خاص|| أثر برس في ظل استمرار تركيا بتأكيدها على نيتها بشن عملية عسكرية شمال شرقي سوريا بذريعة حماية الأمن القومي التركي من خطر التنظيمات المسلحة المنخرطة ضمن صفوف “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، تدعو الأخيرة الدولة السورية إلى حماية حدودها الشمالية، معربة عن استعدادها للتنسيق مع الدولة.
وسبق أن قال القائد العام لـ “قسد” مظلوم عبدي في لقاء أجراه مع قناة “روناهي” الكردية: “المطلوب من الدولة السورية هو أن تكون صاحبة موقف، لأنه في النهاية جزء من الأرض السورية يتعرض للهجمات والاحتلال”، مؤكداً أنّ روسيا وعدت مسبقاً بأنها لن تقبل بتعرض مناطق سيطرتها في سوريا لهجوم تركي، محذّراً من عواقب الهجوم التركي والفوضى التي قد تحصل في سوريا ودول الجوار.
ويرى الخبراء أنّ تصريحات مسؤولي “الإدارة الذاتية”، وخاصة ما قاله عبدي مؤخراً، لم تكن جدّية إطلاقاً ومتكررة وما حصل خلال السنوات السابقة يؤكّد ذلك ولو كانت حقيقية لكانت المعادلة تغيرت على الأرض منذ عام 2019 واستطاعت الدولة السورية نقل المعركة من مستوى إلى آخر، مؤكدين أنّ المماطلة والمساومات والابتزازات التي يحاول مسؤولو “الإدارة الذاتية” التفنن في اللعب بها ساهمت في احتلال الكثير من المناطق السورية من قبل تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، ويعتقد في هذا السياق الكاتب والمحلل السياسي مهند حاج علي أنّ تصريحات عبدي لم ترتقِ إلى مستوى التنفيذ وهي غير جادة، حيث قال في تصريح لـ”أثر”: “عندما تقدم الجيش التركي لاحتلال مدينة عفرين في 2018 قام الجيش العربي السوري بتقديم السلاح والدعم لوحدات الحماية الكردية لتدافع عن الأرض وكان الجيش حينها مشغول جبهتي إدلب والغوطة وتقدمت وحدات الدفاع الشعبي من مدينة حلب لمؤازرتهم ولكن للأسف لم يصمدوا إلا لعدة ساعات وتركوا أسلحتهم الثقيلة والخفيفة وفروا”.
وأكّد أنّ الحكومة السورية سبق وأنّ أجرت مفاوضات سياسية مع مسؤولي “الإدارة الذاتية” لرفع العلم السوري فوق المؤسسات الحكومية في عفرين لكن قسد حينها رفضت ذلك”، مبيناً أنّ لو حصل ذلك لكانت المعادلة قد تغيرت منذ سنوات وتم سحب الحجة من يد تركيا وتحول الصراع من صراع مع دولة تدعي أنها تحمي أمنها القومي إلى دولة تعتدي على دولة جارة وهذا يدين تركيا أمام المجتمع الدولي ولكن هذا لم يحصل.
ورأى الحاج علي أنّ تصريحات عبدي، قد تهدف أيضاً إلى ابتزاز الأمريكان لضمان استمرار دعمهم، مشيراً إلى أن “عبدي يخاطب الدولة السورية كحاكم إقليم وهذا أمر مرفوض من قبل دمشق والحل الوحيد أمام الإدارة الذاتية هو تسليم مناطق سيطرة قسد للدولة السورية وهذا سيدفع أردوغان إلى إلغاء العملية”.
وحول احتمال تنفيذ أنقرة لتهديداتها وشن عملية عسكرية شمال شرقي سوريا لا سيما في المناطق التي سبق أن حددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهما منبج وتل رفعت، يعتقد الخبراء أنّ تركيا دائماً تضع الاحتمالات في تنفيذ أيّ عملية عسكرية وأنّ تحديد مدينتي تل رفعت ومنبج كهدف أولي وليس نهائي للعملية، لافتين إلى أن تركيا لديها مطامع كثيرة في الجغرافية السورية، خاصة في منطقة عين دارو شمال شرقي البلاد، إلا أنّ تحديده لمناطق في غرب الفرات (منبج شمال شرقي حلب، وتل رفعت شمالي حلب) هو محاولة للملمة الوضع الداخلي وكسب ورقة لصالحه في الانتخابات المقبلة وإيجاد حل لمسألة اللاجئين السوريين، حيث يتفق في هذا الإطار كلٌّ من الحاج علي واللواء محمد عباس بأنّ “أردوغان محرج ويحتاج إلى ورقة للوقوف بها بوجه المعارضة التركية وهو بحاجة إلى نقل المهجرين السوريين إلى الشمال السوري أهمها إجراء عملية تغيير ديموغرافي والتخلص منهم لأن حركة تململ منهم بدأت تظهر في الشارع التركي وهذا يحرج موقفه في الانتخابات”.
وأضاف اللواء عباس في تصريح لـ “أثر”: “هناك أيضاً مؤشر للعملية التركية وهو امتصاص نقمة الشارع الذي يواجه التحديات اقتصادية وصعوبات مالية وترتبط بالتضخم ودور المعارضة التركية التي بدأت تسلط الضوء بوضوح على الفشل الاقتصادي والسياسي الذي صنعه أردوغان وبات ينعكس على الشارع التركي”.
يشار إلى أن الرئيس بشار الأسد، أكد في معرض حديثه عن العملية التي تهدد بها أنقرة شمال شرقي سوريا، أنه في حال حدث أي غزو للأراضي السورية فإن دمشق مستعدة لمواجهته على الصعيدين الرسمي والشعبي، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن وصول تعزيزات عسكرية ضخمة للجيش السوري إلى نقاط في تل رفعت ومنبج.
قصي المـحمد