أثر برس

“كانت تسد حاجة الفقير”.. أصحاب بسطات يشكون من عودتها لأرصفة دمشق على مبدأ “خيار وفقوس”

by Athr Press G

خاص || أثر برس يتسلل بعض أصحاب البسطات في دمشق إلى مكانهم السابق مجدداً بعد قرار المحافظة بإزالة الإشغالات المخالفة، وإن كان بعضهم يعترف بأحقية المشاة بالرصيف وضرورة الحفاظ على المظهر الحضاري للمدن، إلا أنهم يسألون بشكل مباشر: “كيف سنعيش”؟

وفي جولة لمراسل “أثر” بدمشق، لرصد واقع المدينة عقب قرار الإزالة، لوحظ عودتها في بعض المناطق، فمثلاً تحت جسر الميدان عادت بسطات الخضار والفواكه التي تشغل مساحة كبيرة من الأرصفة لتعرض كميات من البضائع لا تتناسب وكلمة “متعيشين”، بل باتت هذه البسطات بمثابة “محال كبيرة”.

ويستغرب “أبو مازن” صاحب إحدى البسطات حي الميدان خلال حديثه مع “أثر” من عودة بعض أصحاب البسطات لعملهم والبقية محرومون من إشغال متر واحد من رصيف في دمشق لـ “يترزق”، واصفاً الحال في دمشق أنه ينطبق عليه المثل القائل “خيار وفقوس”، فهناك من يستطيع أن يأخذ رصيفاً كاملاً دون أن يزاح من مكانه، وإن كانت بسطته مرخصة فإنه يشغل أضعاف المساحة التي رُخصَ له بإشغالها، حتى أن أصحاب المحال التجارية يحسدون مثل هؤلاء الأشخاص.

ويضيف “رامز” على كلام جاره السابق: “كنا نستأجر من أصحاب المحال التجارية في منطقة “الشيخ سعد”، الرصيف أمام محالهم، وأساساً بعض البسطات تكون لأصحاب المحال والعاملين عليها مجرد عمال مياومون، وبعد أن ألغت المحافظة وجود البسطات بات البحث عن عمل إضافي حاجة ملحة للتمكن من دعم دخلنا الذي أساساً لم يكن كافياً لمواكبة تقلبات الأسعار”.

ويتساءل الشاب الذي يقارب عمره 40 عاماً: “ما الذي يمنع البلدية من تطبيق قوانينها في كامل المناطق وعلى كافة البسطات، ولماذا السومرية مملوءة بالبسطات حتى اليوم، بل أن بعض أصحاب بسطات البنزين لم يكتفوا بالرصيف وتسابقوا للحصول على أكبر مساحة ممكنة من الطريق بما يؤثر على حركة المرور”.

بالنسبة لـ “أبو ماجد”، كان لابد من ابتكار مصدر للرزق بديل عن “بسطة الجرابات”، التي كان يعمل عليها في منطقة شارع الثورة، لينتقل للتجوال على دراجته الهوائية مع حافظات الماء الساخن وبعض من الأكواب الورقية ليبيع المشروبات الساخنة لمرتادي الحدائق العامة مستفيداً من رغبة سكان العاصمة بالبحث عن متنفس رخيص في ظل جنون الأسعار في المطاعم ويقول لـ “أثر برس”: “كنت أحصل على دخل يكفي احتياجات أسرتي بالحد الأدنى من خلال بسطة صغيرة لم تكن مساحتها تزيد عن مترين مربعين، اليوم لا أحصل على نصف ما تحتاجه أسرتي من دخل يومي لتعيش بالحد الذي يسمح لها بالبقاء”.

نسرين (اسم مستعار)، تقول في حديثها لـ “أثر برس”: البسطات كانت تسد حاجة الفقير للمواد، فالفارق بين أسعار بضائعها ومثيلاتها في المحال التجارية يصل لأكثر من خمسة أضعاف في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال “زوج الجرابات” الذي يباع على البسطة بين 1500 -3000 ليرة، يباع بسعر لا يقل عن 8000 ليرة سورية في أرخص محل، ويمكن القياس على بقية المواد، فما الذي سيلبسه الفقير أو يأكله بعد البسطات؟، كما أن الخضار والفواكه على البسطات أرخص من المحال بمرات فماذا ستقدم البلدية من حلول؟

وتستغرب جارتها “ميسم” أن يكون حل المحافظة والبلدية لمسألة عشوائية البسطات والإشغالات، بقطع رزق الفقراء ومنع الشريحة الأوسع من المجتمع من الحصول على مواد استهلاكية بسعر رخيص، وتقول لـ “أثر برس”: “في كل مرة يتم فيها إزالة الإشغالات والبسطات يخرج مسؤول ما ليقول هناك مشاريع لأسواق بسطات وتنظيم وتجميع هذه البسطات في أماكن مخصصة لها لا تؤثر على الحركة المرورية والمظهر الحضاري، لكن لا يحدث شيء من هذا”.

ويتوقع عدد كبير من أصحاب البسطات أن تنتهي “فورة المحافظة”، قريباً وتعود البسطات لمكانها لتعمل مجدداً كما حدث سابقاً، فيما يعتقد البعض من أصحاب البسطات أن المسألة تُحل على مبدأ “دبر راسك”، وفيما تبدو مبررات المحافظة في إزالة البسطات قوية ومنطقية وقانونية بالنسبة لـ “المتعيشين”، إلا أنهم يجدون أن الإزالة بدون حل يحقق لهم العدالة لا يعد إلا قراراً اعتباطياً.

وكان عضو المكتب التنفيذي لقطاع الأملاك في محافظة دمشق مجد الحلاق في حديثه مع “أثر برس” أكد عدم عودة البسطات لافتراش الأرصفة، وأن الحملة تستهدف كل البسطات؛ مشيراً إلى أن المحافظة تستقبل الطلبات لإشغال الساحات التفاعلية، دون تحديد موعد لفتح الأسواق التفاعلية، مكتفياً بالقول: “سنعلن ذلك في الأيام القليلة المقبلة”.

اقرأ أيضاً