أثر برس

زياد غصن يكتب عن الحصاد الإحصائي السنوي (2/2): 400 ألف تلميذ خسرتهم المدارس الحكومية.. الأمريكيون أولاً في سياحة المبيت

by Athr Press B

زياد غصن ||أثر برس في الجزء الثاني من مقالتنا، والتي نستعرض فيها جزءاً آخر من البيانات الواردة في المجموعة الإحصائية لعام 2022 والصادرة حديثاً، سوف نتطرق إلى بعض البيانات المتعلقة بقطاعات كالصحة، التعليم، السياحة، وغيرها، لاسيما البيانات التي لم يرد لها ذكر فيما نشر سابقاً من قبل الوزارات والمؤسسات العامة المعنية.

في قطاع الصحة، تبدو الأمور بحسب بيانات المجموعة الإحصائية بخير، فمن جهة، هناك زيادة مسجلة في عدد الأطباء المسجلين في نقابة الأطباء تبعاً لبيانات عامي 2020 و2021 وبنسبة تقدر بحوالي 4.2%، حيث بلغ عدد الأطباء المسجلين في العام 2021 حوالي 32902 طبيباً، واللافت أيضاً أن عدد الأطباء المسجلين تبعاً للاختصاصات مقبول ويشهد زيادة سنوية، فمثلاً كانت هناك شكوى خلال السنوات الأخيرة من تراجع كبير في عدد أطباء التخدير، لكن عملياً عدد هؤلاء وصل في العام 2021 إلى 910 طبيب، وليحتلوا بذلك المرتبة الخامسة بين أطباء الاختصاص، حيث جاء أطباء الجراحة العامة في صدارة القائمة برقم 1765طبيب، لكن بيانات المجموعة لم تتطرق إلى عدد الأطباء الذين غادروا البلاد أو الذين لايزالون يمارسون فعلاً المهنة، وعليه كان يمكن قياس حجم خطورة ما يشاع عن نقص في عدد الأطباء، خاصة أصحاب الخبرة والكفاءة.

ومن جهة ثانية، تظهر البيانات وجود زيادة في عدد المستشفيات والأسرة الموضوعة في الخدمة، حيث إن متوسط عدد السكان لكل سرير انخفض من حوالي 706 نسمة في العام 2020 إلى حوالي 633 نسمة في العام 2021، وزاد عدد المستشفيات الحكومية بحوالي 18 مستشفى ليصبح العدد في العام 2021 حوالي 132 مستشفى حكومي وهذا أمر يمكن تبريره بعمليات إعادة التأهيل للمستشفيات المتضررة بفعل الحرب، فيما بقيت عدد المستشفيات الخاصة على حالها.

أرقام غير مفهومة:

مع كل رقم منشور في الفصل الخاص بالتعليم هناك سؤال يطرح أو استفسار يفرض نفسه، والمثير للاستغراب أنه ليس هناك أي ملاحظة توضيحية، فمثلاً ما السبب الذي جعل عدد مدارس التعليم الأساسي تتراجع من حوالي 10035 مدرسة في العام 2018 إلى حوالي 8577 مدرسة في العام 2021، فالمفترض أن يزداد عددها لا أن يتراجع لسببين: أن هناك مدارس عديدة جرى إعادة تأهيلها ووضعها الخدمة، والسبب الثاني أن استعادة الحكومة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد في عامي 2018و2019، أي أن هناك مدارس عديدة عادت إلى إشراف وزارة التربية!

يصبح التساؤل مشروعاً وضاغطاً مع الزيادة المتحققة في عدد مدارس التعليم الأساسي الخاصة بين العامين المذكورين سابقاً، حيث وصل عددها في العام 2021 إلى حوالي 355 مدرسة مقابل 327 مدرسة في العام 2018. كذلك الأمر بالنسبة لمدارس وكالة غوث اللاجئين، التي زادت من 98 مدرسة إلى 103 مدرسة.

التراجع لم يقف عند عدد مدارس التعليم الأساسي الحكومية، وإنما وصل إلى عدد التلاميذ في هذه المدارس، وهذا ما يثير ألف سؤال وسؤال، فحسب ما جاء في بيانات المجموعة، تراجع عدد تلاميذ مدارس التعليم الأساسي الرسمية من 3.395 مليون تلميذ في العام 2018 إلى حوالي 2.959 مليون تلميذ في العام 2021، أي أن الفارق يزيد على 434 ألف تلميذ!

ولمزيد من التوضيح نفتح على الجدول الخاص بعدد التلاميذ في الحلقة الأولى تبعاً لملكية المدرسة والجنس لنجد أن عدد التلاميذ في المدارس الرسمية تراجع من حوالي 2.417 مليون تلميذ في العام 2018 إلى حوالي 1.986 مليون تلميذ في العام 2021، وهذا على خلاف المدارس الخاصة التي زاد عدد تلاميذها من 91 ألف تلميذ إلى 100 تلميذ، وكذلك الأمر بالنسبة لمدارس الغوث، والتي زاد عدد تلاميذها أيضاً من 31.7 ألف تلميذ في العام 2018 إلى 32.5 ألف تلميذ في العام 2021.

وإذا اعتبرنا أن الزيادة الحاصلة في المدارس الخاصة والغوث، والبالغة حوالي 9808 تلميذاً هي نتيجة نجاح هذه المدارس باستقطاب بعض التلاميذ من المدارس الحكومية، فإنه يتبقى حوالي 421.6 ألف تلميذ لا يعرف مصيرهم، فهل هم متسربون من التعليم الأساسي بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والهجرة؟ أم أن الاختلاف الحاصل في البيانات هو نتيجة عملية مراجعة للبيانات والأرقام من قبل وزارة التربية أو المكتب المركزي للإحصاء؟

في التعليم الثانوي يختلف الوضع قليلاً، فالبيانات الرسمية تؤكد حصول زيادة في عدد المدارس الثانوية الرسمية بين عامي 2018 و2021 من حوالي1388 مدرسة إلى 1409 مدرسة (رغم أن هذا العدد وصل في العام 2020 إلى حوالي 1508 مدرسة)، والأمر نفسه ينطبق على المدارس الخاصة التي زاد عددها من حوالي 141 مدرسة إلى 166 مدرسة. أما بالنسبة لعدد طلاب الثانوي فقد زاد عددهم في المدارس الرسمية والخاصة. ففي الرسمية زاد العدد من حوالي 303 ألف طالب في العام 2018 إلى حوالي 312 ألف طالب في العام 2021، وفي الخاصة من 27.8 ألف طالب إلى 36.1 ألف طالب. فما هو سبب زيادة عدد طلاب الثانوي يا ترى؟

المغادرون للبلاد:

في الفصل المتعلق بالسياحة أكثر ما يستوقف المهتم بالشأن الاقتصادي جدولان:

-الأول يتعلق بأعداد السوريين المغادرين للبلاد تبعاً للمعابر البرية والبحرية والجوية، وأهمية الجدول تكمن في الحديث الدائر عن موجة الهجرة الجديدة التي نشطت مع العام 2020، وعلى ذلك على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

ووفقاً لبيانات المجموعة الإحصائية الجديدة، فإن عدد السوريين المغادرين في العام 2021 بلغ حوالي 1.065 مليون مغادر بزيادة قدرها 334.5 ألف شخص عن العام السابق، أي أن نسبة الزيادة تتجاوز 45%، هنا لا يمكن القول إن هذه الزيادة الكبيرة سببها فقط عمليات الهجرة، وإنما السبب الأساسي يكمن في توقف العمل بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها الحكومة بسبب أزمة فيروس كوفيد 19، ومن ثم فتح الدول بفتح واستئناف رحلات الطيران الخارجية.

عدد المغادرين يطرح جملة من التساؤلات من قبيل: الأسباب والغايات التي تدفع ما يقرب من 5% من تقديرات عدد السكان إلى مغادرة البلاد، مع الإشارة هنا إلى أن المغادرة لا تعني الهجرة، فالكثر من المغادرين يعودون بعد انتهاء أسباب سفرهم للخارج، وتالياً فالرقم لا يمكن اعتباره على أنه مغادرة نهائية لهؤلاء، فمنهم من غادر للسياحة، للعلاج، للعمل، لإنجاز صفقة، للتعلم، الخ.

-الجدول الثاني يتعلق بعدد سياح المبيت الأجانب، وبحسب المجموعة الإحصائية فإن عدد هؤلاء بلغ في العام 2021 حوالي 83 ألف سائح من إجمالي عدد القادمين الأجانب البالغ عددهم حوالي 129 ألف قادم، والمثير للدهشة أن حملة الجنسية الأمريكية أتوا أولاً، إذ إن عددهم بلغ حوالي 13610 سائح، فالسويديون بحوالي 10550 سائح، فالروسيون بحوالي 7288 سائح، ثم الباكستانيون 7070 سائح، وتكشف البيانات أن نزلاء الفنادق من الأجانب تجاوز عددهم بقليل 26ألف نزيل قضوا فيها حوالي 104 آلاف ليلة فندقية.

ماذا تفيد هذه البيانات؟ تفيد في محاولة تتبع حجم إيرادات البلاد من القطع الأجنبي المتأتية من النشاط السياحي من جهة، والوقوف على وضع السياحة الوطنية ونسب إشغال الفنادق من جهة ثانية.

اقرأ أيضاً