احتل الملف الاقتصادي الصدارة في اللقاءات التي أجراها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في اليوم الأول من زيارته إلى سوريا، إلى جانب الملفات السياسية، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الدفاع والاقتصاد والخدمات.
الزيارة كانت محط اهتمام معظم وسائل الإعلام العربية والأجنبية والعبرية، نظراً إلى توقيتها والظروف التي حصلت فيها، إلى جانب كونها أول زيارة لرئيس إيراني إلى سوريا منذ عام 2010.
ما أهمية الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة؟
نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصدر إيراني في الوفد المرافق لرئيسي أن “الاتفاقيات الموقَّعة لها تأثير إيجابي على حياة الشعب السوري وعلى الاقتصاد الإيراني على حدّ سواء”، لافتاً إلى أن “حكومة الرئيس رئيسي مهتمّة بشكل كبير بتطوير الروابط الاقتصادية، خصوصاً بين إيران وسوريا، وهذا شيء كان مهمَلاً في الماضي، ويجب علينا تطويره حالياً لِما له من انعكاس إيجابي على الشعبَين”.
واهتم الإعلام العبري بهذه الاتفاقيات، حيث نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية تقريراً أشارت خلاله إلى أن “زيارة الرئاسة الإيرانية مهمة والصفقات التي ستوقع تبدو مهمة من حيث رمزية التحالف الإيراني – السوري وتأثيره على دول الجوار”.
بدورها لفتت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن “شركة السكك الحديدية الإيرانية المملوكة للدولة تطمح إلى توسيع شبكتها عبر العراق وسوريا المجاورتين، وربطها بميناء اللاذقية السوري على البحر الأبيض المتوسط لتعزيز التجارة، المعارضة السورية ومنتقدو طهران يرون في ذلك محاولة إيرانية أخرى لتنمية نفوذها السياسي” مضيفة أن “الصفقة مهمة أيضاً لسوريا، التي وصل اقتصادها إلى أدنى مستوى له على الإطلاق خلال العقد الماضي، مع تصاعد التضخم وهبوط العملة وانقطاع التيار الكهربائي”.
ماذا يعني تزامن الزيارة مع التقارب السعودي- الإيراني والسوري- التركي؟
الزيارة الإيرانية الأولى من نوعها منذ عام 2010 تزامنت مع تطورات مفصلية شهدتها منطقة الشرق الأوسط عموماً وسوريا خصوصاً، حيث خلقت هذه التطورات أشكالاً جديدة لتحالفات المنطقة، ومن أبرزها التقارب السعودي- الإيراني وما تبعه من خطوات سعودية إيجابية إزاء سوريا والتي ترافقت مع مبادرات عربية لإعادة انخراط سوريا مع محيطها العربي، إلى جانب تفعيل مسار التقارب السوري- التركي بوساطة إيرانية وروسية، وفي هذا الصدد لفتت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أنه “بينما أثار الوجود الإيراني في سوريا جدلاً واسعاً خلال الأعوام الماضية، بسبب ما قيل حينها إنها مخاوف خليجية منه، ساهمت عودة العلاقات بين طهران والرياض، بوساطة صينية، في إزاحة مشكلة هذا الوجود من دائرة النقاش، ويتّسق ذلك مع مطالبة دمشق، مراراً، بعدم التدخّل في علاقاتها بالعواصم الأخرى، مقابل التزامها هي بعدم التدخّل في شؤون أيّ دولة أخرى، وهو ما سيسهم مساهمة كبيرة في دفع العلاقات السورية – العربية للعودة إلى شكلها الطبيعي” ونقلت عن المصدر الإيراني في الوفد المرافق لرئيسي، قوله في هذا الصدد: “المملكة السعودية أجرت تغييراً في سياساتها، وفي ضوء ذلك أجرينا اتّفاقاً معها ساهم في تقديم الزخم الكبير لتطوير العلاقات بين الرياض ودمشق، وهذا أمر جيّد”، وكذلك الأمر فيما يتعلق التقارب السوري- التركي، حيث أكد المصدر أنه “كلّما تطوّرت العلاقة مع تركيا، وسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق بشكل تصاعدي، كلّما رأينا تأثير ذلك الإيجابي في الجميع”.
رسائل إلى واشنطن والكيان الإسرائيلي:
منذ أن تم إعلان نية رئيسي لزيارة سوريا، أبدت وسائل إعلام عبرية اهتمامها بهذه الزيارة إبداء لافتاً، معتبرة أنها مقلقة ومستفزة ولاقت انتقادات من الجانب الأمريكي، وتعقيباً على هذه الانتقادات قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: “أمريكا أعربت عن قلقها لزيارة السيد إبراهيم رئيسي إلى سوريا ونتائج هذه الزيارة، واصفة إياها بالشريرة”، معتبراً أنه “من الطبيعي أن ينزعج هذا النظام الشرير بعد أن كسرت شوكته في سوريا والمنطقة كلها على يد إيران ومحور المقاومة، ويدرك أن عليه أن ينهي وجوده العدواني في سوريا”.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن هذه الزيارة جاءت في الوقت الذي “تعتبر فيه إسرائيل أن الوجود الإيراني في سوريا مصدر قلق كبير بالنسبة لها”.
وقال الرئيس الإيراني، في لقاء بثته قناة “الميادين” قبل ساعات من زيارته إلى سوريا: “إن الظروف اختلفت اختلافاً كبيراً في سوريا” مضيفاً أنه “نؤكد ترسيخ العلاقات مع سوريا لتكون علاقات أفضل وأن تتطور في جميع المجالات سواء الاقتصادية أم الثقافية، لدينا علاقات متجذرة، ونأمل تطويرها”.
يشار إلى أن التحالف السوري- الإيراني يعود إلى أكثر من أربعين عاماً، وكانت إيران وروسيا من أولى الدول التي دعمت سوريا في الحرب، في الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي والخدمات.