خاص || أثر برس تشهد مهنة “النجارة” في دمشق تراجعاً ملحوظاً سواء في الانتشار أو في الإنتاج إثر انتشار المعامل الكبيرة والظروف الاقتصادية الصعبة، إذ ذكر عدد من النجارين لـ”أثر” أن هناك مشكلات تواجه مهنتهم التي كانت ترتبط دائماً بالإبداع في هندسة الخشب عدا عن أنها من أقدم المهن المعروفة في العاصمة.
المهنة تقتصر على التصليحات اليوم:
علي، صاحب منشرة في حي المزة 86، يقول لـ”أثر” إن مشكلات مهنة النجارة كثيرة تبدأ بالركود الذي يشهده السوق حالياً، وصولاً لارتفاع أسعار الأخشاب إلى مستويات كبيرة، إضافة لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة إذ يكون وصل التيار الكهربائي نصف ساعة أو ساعة طوال اليوم، إضافة لانقطاع بعض المواد “ألواح الميلامين” والتي تستخدم في صناعة المطابخ والخزن وغرف النوم، عدا عن ارتفاع أجور النقل.
وبيّن أن تكلفة تفصيل خزانة مثلاً يبدأ من 600 ألف ل.س في الحد الأدنى، أما الحد الأدنى لتفصيل غرف النوم اليوم يبدأ من 5 مليون، علماً أن هذه التكلفة تختلف تبعاً لنوع الخشب المستخدم وجودته والإكسسوارات المطلوبة.
أبو أحمد، صاحب منشرة بحي المزة 86 مدرسة، أكدّ لـ”أثر” بأن تفصيل الأثاث شبه متوقف هذه الأيام ويقتصر عمل النجارين على بعض التصليحات البسيطة، مضيفاً: “قد تمر أيام عدة لا نعمل فيها”.
وأشار إلى أن تكلفة تفصيل غرفة نوم ذات جودة عالية يبدأ من 15 مليون ل.س وقد يصل لـ 150 مليون ل س، وتكون من خشب الزان ويتم تلبيسها بقشر الجوز والسنديان.
أما بالنسبة للأبواب، يبين أبو أحمد أن الباب من النوعية الرديئة لا يكلف أكثر من 300 ألف، بينما تكلفة الباب ذي النوعية الجيدة فهي 2.5 مليون وسطياً.
الجمعية الحرفية للنجارين تؤكد كلامهم:
أمين سر الجمعية الحرفية للنجارة والألمنيوم والبلور والمرايا في دمشق علاء الكردي، أكد كلام النجارين مبيناً لـ “أثر” أن هناك صعوبات كثيرة تواجه هذه المهنة منها التكليف الضريبي والذي يعد جائراً بحق النجارين، مرجعاً ذلك لغياب مندوب المهنة في جولة موظف المالية.
ويضيف الكردي: “معظم الحرفيين بالنجارة لم يستلموا مادة المازوت لتشغيل مولداتهم بسبب وجودهم بمناطق المخالفات والتي لا يمنحون فيها ترخيص إداري لمزاولة العمل، وبالتالي يحرم الحرفي من المازوت والبنزين والغاز”.
كما أشار الكردي إلى أن الأسعار غير مراقبة بالسوق، بمعنى أن كل تاجر يسعر نفس القطعة بسعر يختلف عن تاجر آخر، الأمر الذي يؤثر على الحرفيين.
وجود النجارين بمناطق المخالفات:
وتوسع الكردي بموضوع وجود معظم النجارين بمناطق المخالفات ما يحول دون منحهم ترخيص وبالتالي بات 99% منهم محرومين من قرض تركيب الطاقة البديلة.
وعلل ذلك قائلاً: “إذا أراد الحرفي الحصول على قرض طاقة، فعليه رهن عقار والعقار بمنطقة المخالفات يعتبر زراعياً لا يمكن رهنه لسحب القرض”، مؤكداً أن الجمعية عملت على تلافي هذه المشكلة من خلال التواصل مع بعض البنوك لطلب قرض للحرفيين إلا أن البنوك قدمت 7 مليون ل.س فقط ليتم استردادها بقيمة 12 مليون ل س فيما بعد على دفعات شهرية كبيرة خارج قدرة الحرفيين النجارين.
كما لفت الكردي إلى أنه طالب محافظ دمشق بأحد المؤتمرات بإعطاء الحرفيين ترخيص مؤقت لكنه رفض، أو أن يكون هناك قروض ميسرة وبفائدة ضئيلة أو بفائدة صفر ليتمكن الحرفي من شراء مواد أولية ليعمل من جديد لكنها قوبلت بالرفض بسبب وجود ورشات النجارين بمناطق المخالفات.
1200 نجار حرفي “منتسب” في دمشق:
وعن التسهيلات التي تقدمها الجمعية للحرفيين، بيّن الكردي أن الجمعية تبذل كل جهدها لتأمين مستلزمات الحرفيين بحسب الإمكانيات المتوفرة للجمعية والتي تقوم بشكل دوري برفع الكتب بانتظار الرد، مشيراً إلى أن عدد الحرفيين بمهنة النجارة “المنتسبين للجمعية” بمدينة دمشق يبلغ 1200.
أما بالنسبة لتشجيع الحرفيين للانتساب للجمعية، نوّه الكردي إلى ضرورة توفير شروط لخدمتهم بدءاً من موضوع المالية والمواد النفطية والطاقة البديلة، ففي حال تم تأمينهم سيكون التنظيم الحرفي “بألف خير وسيزيد من عدد المنتسبين للجمعية”، بحسب قوله.
يشار إلى أنه سابقاً كانت هناك ثلاث جمعيات “النجارة- الألمنيوم- الزجاج” وبقرار من وزير الصناعة الأسبق تم دمج هذه الجمعيات بجمعية واحدة تحت مسمى جمعية النجارة والألمنيوم والمرايا والبلور، ويبلغ عدد المنتسبين للجمعية أصولاً 1700 حرفي، بينما هناك الآلاف غير منتسبين.
هيفاء إبراهيم