عندما هاجم مسلح أحد كازينوهات العاصمة الفلبينية، مانيلا، في ىحزيران الماضي، سارع تنظيم “داعش” إلى إعلان مسؤوليته، ولكن الشرطة الفلبينية سارعت لتقول إن العملية كانت من تنفيذ شخص لا علاقة له بالإرهاب كان يواجه مشاكل بسبب إدمانه القمار ووقوعه تحت ضغط الديون.
قضية أخرى مشابهة شغلت الساحة الإعلامية أمس، عندما سارعت مجموعة من الحسابات الإلكترونية المرتبطة بتنظيم “داعش” إلى وصف مطلق النار في كازينو بلاس فيغاس بأنه مسلح من “داعش”، ولكن التنظيم لم يقدم أي دليل يدعم ذلك، ما دفع المحللين بسرعة إلى نفي صحة البيان.
وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي : “لم نعثر على أي صلة للجماعات الإرهابية الدولية بالعملية”، مضيفاً أن “المهاجم تصرف من تلقاء نفسه، ولكن في خضم التنافس الإعلامي سارع البعض إلى تناقل البيان”.
وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية للأنباء كانت من بين المؤسسات الإعلامية الرئيسية التي نشرت الخبر واستخدمته في صيغة “عاجل”، إلا أن الناطق باسمها دافع عنها لاحقاً وبين تبريراته حول السبق الصحفي الذي تتسم به كل وكالة.
ولكن هذه الأفعال جعلت باب النقاش بات مفتوحاً على مصراعيه، وباتت التساؤل مطروحاً، “هل يجب على وسائل الإعلام تناقل بيانات لا يمكن تأكيد صحتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بجماعات إرهابية”؟
فيما اختلفت الأقوال والآراء حول ذلك فالبعض قال: “كلا لأن نشر تلك المواد يمنح داعش والتنظيمات المشابهة الانتشار الإعلامي الذي تبحث عنه ويوفر لها دعاية تجعلها تبدو أقوى مما هي عليه فعليا، إلا أن محلل شؤون الإرهاب لدى CNN، “بول كروكشانك” علق قائلاً: “تنظيم داعش يتوق لجذب الانتباه وهو يعلن مسؤوليته عن كل شيء حالياً لأنه يدرك بأن أنصاره لا يصدقون وسائل الإعلام الحكومية.”
آخرون يجيبون: “نعم يجب على وسائل الإعلام نقل بيان داعش، ولكن بحذر، وأسوشيتد برس قالت إن تقريرها حول بيان داعش كان يحمل تشكيكا كبيرا في صحة البيان وإشارات إلى عدم وجود ما يدعمه، إلى جانب ذكر أكثر من بيان للتنظيم يعلن فيه مسؤوليته عن هجمات اتضح لاحقاً عدم صلته بها”.
أما كريستوفر انجرام، وهو محلل بيانات في واشنطن بوست، تساءل حول التبريرات المقدمة من أسوشيتد برس قائلا: “إذا لم يكن هناك ما يدعم صحة بيان داعش فلماذا نتناقله أصلا، ما يحصل الآن هو أننا نصب الزيت على نار نظريات المؤامرة”.
شبكة فوكس نيوز أوردت الخبر كذلك، بل إن معلقها الرئيسي من البيت الأبيض، جون روبرتس، تمادى في الموضوع إلى حد أنه قال قبل كلمة الرئيس دونالد ترامب حول الهجوم: “بحال صحت التوقعات حول مسؤولية داعش عن العملية وما تردد عن اعتناق المهاجم للإسلام قبل أشهر فإن خطاب الرئيس سيكون له وقع مختلف” أي أنه عزز بالتالي الحديث عن أمر لم يحصل”.
كما أقرت محللة شؤون أخلاقيات الإعلام، كيلي ماكبرايد، بصعوبة إبقاء المعلومات المتعلقة ببيانات مزيفة خارج إطار التغطية، وقالت إنه من المتوقع أن تسارع المواقع الصغيرة ذات المصداقية المحدودية إلى تناق الأخبار قبل التأكد منها، ما يعني أن الأخبار ستكون قد انتشرت بسرعة وسيتوجب على وسائل الإعلام الكبرى التعامل معها.