خاص|| أثر برس ازدادت نسب حالات الأمراض النفسية خلال فترة الحرب التي عاشتها سوريا، سواء بسبب حالات فقدان الأقارب أم بسبب التهجير أم تبدل الأحوال المعيشية والاجتماعية والاقتصادية.
أكثر من النسب العالمية:
وفي حوار خاص مع “أثر” أوضح أستاذ الطب النفسي في جامعة دمشق، ورئيس قسم الأمراض الباطنة في مشفى المواساة الجامعي الدكتور يوسف لطيفة أن نسبة الأعراض الاكتئابية منتشرة بنسبة كبيرة مضيفاً: “أكثر من دراسة تمّ إجراؤها سواءً في جامعة دمشق أو في الجامعات السورية الخاصة على طلاب الجامعات تدل على أن نسبة الأعراض الاكتئابية أكثر من النسب العالمية المعروفة”.
ازدياد الأمراض النفسية:
ويرى الدكتور لطيفة أن الأمراض النفسية تزداد بسبب الظروف وبالتالي تزداد الاضطرابات النفسية، كمرض القلق والقلق المعمم والاكتئاب واضطراب الصدمات النفسية واضطرابات التكيف أو التلاؤم، كل هذه الأمراض تزداد بدرجة بعد الظروف النفسية الشديدة.
وبرأي لطيفة، من بين العوامل التي ساهمت بانتشار هذه الأمراض “ظروف الحياة اليومية والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد، وخاصة الظروف التي مرت بها سوريا، كلها عوامل تزيد من نسبة الاضطرابات النفسية عامة وخاصة القلق والاكتئاب، وأيضاً الإدمان يزداد بدرجة عالية في حالات الأزمات بكل دول العالم، لسهولة الحصول على المواد المخدرة وبسبب نقص الرقابة الصحية في المؤسسات الصحية بالدول التي لديها أزمات، وغالباً يكون الإدمان على الحشيش أو المخدرات بشكل عام أو على المنشطات النفسية أو الأدوية المسكنة المركزية وأيضاً على الكحول”.
وحول الشريحة الأكثر تعرضاً لهذه الأمراض، يبيّن لطيفة: “الشباب المراهقون والبالغون النسبة الأكبر، لأن شخصيتهم تكون هشة وخاصة الإناث تكون شريحتهن هي الأكبر”.
الوصمة:
وعن سخرية بعض الناس عن الأمراض النفسـية تحدث لطيفة: “هذه تسمى الوصمة أو الخجل من المرض النفسي، الوصمة كانت سابقاً بنسبة عالية جداً، ولكن منذ حوالي 10 سنوات هذه الوصمة بدأت تتراجع وبدأ التقبل للأمراض النفسـية من قبل شريحة كبيرة من المجتمع، بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وبسبب ندوات التوعية ووسائل الإعلام جميعها، التي ساهمت بازدياد التوعية تجاه هذه الأمراض وعدم الخجل منها، وهناك عوامل تساعد ع الإقلال من الوصمة هي: وسائل التواصل الاجتماعي التي تشرح بأنها أمراض ليست من إرادة الإنسان”.
الأدوية النفسية أخطر من غيرها:
وبحسب لطيفة، أحياناً الأمراض النفسية تكون أخطر من غيرها في حال عدم قدرة الإنسان على تحمل الضغوط، فمن الممكن أن تطلق هذه الاضطرابات، ولها خطورة مثل باقي الأمراض، وأحياناً تكون أخطر من غيرها، لأنها تؤثر على سلوك الفرد وإنتاجيته وتعب وخمول وببعض الحالات تؤدي إلى عزلة، خاصة في الاكتئاب الذي يسبب التمني بالموت أو التفكير بالانتحار ومن هنا تأتي خطورتها، وكذلك الإدمان من الاضطرابات النفسـية التي تؤثر تأثيراً سلبياً وشديداً جداً على المجتمع من حيث هدر الموارد المادية وانتشار الاضطرابات السلوكية الناتجة عن الإدمان.
أما الأدوية النفسية التي قد تشكل إدماناً، يشرح د.لطيفة بأنها موجودة في الصيدليات وإيجابياتها كبيرة جداً ومرخصة من وزارات الصحة بكل دول العالم وبالتالي إن لم تكن سليمة وآمنة لما تم السماح باستخدامها، وهي لا تسبب إدماناً، إلا مجموعة صغيرة جداً منها قد تسبب إدماناً عند عدم التزام المريض بتعليمات الطبيب، بينما إذا تمّ الالتزام بالتعليمات وتقيد بالوصفة فكلّ الأدوية النفسية ضمن إشراف طبي لا تسبب إدماناً، فهذه النظرة الخاطئة أو الجهل بالأدوية النفسـية يكون من أسباب نقص مراجعة المرضى الحقيقيين للأطباء النفسيين، وأيضاً ارتفاع نسبة شعور الخجل أو الوصمة عند المرضى والنظرة السلبية غير الصحيحة للأدوية النفسية.
وعن تأثيراتها يقول لطيفة: كغيرها من الأدوية كأدوية السكري والضغط والسرطان، لها نسبة قليلة من التأثيرات الجانبية عند المرضى، ولكن الذي يحدث أن وسائل الإعلام تزيد وتضخم وتلقي الضوء على التأثيرات الجانبية النادرة وتعممها ما يجعل هناك سوء الفهم تجاه هذه الأدوية.
زيادة بصرف الأدوية النفسية
من جانبه، أكد الصيدلي محمد الطويل لـ”أثر” أن هناك زيادة رهيبة بصرف الأدوية النفسية حوالي 70% عن العامين الماضيين، خاصةً أدوية الاكتئاب، مضيفاً: “هذه الأدوية لا نصرفها دون نشرة طبية، والمرضى أصبحوا يصرفون النشرة ويكررونها في كلّ مرة دون الذهاب لمراجعة الطبيب، وتكمن خطورة التكرار هذه في الإدمان عليها”.
فعالية الأدوية النفسية:
وتابع الطويل: “توجد أدوية فعالة ومضمونة، وأخرى غير ذلك، وهذا تبعاً للشركات المنتجة للدواء، ويعد هذا دليل لعدم وجود رقابة كافية على تصنيع الدواء.
يذكر أنّ معاينة الطبيب النفسي تتفاوت بين 30- 50 ألفاً ليرة سوريّة في دمشق، الأمر الذي يولد رفض بعض الأفراد للذهاب إلى العيادات النفسـية، لعدم قدرتهم المالية.
أمير حقوق – دمشق