خاص|| أثر برس لشهر رمضان في دير الزور عاداته وتقاليده، وتبرز هذه العادات في الأكلات والمشروبات وطقوس ارتبطت بالشهر الفضيل لكن كثير منها غاب نتيجة مرور الزمن واختلاف ظروف المعيشة.
حتى سنوات مضت، كان الأطفال في مدينة دير الزور يلجؤون للاجتماع قُبيل غروب الشمس بانتظار موعد الإفطار في شهر رمضان، وغالباً يكون ذلك حين يصادف الشهر الفضيل في فصل الصيف ويُسمى ذلك الاجتماع (اللميّة)، إذ يُحضر هؤلاء الأطفال ما يطلق عليه اسم “إفطاريتهم” وهي حلوى وعصير ومأكولات صنّعتها الأمهات، بينما البنات يجلسن على مصطبة مُطلة على فرع نهر الفرات الصغير في “دير العتيق” الذي كان مكان التشكل الأول للمدينة، ويُسمى بـ”دچة رمضان”، وكل منهن أحضرت زوادة فطورها لتناول الفطور جماعياً.
ويشير الباحث في التراث المهندس غسان الخفاجي، في حديثه لـ”أثر” إلى أنه “في السابق كان أول أيام الإفطار من شهر الصيام في بيت كبير العائلة إما بيت الجد أو الأب أو العم أو الأخ الأكبر، وموعد بدء الإفطار يترافق مع سماع الأذان الذي يسبقه صوت مدفع رمضان، ويُدعى محلياً “الطوب” وهو بوري من الحديد بقطر يتجاوز 3 إنشات حيث توضع فيه قذيفتان، واحدة للصوت والثانية للارتفاع ويجري إطلاقها، وفي الغالب يتم ذلك من موقع الحديقة المركزية وسط المدينة وعند ضريح الجندي المجهول، كذلك في حي المطار القديم بإشراف فوج الإطفاء”، لافتاً إلى أن “هذه العادات غابت بالمطلق، كنتيجة لتطورات الحياة”.
الأطعمة والمشروبات:
نتيجة الأوضاع المعيشية المستجدة غابت بعض أنواع المشروبات عن المائدة الرمضانية، وبات وجودها يقتصر فقط على بعض العوائل الميسورة، مثل شراب “قمر الدين” الذي يتم تصنيعه من ثمرة المشمش المجففة، إذ حلت محله بودرة العصائر الجاهزة، إضافة إلى مشروبات “العرقسوس والتوت والتمر الهندي”، التي تباع ضمن أكياس وبكمية أقل من ليتر واحد بسعر يصل إلى إلى 3 آلاف ليرة.
كما أشار الباحث “الخفاجي” إلى أن أهالي دير الزور كانوا يحرصون على وجود “الأكلات البيضاء” مثل “الشاكرية والششبرك وشيخ المحشي” على مائدة يومهم الرمضاني الأول، لافتاً إلى أن طقساً كهذا بات محدوداً الالتزام به كنتيجة لتكاليف إعداده.
وتشتهر في دير الزور أكلة السحور المُسماة “الحنيني” أو “الحنينة” التي تُصنع من البيض والتمر مع السمن العربي، حيث يُوضع السمن على النار وتُضاف لها حبات التمر المنزوعة النوى ويتم تحريكها حتى يصبح التمر طرياً أكثر.
ورغم التغيرات التي طرأت على طقوسه، يبقى لشهر رمضان نكهته بطقوسه وعاداته وأجوائه الروحية وإن حاصرها الغلاء.
عثمان الخلف- دير الزور