عاد التوتر الروسي-الإسرائيلي إلى العلن مجدداً، بعد تصريحات وزير الهجرة الإسرائيلي “نحمان شاي” التي قال فيها: “آن الأوان أن تتخذ إسرائيل قراراً حاسماً وتقف إلى جانب أوكرانيا في مواجهتها الحرب الروسية وأن تستجيب لطلب كييف وتزودها بالمضادات الصاروخية المتطورة، مثل القبة الحديدية” ليأتي الروسي على لسان الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي، ويعتبر من أكثر الأشخاص المقربين من ارئيس فلاديمير بوتين، حيث قال في بيان على تلغرام: “إن إسرائيل تستعد على ما يبدو لتزويد نظام كييف بالأسلحة، إنها خطوة متهورة للغاية ستدمر العلاقات الثنائية بين بلدينا”.
تؤكد التحليلات أن أول الساحات التي سيتم عبرها بروز مظاهر هذا التوتر، هي سوريا، وهذا السياق نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” الدولية: “فشل الطرفان الروسي والإسرائيلي في تقريب وجهات النظر وتجاوز الملفات الخلافية رغم عقد عدة جولات للحوار على مستويات دبلوماسية وأمنية وعسكرية في موسكو وتل أبيب” مضيفة أنه “لم يكن من الممكن ألا ينعكس تدهور العلاقة بين موسكو وتل أبيب على الوضع في سوريا، وخلال الشهور الماضية تصاعدت بقوة نبرة موسكو في انتقاد الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع حكومية في مناطق عدة من الأراضي السورية، وكانت موسكو قد تجاهلت توجيه انتقادات ضد الغارات الإسرائيلية في أوقات سابقة، لكن تدهور العلاقة إلى هذا المستوى غير المعادلة ودفع موسكو إلى طرح الملف في مجلس الأمن عبر مندوبها الدائم هناك، وكذلك بدا أن إسرائيل تجاوزت -الخطوط الحمراء- التي كانت موسكو قد وضعتها وهي تشمل عدم توجيه ضربات إلى مواقع الجيش السوري أو المنشآت التي تقع بشكل أو بآخر تحت حماية الوجود الروسي مثل المطارات السورية، أو عبر توجيه ضربات إلى مواقع قريبة جداً من القواعد العسكرية الروسية في سوريا، وعكس ذلك انهيار التفاهمات الروسية الإسرائيلية التي ميزت العلاقة منذ التدخل الروسي المباشر في سوريا في 2015”.
فيما نشرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” تقريراً أشارت خلاه إلى خطورة التهديد الروسي، لافتة إلى أنه “الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف حذر إسرائيل من إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، قائلاً: (إنها ستدمر جميع العلاقات الدبلوماسية بين القدس وموسكو) ما يبدو أن تزويد إسرائيل لنظام كييف بالسلاح، ستكون حركة متهورة جداً” مضيفة أنه “يُنظر إلى رفض إسرائيل على أنه محاولة من جانب القدس للحفاظ على علاقات العمل مع موسكو ، بسبب سيطرة روسيا على المجال الجوي السوري، وغضت روسيا الطرف إلى حد كبير عن الضربات الجوية الإسرائيلية، على الرغم من تضرر العلاقات بين تل أبيب وموسكو، بعدما أدانت إسرائيل العملية الروسية في أوكرانيا”.
فيما سلّطت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية الضوء على المقترح الروسي المتعلق بإرسال منظومة صواريخ “الشيطان” إلى سوريا، وخطورة هذا التهديد الروسي على “إسرائيل” وأوروبا، لافتة إلى أن “يعتقد مختصون في شأن السياسة الروسية في جدية نقل هذه المنظومة المدمرة والحاملة للرؤوس النووية، ونشرها في سوريا إلى التلويح بتهديد أوروبا من بوابة المتوسط، بل من تهديد العالم بأسره بقدرات استثنائية، واستغلال المساحة السورية المطلة من نافذة قواعدها على الساحل وأضخمها قاعدة حميميم في اللاذقية وقاعدة طرطوس إلى أن تكون منطقة ذات نفوذ وأداة في الصراع الجديد مع أوكرانيا” مضيفة أنه “يمكن أن تمنع تل أبيب موسكو من اتخاذ قرار كهذا، في وقت تعيشان فيه حالاً من التوتر غير المعلن، وفي هذا الصدد توقع الباحث الروسي في شؤون العلاقات الدولية والسياسية رولاند بيجاموف، أن تعيد موسكو النظر في سياساتها في ما يخص تصرفاتها وعملياتها في سوريا.. وربما سيتم تعزيز الجيش السوري، لسبب رئيس يتعلق بما وصل من معلومات تشير إلى تورط متطوعين إسرائيليين من أصل أوكراني، وأيضاً خبراء من الموساد إلى جانب القوات الأوكرانية في هذا الصراع”.
في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن احتمال لجوء روسيا إلى الورقة السورية لتأديب “إسرائيل” وإجبارها على تراجعها عن موقفها من الحرب في أوكرانيا، يذّكر الخبراء بالعديد من فصول التوتر الحاد التي مرّت على الجانبين “الروسي والإسرائيلي”، لافتين إلى أنه منذ بدء الحرب الأوكرانية لم تشهد الساحة السورية أي إجراء روسي جدي كان من شأنه أن يحد من حدة وكثافة الاعتداءات “الإسرائيلية” على سوريا، بالرغم من أن هذه الاعتداءات تسببت بموجة غضب في الشارع السوري ضد روسيا، حيث طالب السوريين موسكو بالعمل على الحد من هذه الغارات، خصوصاً بعدما باتت مؤخراً تستهدف بنى تحتية مدنية كالمطارات والموانئ وغيرها.