خاص – أثر برس
تشهد المنطقة الشرقية من سوريا تطورات سريعة ومرتبكة من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” في محاولتها السيطرة على ما تبقى لتنظيم “داعش” على الضفة الشرقية لنهر الفرات في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، ومع تسريبها عن معلومات عن وجود مفاوضات مع التنظيم لنقل مسلحيه إلى البادية السورية مقابل الحصول على “رهائن من جنسيات متعددة”، تسري حالة من الهدنة غير المعلنة مع “داعش”، يحاول الأخير الاستفادة منها للفرار عبر نهر الفرات إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية غرب نهر الفرات في طريقه للوصول إلى البادية السورية.
ميدانياً.. ماذا يجري؟
تقول مصادر ميدانية في حديثها لـ “أثر برس”، أن مجموعات تابعة لتنظيم “داعش” حاولت التسلل عبر نهر الفرات باتجاه الطرف الشرقي من مدينة “البوكمال” في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، وتركزت محاولات التسلل باتجاه منطقتي “الكتف – بساتي حج عاصي”، مشيرة إلى أن القوات السورية المنتشرة في المنطقة، تعاملت بشكل سريع مع محاولات التسلل التي وقعت خلال اليومين الماضيين ما أدى لوقوع خسائر كبيرة في صفوف المتسللين.
وبحسب المصادر نفسها، فإن “داعش” الذي بات محاصراً في بقعة جغرافية ضيقة جداً على الضفة الشرقية لنهر الفرات، يستفيد من حالة الهدنة غير المعلنة مع “قوات سوريا الديمقراطية” بعد أن استسلم العدد الأكبر من مسلحي التنظيم قبل أن يتم نقلهم مع عوائلهم إلى “مخيم الهول” في ريف الحسكة الشرقي، ما تسبب بمشكلات إنسانية في المخيم الذي يعاني أصلاً من نقص المواد الأساسية والطبية.
ويحاول التنظيم إشغال القوات السورية من خلال تنفيذه هجمات على نقاطها جنوبي مدينة “الميادين” وقرية “بقرص تحتاني” ينطلق فيها من الجيوب الصغيرة التي يمتلكها في عمق البادية السورية، وتؤكد المصادر الميدانية في حديثها لـ “أثر برس”، أن هذه الهجمات المحدودة لا يمكن أن تحدث أي تبدل في خارطة السيطرة، ويبدو واضحاً أن التنظيم يحاول فتح ثغرة تربط ما بين نقاطه الأخيرة على الضفة الشرقية لنهر الفرات من جهة، والجيوب المتفرقة التي ينتشر فيها التنظيم في عمق البادية السورية.
ومقابل تحركات “داعش” الذي يحاول الخروج من “عنق زجاجة شرق الفرات”، تؤكد المصادر الميدانية أن النقاط التي تنتشر فيها القوات السورية في البادية الجنوبية لمحافظة دير الزور محصنة بشكل يمكنها من صد أي نوع من هجمات التنظيم، كما تم نقل تعزيزات عسكرية إلى النقاط الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات شرقي مدينة “البوكمال” لصد أي محاولة للتسلل عبر النهر، في حين كان الحشد الشعبي العراقي قد عزز كامل نقاطه في الأراضي العراقية المقابلة للنقاط التي تقابل مناطق انتشار “داعش” الأخيرة.
وما يزال تنظيم “داعش” ينفذ هجمات انغماسية في عمق المناطق التي تنتشر فيها “قوات سوريا الديمقراطية” في شمال وشمال شرق سوريا بحماية من قوات “التحالف الدولي”، الأمر الذي يتسبب بخسارة “قسد” لعدد من عناصرها وسط تكتم شديد على حجم هذه الخسائر، وكان آخر هذه الهجمات، ظهر يوم السبت، حيث تقول مصادر ميدانية كردية لـ “أثر برس”، أن التنظيم نفذ هجوماً انغماسياً على محيط “حقل العمر” النفطي من جهة المدينة العمالية، وبدأ الهجوم بتفجير ثلاث دراجات نارية مفخخة، ومن ثم تدخل الطيران المروحي الأمريكي في صد الهجوم قبل أن تفر مجموعة من “داعش” إلى داخل بلدة “الطيانة”، ونتيجة للاستهدافات الأمريكية لمجموعة من المنازل السكنية في القرية قضى 3 من المدنيين.
مفاوضات أم مجرد مناورات سياسية؟
مصدر كردي مقرب من “مجلس سوريا الديمقراطية”، فضل عدم الكشف عن اسمه، أكد أن قيادة ما أسماه بـ “التحالف الأمريكي” هي من تتحكم بمصير المتطرفين الفرنسيين الذين استسلموا خلال صفقة الضفة الشرقية لنهر الفرات الأخيرة، والتي من المرجح أن تنهي وجود التنظيم في المناطق الواقعة بريف دير الزور الجنوبي الشرقي بشكل نهائي.
وبيّن المصدر في حديثه لـ “أثر برس”، أنه من المحتمل وجود حوالي 160 فرنسياً من أعمار مختلفة في سجون متفرقة تابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” وبإشراف القوات الأمريكية، ومن المحتمل أن يتم نقلهم خلال المرحلة القادمة إلى قاعدة “عين الأسد” الأمريكية في العراق ليصار إلى ترحيلهم إلى بلدهم الأم من قبل القوات الأمريكية.
المصدر قال أيضاً إن ثمة حوالي 800 شخص من جنسيات مختلفة في “مخيم الهول” بعد أن تم نقلهم خلال الفترة الماضية من ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، مشيراً إلى أنهم جميعاً من مسلحي “داعش” وعوائلهم، ومن المقرر أن تخاطب “قوات سوريا الديمقراطية” عبر “التحالف الدولي” دولهم الأم ليتم تسلمهم بشكل رسمي، في ظل ترويج بعض التقارير الإعلامية معلومات عن وجود “مفاوضات” بين “داعش” و”قسد” حول تسليم التنظيم لكل من الأب الإيطالي “باولو دالوليو”، والصحفي البريطاني “جون كانتلي”، إضافة لممرضة من الجنسية النيوزلندية كانت تعمل مع الصليب الأحمر الدولي في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن وكالة “آكي” الإيطالية شككت في صحة الرواية التي نقلتها صحيفة التايمز البريطانية عن وجود مفاوضات بين “داعش” و”قسد” حول تسليم المنطقة مقابل إطلاق سراح “الأب باولو”، وأشارت “آكي” إلى أن الأمر يعتبر بمثابة محاولة من “قسد” لكسب الدعم الأوروبي لها بعد تعرضها لضغوط كبيرة من الجانب التركي.
محمود عبد اللطيف