تخيم حالة من الترقب على المشهد العسكري في ريف درعا الغربي، قبيل ساعات من انتهاء المهلة التي أعطاها الجيش السوري للتشكيلات المسلحة في مدينة طفس شمال غرب درعا، وتوحي التحركات والتعزيزات والتصريحات باحتمالية اقتراب عمل عسكري يرسم ملامح مرحلة جديدة، قد تكون أكثر حسماً لجهة فرض التسوية، والقضاء على مساعي إحداث غرفة “موك” جديدة.
مصادر خاصة تحدثت لـ “أثر” عن أن قوات الجيش السوري والقوات الروسية أعطتا مهلة للتشكيلات المسلحة في مدينة طفس حتى يوم غد الخميس لكي يتم تسليم أو ترحيل عدد من المطلوبين، وبعض السلاح الثقيل.
وأضافت المصادر أن من بين المطلوبين أشخاص نفذوا هجمات ضد حواجز الجيش السوري في المحافظة وهم الآن يختبئون في طفس.
وفي مقابل ذلك تقول أوساط التشكيلات المسلحة في المنطقة أنها ذاهبة نحو رفض مطالب الجيش السوري، حيث أن اجتماعاً عُقد أمس الثلاثاء، بمشاركة مندوبين عن “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا، انتهى إلى إعلان مندوبي الفصائل الذين حضروا الاجتماع عن اتخاذهم قراراً برفض مطالب الجيش “رفضاً قطعياً”، وذلك حسب موقع “تجمع أحرار حوران” المحلي المعارض.
في حين أصدر ما يسمى تجمع “ثوار بلدة ناحتة” بياناً عبروا فيه عن وقوفهم إلى جانب التشكيلات المسلحة في مدينة طفس، وحرضوهم على عدم القبول بشروط الجيش السوري، زاعمين أنهم سيقفون بجانب مسلحي طفس في حال بدء عمل عسكري على المنطقة.
إلى ذلك أفاد “المرصد” المعارض بظهور بوادر اتفاق غير نهائي، يفضي إلى إنهاء التوتر القائم في المدينة، على أن يتم تسليم السلاح الثقيل الموجود للجيش، ونقل قيادي واحد إلى إدلب يدعى (أبو طارق الصبيحي) وهو أحد أبرز القيادات المسلحة وينحدر من بلدة عتمان غربي درعا، حيث سيتم نقله إلى إدلب برفقة الراغبين من المسلحين والقيادات السابقة بالذهاب إلى هناك.
ووسط حالة التوتر السائدة قال نشطاء بأن الريف الغربي للمحافظة شهد خلال الساعات الفائتة تحليقاً للطيران الحربي في حادثة هي الأولى من نوعها منذ استعادة الجيش السوري السيطرة على درعا بشكل كامل عام 2018.
الأمور لا تقتصر على طفس.. درعا باتت بيئة للاستثمار السياسي
لا يقتصر المشهد المتأزم على مدينة طفس، وإن كانت تشكل حجر العثرة الأكبر في المرحلة الحالية، إذ أن التسوية غير المتكاملة التي تمت في المنطقة عام 2018 خلقت “كانتونات” مستقلة إلى حد ما، لتفرض واقعاً سياسياً في المنطقة، قريباً إلى حد كبير للوضع السابق لعمليات الجيش السوري هناك.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة الأخبار عن مصادر عسكرية روسية، معلومات عن وجود مساعٍ لدى قوات “اللواء الثامن” التابع لأحمد العودة، وهو من قادة مسلّحي التسويات المدعومين من القوات الروسية، لوضع أيديها على الحركة التجارية عبر معبر نصيب مع الأردن.
وتؤكد الشروطُ الأردنية التي تربط تسهيل العملية التجارية مع سوريا، بتسلّم العودة وجماعته المعبر بدلاً من الحكومة السورية، تؤكد وجود تلك المساعي، الأمر الذي ترفضه القيادات العسكرية السورية، مدرجةً إيّاه في إطار “محاولات إعادة تفعيل غرفة عمليات موك، بهدف السيطرة على المنطقة الجنوبية من جديد، من بوابة معبر نصيب هذه المرّة”، وفق صحيفة الأخبار اللبنانية.
واقع أمني متردي في عموم الجنوب
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن محافظة درعا شهدت منذ بداية العام الحالي فقط وحتى اليوم أكثر من 45 عملية اغتيال وسطوٍ مسلح، وسط فلتان أمني عارم، في ظل غياب مؤسسات الدولة عن معظم المناطق وانتشار السلاح وتعدد اللاعبين الذين يحاولون إعلاء كلمتهم وفرض سطوتهم على المحافظة، ويقول أحد المدنيين في حديث لـ”أثر” بأن المدنيين في درعا باتوا يشعرون بالخوف والقلق حتى داخل منازلهم، إذ أن عمليات السرقة باتت شبه يومية و”الأسلحة بيد الجميع”، ويضيف المصدر الأهلي: “رغم وجود بعض التحفظات لدى بعض الأهالي، لكنهم يرغبون بعودة حالة الدولة إلى مناطقهم”.
رضا توتنجي