تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية أن إيران هي المسؤولة عن الهجمات التي تعرضت لها قواعدها شرقي وجنوبي سوريا بالمسيّرات والصواريخ، وذلك بالرغم من نفي الخارجية الإيرانية أنها مسؤولة عن هذه الاستهدافات، لكن بالنتيجة فإن هذه الاستهدافات تبعها إعلان الدفاع الأمريكية عن وضع قواتها في سوريا والعراق بحالة تأهُّب، وسط توقعات بتصاعد هذه الاستهدافات أكثر في الأيام القادمة.
التقارير الأمريكية والعبرية أكدت أن الاستهدافات للقواعد الأمريكية في سوريا تأتي رداً على الغارات “الإسرائيلية” التي تستهدف مواقع في سوريا، حيث أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مؤخراً بأن ” المحور الذي تقوده إيران قرر قصف القواعد الأمريكية رداً على الضربات الجوية الإسرائيلية من أجل تجنّب الحرب”، وذلك بعدما ذكر موقع “المونيتور” الأمريكي تقريراً يؤكد أن بعض القواعد الأمريكية في سوريا تزود “إسرائيل” بمعلومات استخباراتية وعسكرية لشن ضرباتها على مواقع سورية، فيما أجمعت التحليلات على أن هناك مخاوف من تصاعد هذه الهجمات، حيث نقلت الصحيفة الأمريكية المذكورة عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم على أن “الضربات المتتالية في آب أكثر تعقيداً من الهجمات السابقة ونخشى أن يأتي المزيد”.
صحيفة “النهار” اللبنانية نشرت مقالاً أشارت خلاله إلى أن هذا التصعيد ضد القواعد الأمريكية مرتبط بتوافق روسي-إيراني-سوري، حيث نقلت عن الباحث في الشؤون السورية وليد جوبلي، قوله: “إن مصلحة إيرانية – روسية مشتركة تتصاعد يومياً بشأن الضغط على الولايات المتحدة لإخراجها من الملف السوري، وأن هذه الضغوط الأمنية والعسكرية على القواعد العسكرية الأمريكية هي الأداة لذلك”، مؤكداً أن “الوجود العسكري الأمريكي شرق الفرات يعني فعلياً أن أي حل سياسي سوري لن يجد إمكاناً للتطبيق من دون موافقة مباشرة من الولايات المتحدة”، وتابع: “إيران بدورها تعرف أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتحمل الكثير من الضغوط في سبيل البقاء إلى ما لا نهاية في الداخل السوري، خصوصاً أن قوات سوريا الديموقراطية، الحليف العسكري والسياسي الوحيد للولايات المتحدة في سوريا، لا تستطيع أن تواجه الضغوط العسكرية التركية عليها مطولاً، الأمر الذي قد يؤدي إلى قرارات أميركية شبيهة بما اتخذته بشأن أفغانستان”، وقالت في هذا الصدد الباحثة في “مركز الفرات للدراسات” سلمى بلباسي: “الأهم في الأمر هو الترتيبات السياسية الثلاثية الجديدة المتوافق عليها بشأن سوريا، بين روسيا وإيران وتركيا، والتي تتقصد إيجاد توافقات بين الحكومتين السورية والتركية”، وفقاً لما نقلته “النهار”.
كما اتفقت صحيفة “الأخبار” اللبنانية مع وجهة النظر التي طرحها كل من جوبلي وبلباسي، حيث نشرت “الأخبار” مقالاً للصحفي أيهم مرعي، أشار خلاله إلى أن “البنتاغون أعلن وضْع قواته في سوريا والعراق في حالة تأهُّب، في إشارة إلى إمكانية تصاعُد الهجمات ضدّها في هذين البلدَين”، مشيراً إلى أنه “لعلّ ممّا يعزّز مخاوف واشنطن في هذا السياق، هو أن المجموعات المقاتِلة التي اعتادت أن تستهدف محيط القواعد الأمريكية بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية، من دون إلحاق أضرار مادية كبيرة بالقواعد نفسها، تعمّدت باستهداف آب إسقاط كافّة الصواريخ على مقرَّي القاعدتَين، بهدف إحداث أكبر ضرر ممكن فيهما، والتأكيد أن الاستهدافات التالية ستصيب مباشرة تلك المواقع، من أجل مضاعفة الضغط العسكري على الأمريكيين، وربّما يعكس الإعلان الأمريكي وصول معلومات استخبارية عن احتمال التصعيد عسكريّاً ضدّ قواعد التحالف في كلٍّ من سوريا والعراق، في ظلّ توافق سوري – روسي – تركي – إيراني، على ضرورة خروج الأمريكيين من سوريا”.
وأضاف مرعي أنه “يُتوقّع أن يتوازى التصعيد الميداني ضدّ الأمريكيين في دير الزور والحسكة، مع زيادة في عدد الغارات الروسية على التنف، واستهداف مقرّات جيش مغاوير الثورة المدعوم من واشنطن، ما سيشكّل بدوره عامل ضغط إضافيّاً على الأمريكيين، ويأتي ذلك في وقت ذكرت وسائل إعلام روسية أنه تمّ رصْد تحرّكات للإرهابيين على شاحنات صغيرة تحمل هاون، استهدفت دورية مشتركة سورية – روسية، ما أدّى إلى استشهاد جندي سوري وتعطُّل عربة مصفّحة روسية، وبحسب المصادر، فإنه نتيجة الدعم الأميركي للإرهابيين في منطقة التنف، زاد نشاطهم الإرهابي أخيراً، واستهدفوا بطائرة مسيّرة مذخّرة نقاطاً للجيش السوري في البادية، ما أدى إلى إصابة جنديَّين بجروح”، وفقاً لما نقلته “الأخبار” اللبنانية.
التحليلات التي نشرتها التقارير الأمريكية والعربية تتوافق مع وجهات النظر التي تؤكد أن سوريا لم تعد ضمن أولويات الرئيس الأمريكي جو بايدن، وكذلك من شأنها أن تجدد الدعوات الأمريكية المطالبة بتبرير الوجود الأمريكي العسكرية وتعريضه للخطر خارج الأراضي الأمريكية.