداً أن النجاح والإقبال الكبير الذي يلاقيه المهرجان جاء في ظل التعطّش الكبير من قبل أبناء حلب للعودة إلى الجلوس بين جنبات حلب القديمة والتي كانوا حرموا منها لسنوات طويلة نتيجة ظروف الحرب، ولذلك فإن فكرة حضور المهرجان استهوت المئات من الأسر الحلبية بعيداً عن الأجواء الصاخبة الغربية الحديثة الموجودة في معظم مقاهي مدينة حلب.
وأكدت هيما قباني، من زوار المهرجان، بأنها لم تفوت يوماً واحداً من أيام المهرجان منذ يومه الأول، نظراً لأجوائه التراثية المحببة التي تمثل رمزية خاصة لأبناء مدينة حلب المتعلقين بمدينتهم وتاريخها العريق.
وتجاوز معدّل الحضور الجماهيري اليومي للمهرجان، حسب ما أفاد به رئيس غرفة السياحة طلال خضير، الـ /400/ شخص معظمهم من العائلات الحلبية العريقة، فيما شهدت بعض الأيام حضوراً جماهيرياً فاق الـ /600/ شخص، بمعدل إجمالي تقريبي تجاوز الـ /10/ آلاف زائر.
كما قدمت غرفة السياحة عدة أجنحة لأصحاب المهن والحرف اليدوية كسوق تراثي مصغر يمارس المشاركون فيه أعمالهم أمام الزائرين لاطلاعهم على المهن اليدوية القديمة في حلب وعراقتها، في حين يتم تقديم الخدمات للزوار من مشروبات وتسالي بأسعار مخفضة ومدروسة.
ويعتبر خان الوزير من أهم المعالم الأثرية في مدينة حلب، كونه من الخانات الواقعة على طريق الحرير قديماً ولطالما كان مقصداً للحركة التجارية العالمية، فيما يشتهر الخان بجدرانه الأثرية التي تعتبر من أهم دلائل التسامح الديني الذي تشتهر به سورية منذ القدم، كونها تضم نقوشاً متجاورة لمئذنة ومذبح ونجمة سداسية في إشارة إلى أن الخان كان يحتضن أبناء مختلف الديانات من مسلمين ومسيحيين ويهود.
زاهر طحان – حلب