يبدو أن حادثة إسقاط منظومة الدفاع الجوي السوري للطائرة الإسرائيلية التي دخلت الأجواء السورية لم ولن تمر مرور الكرام، وهذا يظهر جلياً عندما نجد أن الإعلام العبري وبعد يومين من حدوثها مازال مستمراً بنقل تصريحات جديدة للمسؤولين الإسرائيليين حول الحادثة.
فالاستنفار الذي أبداه الكيان الصهيوني والحالة الشعبية التي كانت موجودة بين المدنيين في سوريا على اختلاف أطيافهم، أثبت حقيقة أن ما حدث هو انقلاب لموازين استراتيجية لدى الطرفين في هذه الحرب، وهذا ما أكده المسؤولين العرب والأجانب في المقالات التي نشرتها الصحف.
لكن اللافت أكثر أن هذه الحادثة لم تكن مهمة على ما يبدو بالنسبة لمعظم الدول العربية، حيث لم تقدم أي منها أي تصريح حول الموضوع إلا الحكومة اللبنانية التي أشادت بعملية التصدي، حيث قال الرئيس اللبناني ميشيل عون: “إن الاستفزاز الإسرائيلي الكلامي لا يهمنا ولكن إذا دخل حيز التنفيذ فستندلع حروب جديدة”، وذلك في إطار تصريح المسؤولين الإسرائيليين حول ضرورة عدم تدخل حزب الله في المعركة، إضافة إلى الحديث عن بناء الجدار العازل على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
أما مصر ودول الخليج فقد تجاهلت هذه الحادثة ولم يصدر أي تصريح أو تعليق على لسان مسؤوليها، بل أعلنت السلطات السعودية بعد يوم من الحادثة عن إلقاء القبض على الناشطة الحقوقية السعودية نهى البلوي بسبب رفضها للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، لكن وسائل الإعلام الخليجية اهتمت بنقل التفاصيل، حيث أجرت قناة “الجزيرة” القطرية مقابلة حصرية مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي “أفيخاي أدرعي” للحديث عنها ومحاولة إظهار المعنويات المرتفعة للكيان الإسرائيلي.
كما نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال لها حول حادثة إسقاط الطائرة:
“أن الأوضاع حول سوريا قد تشهد تصعيداً لا نهاية له”، وإن التطورات الأخيرة تظهر أن الرئيس السوري بشار الأسد انتقل من التهديد إلى التنفيذ، واستهداف المقاتلة الإسرائيلية اليوم يمثل تعبيراً عن اليقين الذي تشعر به سلطات دمشق بعد بسط قواتها سيطرتها على نحو 80% من أراضي البلاد”.
وأما قناة “كان” الفضائية العبرية قالت: “أن الأبحاث التي أجرتها تثبت أن اسرائيل غير مستعدة لخوض حرب في الجبهة الشمالية”.
من الواضح أن طبيعة الرد السوري أربكت حسابات الكيان الإسرائيلي وحلفاؤه في المنطقة لاسيما وأن “إسرائيل” تدرك أن اندلاع أي حرب مع سوريا أو حلفاؤها ستؤدي إلى حرب إقليمية شاملة على مستوى المنطقة لن تستطيع “إسرائيل” تحمل تكاليفها وتبعاتها داخلياً وعسكرياً.