أثر برس

دير الزور.. المسكن حلم وإيجاراته عاليّة والغلاء يُوقف حركة البناء

by Athr Press B

خاص || أثر برس أفرزت الحرب واقعاً من الدمار طال مختلف البنى التحتيّة بدير الزور، ولم تكن المباني السكنيّة بمنأى عنها.

دمارٌ كان للأحياء الشرقيّة مركز المحافظة – مدينة دير الزور النصيب الأكبر منه، ليصبح الحصول على مسكن لمن فقده حُلماً بعيد المنال، فيما بات الإيجار حلاً بطعمة القلق لضيق ذات اليد قبالة ارتفاع أسعاره، وكثرة التنقلات بحثاً عن الأرخص.

أسعار مرتفعة:

يسكن “خالد جمعة” في غرفة بمبنى كان مُخصصاً للإيواء، جرى إخلائه من العوائل التي تقطنه، فيما بقي هو نظراً لوضعه الصحي (فاقد لطرفيه العلويين وجزء كبير من طرفه السفلي) يقول لـ “أثر برس”: “أقطنُ في غرفةٍ لوحدي كوني بلا منزل، فالمنزل الذي أملكه يقع في حي الحميدية الذي تعرّض للدمار، إذ كان الحي تحت سيطرة المجموعات المسلحة، لا قدرة لدي لأقوم بترميمه، كما أن راتبي من المحّال أن يمنحني القدرة لأستأجر، فهو لا يكفيني لأيام ولولا مساعدة أخوتي لما كنت على قيد الحياة أصلاً، أغلب سكان الأحياء المدمرة مستأجرين، سواء داخل المدينة أو في محافظات أخرى”.

ويشير ” لؤي الرجب ” إلى أنه “إضافةً لغلاء الإيجارات فإن هناك ضغط على السكن، نتيجة دمار أغلب الأحياء، فإن السكن لا يتوفر سوى في ثلاثة أحياء (القصور، الجورة، هرابش) وأغلب طلبات السكن في الحيين الأوليين لكونهما بقيا خارج سيطرة المجموعات المسلحة ولم يطلهما الدمار.. أدفع 175 ألف ليرة إيجاراً، ولولا العمل الخاص ما استطعت تأمين المبلغ، فكيف هو حال من لا يملكه”.

ويضيف “وسيم السرحان” صاحب مكتب عقاري: أسعار الإيجارات حسب الأحياء، ومبالغها تبدأ من 75 – 150 – 200 ألف ليرة شهرياً، والأسعار الأقل لا تكون سوى في أطراف المدينة (حي الطب).

ويرى السرحان أن الأسعار تزداد كل حين، فكثير من مالكيها يقومون برفع أسعارها، إما ليعيشوا بها، أو لدفعها لقاء استئجارهم منازل خاصة بهم، وأغلب أصحاب المنازل باتوا يُفضلون تأجيرها للمنظمات الدوليّة الناشطة بالمحافظة، مما أوجد قلة فيها أمام المواطنين، فالمبالغ التي تدفعها المنظمات عاليّة تتجاوز 500 ألف ليرة، لاسيما في حي ” القصور “، وأغلب المستأجرين يُفضلون الأحياء القريبة أو التي تتوسط جهات العمل الحكومي، ولا تستغرب إذا ما وجدت أن الإيجار بات أيضاً في الأرياف، فالمدرسون من سكان منطقة الجزيرة المُحتلة وجدوا ضالتهم في بلدات الريفين الشمالي و الغربي للسكن.

لا حركة بناء:

يحسب رئيس مجلس مدينة دير الزور رائد منديل فإن حركة البناء في المدينة ضعيفة جداً، وتقتصر على عدة متعهدين ينفذون مجمعات سكنيّة، ويضيف: “غلاء مواد البناء منها ما تبيعه مؤسسة “العمران”، فما بالك بالقطاع الخاص، ما أوجد استحالة في أن يبني المواطن منزلاً جديداً”.

وتابع: في الأحياء المدمّرة عملنا على التواصل مع المنظمات الدوليّة والتي ساعدت في تأهيل العديد من المنازل والعمل على ذلك مستمر، وهو يقتصر على تأمين الأبواب و “الشبابيك” وإصلاح التمديدات الصحيّة والكهربائية وتزويد المنازل بخزانات للمياه كما في “المريعيّة”، ومنازل في أحياء “الحميديّة” و “الشيخ ياسين” و “الجبيلة”، ناهيك عن المساعدات الإسعافيّة من قِبل فرع الهلال الأحمر، وحالياً سيتم تأهيل غرفتين من المسكن من قِبل منظمة “إسعاف أولي” وتشمل 75 منزلاً للعائدين للأحياء الداخلية المدمرة.

وأضاف: وأبلغنا السكان ممن يرغبون بالعودة أنه سيجري ترحيل الأنقاض منها، وتشمل “أبو عابد، العرفي، الحميدية، الشيخ ياسين، الموظفين، الحويقة، مطار القديم، العمال، الجبيلة، البعاجين، العرضي، الرشدية”، لافتاً إلى أن العمل يبدأ أول تشرين الأول بشكل مجاني من قِبل ورشات البلدية، داعياً الأهالي للمبادرة كون الترحيل سيكون بعد انتهاء المدة على نفقتهم الخاصة.

منديل أكد أن إعادة الإعمار تتم بشكل تدريجي بالتنسيق مع المنظمات الدوليّة، والهدف تأهيل ما أمكن لغرض عودة السكان لمنازلهم، فكان تأهيل الأسواق بدءاً بسوق”شارع سينما فؤاد التجاري”، تلاه “سوق ستة إلا ربع”، وجاري العمل بهذا الاتجاه لسوق “شارع حسن الطه”، و سوق الشارع العام، كذلك الأمر بالنسبة للأسواق القديمة والتي يصل عددها لسبعة أسواق.

هذا وتنعدم حركة البناء في مدينتي البوكمال والميادين كما يوضح رئيسا مجلسا مدينتي البوكمال والميادين ليبقى الاستئجار هو السائد لمن فقد منزله.

من جانبه مدير فرع العمران بدير الزور “رامي الخليفة” بيّن أن ارتفاع أسعار مواد البناء شكّل عقبة أمام حركة البناء ” يقتصر البيع لدى فرعنا على مادة الإسمنت والتي يصل سعر الكيس الواحد منها إلى 21 ألف ليرة سوريّة، ويناهز الطن الواحد 420 ألف ليرة، فيما يُباع بالسوق الحرة بمبالغ عالية، ولا تتوافر لدينا مادة الحديد، الأمر الذي يجعل توافرها فقط في السوق الحرة، وأسعارها تتراوح بحسب الحجم ما بين 4 – 5 مليون ليرة.

 أحياء مدمرة:

أكثر مناطق المحافظة بنسب الدمار مركزها أي مدينة دير الزور، وتُشكل قرابة نصف المدينة، وأشدها ضرراً أحياء (الشيخ ياسين، العرضي، الحويقة، الرشدية، المطار القديم، الصناعة) وتصل إلى 70 %، وهذا ما جعل الأحياء الثلاثة (القصور، الجورة، هرابش) مقصداً للإيجار، مُسجلة كثافة سكانيّة عالية، فيما تبدو نسب الدمار خفيفة في مدينتي البوكمال والميادين، هذا الواقع جعل من واقع امتلاك المنزل حلماً صعب التحقيق في المدى المنظور قبالة ضغط الحياة معيشياً بمختلف جوانبها.

عثمان الخلف – دير الزور

اقرأ أيضاً