وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، في اجتماع مع الأعضاء الدائمين في “مجلس الأمن الروسي”، مرسوماً يتعلّق بالوثيقة الجديدة لـ “المفهوم الجديد للسياسة الخارجية الروسية”.
وقال الرئيس الروسي: إنّ “التغييرات الجذرية في الحياة الدولية، تطلّبت منا أن نعدّل بجدّية وثائق التخطيط الاستراتيجي الرئيسة، ومن بينها مفهوم السياسة الخارجية لروسيا، والذي يحدّد مبادئ ومهام وأولويات النشاط الدبلوماسي”.
وجاء في وثيقة المفهوم الجديد للسياسة الخارجية لروسيا الاتحادية، أنّ روسيا تعتزم توجيه أولوية اهتمامها إلى “تطوير التعاون الشامل والقائم على الثقة مع جمهورية إيران الإسلامية، والدعم الشامل للجمهورية العربية السورية، فضلاً عن تعميق شراكة متعددة الجوانب وذات منفعة متبادلة مع جمهورية تركيا والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وغيرها من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مع مراعاة درجة سيادتها ومواقفها البناءة في سياستها تجاه روسيا الاتحادية”، وفقاً لما نقلته وكالة “تاس” الروسية.
ويؤكد المفهوم الجديد على “تزايد الحاجة لشركاء موثوقين لضمان الأمن والاستقرار وحل المشكلات الاقتصادية على المستويين العالمي والإقليمي”، لافتاً إلى أن “هذه الدول هي دول الحضارة الإسلامية الصديقة”، وفي هذا الصدد، تسعى روسيا الاتحادية لتعزيز “التعاون الشامل متبادل المنفعة مع دول منظمة التعاون الإسلامي على أساس احترام بناها الاجتماعية والسياسية والقيم الروحية والأخلاقية التقليدية التي تؤمن بها”.
كما تنص الوثيقة على أن “موسكو ستولي اهتماماً لتشكيل بنية شاملة مستدامة للأمن والتعاون الإقليميين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أساس توحيد إمكانات جميع الدول والاتحادات القائمة بين دول المنطقة، بما في ذلك جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية”.
وجاء في النص، أن “الجانب الروسي يعتزم التعاون بنشاط مع جميع الأطراف المعنية من أجل تنفيذ مقترحات روسيا الاتحادية لضمان الأمن الجماعي في منطقة الخليج العربي، وتعتبر موسكو تنفيذ هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تطبيع مستدام وشامل للوضع في منطقة الشرق الأوسط”.
من جهته، بيّن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، أن “مفهوم السياسة الخارجية الجديدة لروسيا، يعكس واقعاً سياسياً جديداً، ومتغيّرات جيوسياسية، وتطوّرات ثورية في العالم، تسارعت بشكل ملحوظ مع بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا”، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام روسية.
وأشار لافروف إلى “رصد مستوى غير مسبوق من “التوتّر الدولي” على مدى العقد الماضي”، منبّهاً إلى أن “هذا المستوى يُعتبر خطراً وجودياً يهدّد أمن روسيا وتنميتها”.
واعتبر أن “التوتّر والتهديدات التي نعيشها، هي نتيجة لتصرّفات الدول غير الصديقة”، كما تطرّق إلى المفهوم الجديد للسياسة الروسية، كاشفاً أنه “يطلق على الولايات المتحدة تسمية “المبادر الرئيس والمحرّض الرئيس على انتهاج الخطّ المناهض لروسيا في العالم”، ويحدّد واشنطن بوصفها “أكبر تهديد يواجه العالم وتطوّر البشرية”، مضيفاً أن “الغرب بصفة عامة ينتهج سياسة تهدف إلى إضعاف روسيا من جميع النواحي، في ما يمكن اعتباره حرباً هجينة من نوع جديد”.
وتابع أن المفهوم الجديد ينصّ على “إمكانية اتّخاذ إجراءات مماثلة، أو غير مماثلة، ردّاً على الإجراءات غير الودّية ضدّ روسيا”، وعلى أن “مبدأ الارتباط الأمني متاح استناداً للندّية”، في ظلّ ظروف التهديدات الخارجية.
يشار إلى أن المفهوم السابق للسياسة الخارجية الروسية صدر في تشرين الثاني 2016، في وقتٍ يؤكد فيه محللون أن تبني موسكو لاستراتيجيتها الجديدة يعكس مدى الانقسام العميق القائم بين روسيا والدول الغربية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، والذي دفع “حلف الناتو” إلى رص صفوفه مع تحول موسكو إلى الصين.
أثر برس