خاص || أثر برس
انتهت أزمة البنزين في مدينة حلب إلا أن آثارها ما تزال مستمرة في المدينة، وخاصة على صعيد أجور النقل في السيارات العامة “التاكسي”، والتي حافظ معظم سائقيها على التسعيرة المرتفعة ذاتها خلال فترة ذروة الأزمة.
شكاوى بالجملة وردت تباعاً لـ “أثر برس” من مواطنين أعربوا عن استنكارهم الشديد لتصرفات سائقي سيارات الأجرة بحقهم من حيث تقاضي تسعيرة زائدة على الركوب والامتناع عن العمل وفق العدادات الإلكترونية التي تم تزويد سياراتهم بها في وقت سابق، مكتفين بالاتفاق على أجرة الركوب عبر “المفاصلة” مع الركاب بشكل مسبق.
وتراوحت نسبة الزيادة الحالية التي يتقاضاها السائقون ما بين /25/ و /50%/ عن أجرة العداد أو التعرفة العادية للتوصيلة، فيما سجلت استثناءات لبعض السائقين الذين عادوا إلى العمل وفق العداد الإلكتروني منذ اللحظة الأولى لانتهاء الأزمة في المدينة.
وقال “أبو علي” وهو بائع خضار في سوق الخالدية لـ “أثر برس”: “خلال فترة أزمة البنزين في المدينة كنا كمواطنين ندفع زيادة كبيرة للسائقين وصلت إلى ضعف الأجرة التي تظهر على العداد وبمبادرة ذاتية منا لأننا كنا ندرك تماماً آثار الأزمة ومعاناة السائقين في الحصول على البنزين من الكازيات سواء من حيث قلة الكميات المتاحة للتعبئة أو من حيث الازدحام الكبير الذي كان يضطرهم لقضاء يومهم بكامله على دور التعبئة في الكازية، أما اليوم ومع انتهاء الأزمة فلا توجد أي مبررات للسائقين كي يستغلوا أبناء مدينتهم هذا الاستغلال المعيب ويجبروهم على دفع مبالغ زائدة عن أجرة العداد”.
وأوضح “عبدالله” وهو من سكان حي شارع النيل، أن “أجرة توصيلة التاكسي من شارع النيل إلى حي الجميلية وسط المدينة لا تتجاوز الـ /250/ ليرة سورية بحسب تعرفة العداد لكن وخلال فترة أزمة البنزين كان السائقون يطلبون مني مبلغ /500/ ليرة للتوصيلة ذاتها وكنت أدفع من طيب خاطر تقديراً مني لظروف السائقين ومعاناتهم مع الأزمة، واليوم ورغم انتهاء الأزمة إلا أن أجرة تنقلي بين شارع النيل والجميلية حيث مكان عملي باتت تبلغ /400/ ليرة سورية يطلبها مني السائق كنوع من المفاصلة قبل أن أصعد بسيارته، وفي حال رفضت دفع هذا المبلغ فإن السائق يتركني ويكمل طريقه حاله حال معظم السيارات التي أوقفها، الأمر الذي أصبح يضطرني إلى الانتظار لفترة طويلة ريثما يأتيني سائق (ابن حلال) ليوصلني إلى وجهتي حسب العداد”.
ودافع “أبو وسيم”، سائق تاكسي، عن أبناء مهنته، بأن مسألة رفع أجرة الركوب في الوقت الحالي تعود إلى سبب رئيسي وهو قلة كمية مخصصات السيارات العمومية من البنزين والتي توزع بموجب البطاقة الذكية، حيث تبلغ الكمية المخصصة /40/ ليتراً كل يومين تتم تعبئتها وفق السعر المدعوم، واعتبر “أبو وسيم” خلال حديثه لـ “اثر برس” بأن هذه الكمية غير كافية كون السيارات العمومية تستمر بالتجول طيلة ساعات النهار والليل في شوارع المدينة، وهذا الأمر قد يضطر السائقين إلى تعبئة المادة بالسعر غير المدعوم ما يضطرهم إلى تقاضي أجور زائدة.
وفي رأيٍ مغاير تماماً، أكد “أبو نظمي” وهو سائق أجرة حافظ على عمله بموجب التسعيرة النظامية للعداد حتى خلال فترة الأزمة، لـ “أثر برس”، بأن مزاعم بعض السائقين بعدم كفاية الـ /40/ ليتراً للعمل لمدة يومين، هو أمر غير صحيح، وخاصة أن التوصيلات بشكل عام في مدينة حلب هي توصيلات قريبة المسافة، كما أن معظم السائقين باتوا يلجؤون مؤخراً إلى التمركز في نقاط محددة من شوارع وأحياء المدينة لاستقطاب الركاب: “دون أن نضطر إلى التجول (عالفاضي والمليان) في الشوارع إلا ما ندر، وحتى لو تجولنا فإن الكمية كافية نسبياً ولا يحتاج السائقون إلى تعبئة أي كميات إضافية بالسعر (الحر)، ولذلك لا مبرر للسائقين الذين يتقاضون أجوراً زائدة إلا مبرر الجشع والطمع واستغلال حاجة المواطنين، وهذه كلمة حق أقولها بحق هؤلاء السائقين حتى وإن كنا أبناء (مصلحة) واحدة”.
وفي السياق ذاته، كانت مدينة حلب قد شهدت خلال الأيام الماضية، انتهاء أزمة البنزين بشكل كامل، حيث عادت مختلف الكازيات إلى عملها المعتاد ولساعات طويلة، وسط انعدام تام لمشاهد الازدحام وطوابير السيارات الطويلة التي كانت تحدث خلال فترة الأزمة، في ظل استمرار تدفق المشتقات النفطية من بنزين ومازوت إلى المدينة بشكل منتظم وبكميات كافية، الأمر الذي خلّف ارتياحاً عاماً في الشارع الحلبي، لم ينغصه سوى استمرار ارتفاع أجور التنقل بسيارات الأجرة ضمن المدينة.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أصدرت قبل عدة أيام قراراً يقضي بتغريم سائقي سيارات النقل العمومي الذين يتقاضون أجوراً زائدة بمبلغ /25/ ألف ليرة سورية، إلا أن: “ضعف المراقبة ومتابعة تنفيذ هذا القرار في حلب، أفسح المجال أمام ضعاف النفوس من السائقين للاستمرار في نهب جيوب المواطن واستغلال حاجته”، وفق ما قالته “عبير” وهي موظفة متقاعدة، لـ “أثر برس”.
زاهر طحان – حلب