تصعيد لافت شهده جنوب لبنان، وسط مناشدات من المجتمع الدولي التي تطالب بالتهدئة، باعتبار أن الأوضاع في الشرق الأوسط لا تتحمل تصعيد جديد، مشيرين إلى أن التصعيد في جنوب لبنان في هذه المرحلة لن يبقى مقتصراً على لبنان وسينتقل بسرعة قصوى إلى الجوار وسوريا ستكون بالمرتبة الأولى.
الصحف العبرية والعربية والأجنبية اهتموا بخلفيات هذا التصعيد والعبرية منها اهتموا بنقل تحليلات مسؤوليهم، كاشفين عن أن “إسرائيل” غير مستعدة هذه المرحلة للتصعيد مع حزب الله، وذلك في الوقت الذي يجيب فيه الأخير عند الحديث عن احتمال تصعيد بقوله: “سنرى الأيام القادمة ماذا سيحدث؟” وفقاً لما ورد على لسان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
رئيس تحرير جريدة “جيروزاليم بوست” يعقوب كاتس أكد أن الـ24 ساعة المقبلة ستكون حاسمة وقال:
“إن المؤشرات هي أن إسرائيل ستسعى لاستيعاب التصعيد مع حزب الله لكن هناك دائماً مخاطر بطريقة رد الجيش (إذا قرر ذلك)، لأن ذلك سيدفع حزب الله للرد مجدداً، وقول الناطق باسم الجيش بأن حزب الله مردوع كان غبياً. وعلى الجيش وقف اعتبار أن الصواريخ التي تسقط في أراض مفتوحة لا تُحتسب”، وتابع “كاتس” “حزب الله يسعى لتحقيق معادلة جديدة مع إسرائيل وعلى وزير الأمن بني غانتس أن يحرص على ألا يحصل هذا الواقع، وهذا سيعتمد على رد الجيش الإسرائيلي ورد حزب الله على الرد الإسرائيلي”.
ونشرت صحيفة “معاريف” العبرية مقالاً لمراسلها العسكري “تال ليف رام” قال فيه: “إن إسرائيل سترتكب خطأً فادحاً إذا حاولت التقليل من خطورة الرسالة التي نقلها حزب الله، فالأخير أوصل رسائل تحمل مدلولات استراتيجية وتطوراً خطيراً، تدل على أن إطلاق الصواريخ سيتكرر في المرحلة المقبلة” كاشفاً أن “حزب الله قرر قصف منطقة تنتشر فيها المواقع العسكرية”.
وأكد المراسل العسكري أن “الحرب مع لبنان ليست من مصلحة (إسرائيل) في هذه المرحلة، وفي المقابل لا يمكن قبول تحول المنطقة الشمالية لخط مواجهة، فعال كما يحدث على الحدود مع غزة”.
ونشرت الصحيفة ذاتها مقالاً للخبير في الشؤون العسكرية الإسرائيلي “ألون بن دافيد” قال فيه:
“الجيش الإسرائيلي، يفهم أن شيئاً ما تغير جذرياً، وفي لبنان كذلك، كان مقلقاً مشاهدة الشريط المسجل عن سقوط الصواريخ في “كريات شمونا”، وعلى السكان أن يفهموا بأن الواقع تغير هذه السنة، بعد 15 عاماً من الهدوء الرائع، والنار التي أطلقت من لبنان نحو كريات شمونا مثل سابقتها، لم تكن بمبادرة حزب الله أو بتشجيعه، وهذا الحدث لا يرتبط بالتغييرات في إيران ولم يقع بإلهام منها، ونظراً لغياب الدولة اللبنانية بحسب ابن دافيد، في هذه الأوقات بسبب الأزمات الداخلية، قد تقرر إسرائيل عدم العمل في هذه اللحظة ضد أهداف لبنانية”.
ونشرت “رأي اليوم” اللندنيةآراء لمحللين قالوا فيها: “من المتوقع أن تلجأ إسرائيل للتهدئة في حال شعرت بأن الأوضاع تفلت من يدها وتذهب نحو حرب جديدة، قد تكون ثقيلة جداً على رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، رغم كل التهديدات التي أطلقها قادة الجيش خلال الأسابيع الماضية بالجهوزية والاستعداد لشن حرب طاحنة مع حزب الله”.
وفي “نيويورك تايمز” الأمريكية جاء:
“حزب الله والجيش الإسرائيلي أرسلا مؤشرات بأنهما غير راغبين بتصعيد درامي أو وشيك، وظهر أنهما يحاولان سحب فتيل التوتّر.. لـ”حزب الله” حساباً مفتوحاً مع إسرائيل بما أنه يريد الانتقام لمقتل أحد عناصره في سوريا السنة الماضية بفعل غارة إسرائيلية”.
اليوم عاد الهدوء إلى جبهة جنوبي لبنان، الأمر الذي يرجّح رواية أن ما جرى لم يتعدى رسائل نارية وأن “إسرائيل” غير راغبة هذه المرحلة الدخول بحرب واسعة، حسب مراقبون، لأنها تعلم تماماً أن الحرب مع حزب الله لا تعني حزب الله فقط بل محور المقاومة بشكل عام، لذلك فإن هذه الحرب تحتاج إلى قرار دولي، وكذلك حزب الله لن يبادر هذه المرحلة بحرب لكنه سيكون مستعداً للرد دوماً.