عندما تحلّق طائرة سفرك في شمال إيطاليا فوق إقليم لومبارديا، بإمكانك النظر إلى الأسفل، عندها سترى تمثال السيدة العذراء “المادونينا” والتي سمّي ديربي مدينة ميلانو على اسمها.
ديربي لم تكن صفاته شبيهة بالـ “مادونينا”، لأنه تحوّل إلى “دربي” غاضب كان يشكل الصراع ما بين الفقراء الذين يتمثلون بنادي ميلان، والطبقة البورجوازية التي يعكسها الإنتر، ليطلق عليه اسم ديربي مدينة ميلانو أو “ديربي الغضب”.
ديربي مدينة ميلانو واحد من أشهر الدربيات في العالم، حيث يلتقي في ملعب “سان سيرو” كلاً من إي سي ميلان وإنتر ميلانو، وتُمثل هذه المباراة الصراع بين الطبقة العاملة الكادحة والطبقة الراقية والوسطى المتمثلة بجمهور، لأن جماهير الإنتر كانت تذهب إلى الملعب عن طريق الدراجات الهوائية، على عكس جماهير ميلان التي كانت تستخدم وسائل النقل العامة فقط، وهذه الفجوة بين الطرفين انتهت في القرن العشرين من عقد الستينيات وبالتزامن مع إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي والاقتصادي في إيطاليا.
لكن الكره والعداوة بين الطرفين لم تنتهِ، ورغم تراجع مستوى الفريقين في السنوات الأخيرة إلّا أن الديربي حافظ على قيمته، وبقي محطّ أنظار الجماهير حول العالم، تنافس استمر لأكثر من 100 عام و مستمر لغاية اليوم، بالحماس والسمات نفسها.
إنتر عاد إلى الحياة .. سحر كونتي
يعيش الإنتر في المواسم الأخيرة حالة من الانتعاش، خصوصاً أنه نجح في العودة إلى دوري الأبطال، وأما في الدوري الإيطالي فنجح الإنتر هذا الموسم في التصدّر لأغلب فترات الدوري، لكنه خسر الصدارة في الأسابيع الأخيرة لصالح يوفنتوس.
المدرب الجديد والذي دخل أسوار إنتر مطلع الموسم الحالي غيّر الكثير، ونجح أنطونيو كونتي في تحويل إنتر من فريق قادر على التأهل إلى “التشامبيونزليغ” إلى منافس حقيقي على لقب الدوري، اقترب إنتر من كسر هيمنة يوفنتوس على الدوري الإيطالي.
يقبع إنتر حالياً في المركز الثاني بـ 51 نقطة بعد 22 جولة، ويعد دفاع “النيراتزوري” الأقوى في الدوري الإيطالي، إذ لم تتلقَ شباك الحارس سمير هندانوفيتش سوى 18 هدفاً.
كونتي نجح في خلق استقرار داخل إنتر، لأنه عرف ويعرف كيف يدير اللاعبين المتوسطي المستوى، وفي الوقت نفسه يعرف كيف يدير عقلية “النجوم”، لذلك استطاع إنتر أن يظهر بشكل مختلف هذا الموسم.
لكن كتيبة كونتي ستفتقد للحارس هاندانوفيتش الذي تعرض لكسر في أصبعه في التمارين، بالإضافة إلى لاوتارو مارتينيز بسبب الإيقاف، فيما يعاني بروزوفيتش من الإصابة.
وفي ظل الغيابات، قد يلجأ كونتي إلى الدفع بانتداباته الجديدة إريكسن، الظهير أشلي يونغ والجناح النيجيري فيكتور موزيس الذي لعب تحت إشراف كونتي في تشيلسي الإنكليزي.
ونجح إنتر بالفوز في آخر ثلاث مباريات وتعود آخر مرة فاز فيها إنتر بـ 4 مباريات متتالية إلى العام 1983، ولم يخسر الإنتر آخر 8 ديربيات على أرضه وهو الملعب نفسه بين إنتر وميلان، لكن “النيرازوري” يسميه “جوسيبي مياتزا”، فيما خاض أطول سلسلة له في 1959 (9 مباريات، وفي 1938 (10 مباريات). ويتفوق الإنتر على خصمه ميلان بفارق 19 نقطة حالياً.
عودة “القبطان” زلاتان إبراهيموفيتش
في مركب “الروسونيري”، فإن عودة الربان زلاتان إبراهيموفيتش هي محط تركيز الجميع، خصوصاً بعد الشكوك حول مشاركته في “الديربي”، لكن الخبر اليقين بمشاركته جاء على لسان مدير قطاع كرة القدم في ميلان زفونيمير بوبان.
يدرك إبراهيموفيتش (38 عاماً) قيمة هذه القمة، فهو يعرفها جيداً، حيث لعب بألوان الفريقين.
“السلطان” غاب لمدة سبعة أعوام ونصف عن هذه المباراة، لكنه عاد ولا شك أن رغبته في الانتصار على الإنتر كبيرة، ولم يخسر ميلان منذ عودته في بداية العام، وجدد أمله في إنهاء سلسلة النتائج المتواضعة أمام إنتر صاحب المركز الثاني الذي يحتاج للفوز لمواصلة الضغط على المتصدر يوفنتوس.
ومنذ عودة إبرا فاز ميلان في 5 مباريات وتعادل في مباراة، ولا شك أن طموحه بات يكبر في حجز مقعد أوروبي.
ويحتل ميلان المركز الـ 8 وفي رصيده 32 نقطة، بفارق 7 نقاط عن المركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا.
يتعين على ستيفانو بيولي مدرب ميلان، أن يختار بين أندريا كونتي وديفيد كالابريا، ومن منهما سيبدأ في مركز الظهير الأيمن، خصوصاً أنه من المرجح أن يبدأ بطريقة لعبه المعتادة 4-4-2، وما زال عليه أن يقرر ما إذا كان سيشرك سيمون كاجار الوافد الجديد أو ماتيو موساكيو إلى جانب أليسيو رومانيولي.
ويعد كونتي وكاير حالياً المرشحين المفضلين للبدء في مواجهة “النيرازوري”، لكن هذا بالطبع قد يتغير من الآن وحتى مباراة الأحد المقبل، والتي ستكون المرة الثانية التي يواجه فيها النادي هذا الموسم.
بيولي لم يقرر بعد من سيشارك في الهجوم، وفي الوقت الحالي، يبدو رافائيل لياو المرشح المفضل لكن أنتي ريبيك يمكنه اللعب أيضاً.
إبراهيموفيتش لم يعد كلاعب فقط إلى ميلان، بل كإكسير وجرعة من الحياة، لا شك أن إنتر أفضل من ميلان بمراحل، ولكن في “الديربي” يمكنك توّقع كل شيء، ميلان قادر على فعلها.