خاص || أثر برس مع دخول موسم التسجيل للعام الدراسي الجديد، اصطدم أرباب الأسر الحلبية ممن لديهم أطفال دون سن المرحلة التعليمية الأولى، بأجور التسجيل في روضات الأطفال الخاصة المنتشرة في المدينة، والتي تفاوتت أجور التسجيل فيها وفق عدة معايير مختلفة يتقدمها معيار وسائل الترفيه المتاحة ضمن كل روضة.
تكلفة التسجيل في العام الجديد، ارتفعت بنسب متفاوتة عما كانت عليه في العام الماضي، حيث تباينت نسب الارتفاع بحسب كل روضة، ما بين 30 إلى 50 بالمئة، والحديث هنا عن رياض الأطفال الخاصة في ظل عدم وجود رياض حكومية للأطفال دون سن الخامسة في المدينة.
وخلال جولة لمراسل “أثر” على عدد من رياض الأطفال في مناطق متفرقة من مدينة حلب، تبيّن وصول تكلفة التسجيل إلى أرقام فلكية بعيدة المنال بأشواط كبيرة عن جيوب العائلات “المستورة”، حيث وصلت تكلفة التسجيل في “الروضات” المرموقة إلى ما بين مليون و600 ألف ليرة سورية ومليون و800 ألف ليرة، بينما تنخفض تلك الأرقام بشكل تدريجي بحسب كل روضة وما تقدمه من مناهج تدريسية ولغات ووسائل ترفيه وعناية بالطفل، لتصل الأرقام في “الروضات” الجيدة نسبياً إلى عتبة المليون ليرة، وفي الأخرى ذات المستوى المقبول لحدٍ ما، إلى ما بين 600 ألف و800 ألف ليرة.
وتشمل الأرقام المذكورة لأجور التسجيل، تكاليف اللباس الموحّد وأجور المواصلات للأطفال “الأتوكار” فقط، بعيداً عن باقي تكاليف الطفل من القرطاسية والمستلزمات الدراسية المتنوعة التي من شأنها أن تزيد تلك الأرقام وسطياً بمعدل 20% إلى 30%.
وبحسبة بسيطة على اعتبار أن العام الدراسي سيمتد على مدار 9 أشهر، فإن التكلفة الشهرية لتسجيل الطفل في روضة خاصة جيدة يضاف إليها المستلزمات اليومية للطفل، ستصل إلى عتبة 125 ألف ليرة سورية، أي أن الموظف الحكومي على اعتباره مقياساً للدخل في البلاد، سيكون مضطراً لدفع راتبين كاملين تقريباً في كل شهر، مع البقاء دون طعام أو شراب أو باقي مستلزمات العيش، مقابل تسجيل طفله في تلك الروضة.
ولعل “الروضات شبه الحكومية” المنتشرة في مدينة حلب، والحديث عن رياض الأطفال التي كانت تتبع للاتحاد النسائي وباتت تابعة في الوقت الحالي لفرع “حزب البعث العربي الاشتراكي” بحلب، كانت الناجي الوحيد من الارتفاع الجنوني للأسعار، حيث تم تحديد أجور التسجيل بمبلغ 62 ألف ليرة سورية كدفعة أولى تتضمن سعر اللباس وأجور المواصلات، تتبعها أقساط شهرية قيمتها 22 ألف ليرة، ليصل الرقم الإجمالي للتكلفة مع نهاية العام إلى 238 ألف ليرة فقط، باعتبار أن العام الدراسي يمتد على مدار 9 أشهر.
وفي ظل تحديد “روضات فرع الحزب” أسعاراً “رحمانية” ومستوىً مقبول، مقارنة مع باقي “الروضات” الخاصة، سُجل إقبال جيد من الحلبيين خلال الأسبوع الماضي على تسجيل أطفالهم فيها، دون التدقيق على بعض الأمور الاعتيادية كالإعطاء التعليمي أو وسائل الترفيه، معتبرين أن مجرد دخول الطفل للأجواء الدراسية خارج المنزل، سيسهم إيجاباً في تكوين شخصيته وتأهيله لبدء المراحل التعليمية الفعلية في العام القادم.
عدد آخر من أرباب الأسر الحلبية، أشاروا خلال حديثهم لـ “أثر”، إلى أنهم أخرجوا فكرة تسجيل أبنائهم في “الروضات” من رؤوسهم، وفضلوا البدء بعملية تأهيل أبنائهم تعليمياً في المنازل، بشكل مجاني، منوهين بأن أدنى مصروف سيدفعونه للروضة: “سيُقتطع بالنتيجة من مصروف المنزل الذي بات تحصيله بالأصل، مسألةً تتجاوز في تعقيدها أعتى وأشد النظريات العلمية الحديثة والقديمة في ظل الظروف الحالية وغلاء الأسعار الفاحش”. وفق قول والد الطفل “مازن” ذو الثلاثة أعوام.
وما بين ضرورتها من جهة، وتكاليفها التي “تهد الحيل وتخرب البيوت” وفق توصيف الأهالي، من جهة ثانية، يبقى تسجيل الطفل في إحدى الرياض الجيدة، حلماً يراود أذهان الآباء الحالمين بمستقبل زاهرٍ لأطفالهم، وتقديم كل ما باستطاعتهم، وما يفوق استطاعتهم في بعض الأحيان، للاطمئنان على مستقبل أطفالهم، وإدخال الفرح والبهجة والسرور على وجوههم الصغيرة.
زاهر طحان – حلب