لا تزال مسألة التقارب العربي من سوريا، أمام أعين الإدارة الأمريكية وبالرغم من قانون “قيصر” محط اهتمام المحللون الأجانب، لافتين إلى الأسباب والخلفيات التي دفعت هذه الدولة العربية إلى تغيير سياستها إزاء دمشق دون أن تقدم الأخيرة أي تنازل.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية مقالاً أشارت فيه إلى أن “أمريكا لم تكن قادرة أو غير راغبة في منع إعادة الارتباط الإقليمي الزاحف مع الحكومة السورية” ونقلت عن مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته قوله: “أعتقد أن الكثير من هذه الدول العربية التي فعلت ذلك، تتخذ قراراتها بأنفسها على الرغم من مساعي الحكومة الأمريكية بعدم القيام بذلك ” مشيراً إلى أن “الدفء في العلاقات بدأ في ظل إدارة ترامب، حيث أعادت البحرين فتح سفارتها في عام 2019 وأعادت عمان سفيرها في عام 2020، وقدم ولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان مساعدة مباشرة للأسد استجابة للوباء”.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن “القادة العرب كانوا يفعلون ذلك إما خلف ظهورنا أو كانوا يفعلون ذلك أمام وجوهنا”، واصفاً مكالمة الملك عبد الله بأنها “مفاجئة حقاً” وليس شيئاً نتوقعه، أو ضوء أخضر”.
في حين أشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه بالنسبة لجيران سوريا، فأسباب المشاركة واضحة، حيث قالت: “يقع كل من الأردن ولبنان على حدود سوريا ويستضيفان مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، بينما عطلت الحرب أيضاً طرق التجارة الرئيسية التي ترغب الدول التي تعاني من ضائقة مالية في إحيائها”.
وفي هذا السياق أشار محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إميل حكيم، إلى وجود تفاهم على أن عائدات هذا الانفتاح على سوريا ستكون محدودة. . . ليس الأمر كما لو أنه يمكنك إعادة اللاجئين وفتح التجارة واستئناف التعاون الأمني ، فالأمر أصعب بكثير من ذلك” مشيراً إلى أن التركيز على الهجرة والأمن بدلاً من النتائج السياسية، مفهوم لأن المخاوف السياسية والأمنية والاقتصادية على المدى القريب تهيمن على تفكير جيران سوريا” وفقاً لما نقلته الصحيفة.
أما بالنسبة للخليج، فأكد “فاينانشال تايمز” أن بعض صناع القرار في الخليج يعتقدون أن فك الارتباط مع الدولة السورية كان “خطأً استراتيجياً”، ونقلت عن محللة الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة، قولها: “الانسحاب الأمريكي من أفغانستان التصور السائد بين القادة العرب بأن أمريكا عازمة على فك ارتباطها بالمنطقة.. وهذه الإدارة كانت ضعيفة للغاية وغالباً ما تكون متناقضة مع الرسائل العامة حول قضية التطبيع مما دفع العديد من الدول العربية إلى الاعتقاد بأن لديهم موافقتهم الضمنية”.
وبحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية عن محلل إماراتي، فإن السعودية بالتحديد تنتظر لفتة من دمشق كتقديم تنازلات معينة.
يشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تغيراً لافتاً في سلوك الدول العربية التي كانت تدعم المجموعات المسلحة في سوريا، حيث باتت تعرب عن رغبتها بإعادة التعاون مع دمشق وإعادة إحياء الاتفاقيات التجارية والخدمية القديمة وعقد اتفاقيات جديدة.