خاص|| أثر برس أسقطت الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً في سوريا ، الرهان على الخناق والضغط الاقتصادي لتأليب السوريين على قيادتهم وتحميلها مسؤولية التردي المعيشي والخدمي الذي يعيشونه، لكنها فتحت أيضاً آفاق مرحلة جديدة، بتحديات جديدة اقتصادية وسياسية.
على الصعيد السياسي
تدور التوقعات والتحليلات حول احتمال حدوث تقارب جدي بين سوريا والدول العربية، لاسيما الرياض، استناداً إلى بعض المبادرات العربية التي تشهدها سوريا منذ عام 2019، وفي السياق كشف الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د.كمال الجفا في تصريح لـ”أثر” عن حراك مكثف غير معلن واتصالات مع عدد من الدول عبر أقنية سرية وغير معلنه لترتيب الأجواء وترطيبها مع عدد من الدول العربية، لافتاً إلى أن هذا الحراك سيظهر للعلن في القريب العاجل.
وأضاف الجفا أن هذا الانفتاح قد يكون مصحوباً بانفراجات في ملف شمال شرق سوريا، خاصة فيما لو ضمنت الشركات الأمريكية عودة تفعيل عقودها النفطية والغازية مع سوريا، والتي كانت سارية قبل العام ٢٠١١، قائلاً: “نتوسم خيراً في فتح صفحة جديدة كلياً، ليس فقط مع المحيط العربي بل المحيط الإقليمي لسوريا والذي ستكون الرياض بوابتها الرئيسية إلى عدد من الدول العربية وغير العربية”.
الأبرز اقتصادياً
بحسب الخبراء، فإن هذا الحراك الديبلوماسي المكثف لا بد أن يكون مصحوباً بحراك اقتصادي وتجاري مع الخارج، لاسيما مع الدول التي كانت تربطها مع سوريا علاقات واتفاقيات تجارية واقتصادية، حيث قال الجفا في هذا الخصوص: ” بمجرد فتح بعض الملفات السياسية وكسر الجليد الذي يغطي جسور التواصل مع المملكة العربية السعودية والتي تعتبر بوابة الدخول إلى مستويات أوسع من العلاقات مع دول عربية اخرى، سيتبعه فوراً توسيع حركة التعاون والتبادل التجاري والمالي بين سوريا والسعودية وستتوسع رقعة التبادلات والتحويلات من المغتربين السوريين المقيمين في دول الخليج، لأن أي استقرار سياسي بين سوريا والدول العربية وخاصة الخليجية سيتبعه قراءة إيجابية لأصحاب رؤوس الأموال من المغتربين السوريين وغيرهم لبدء ضخ أموال في الدولة السورية”.
وعلى صعيد الداخل السوري فإن صور الحشود الشعبية المشاركة في الانتخابات، لا تلغي حقيقة أن هذه الأعداد من السوريين تعالت على معركة يومية تخوضها لتأمين لقمة العيش وأبسط مقومات الحياة، وهو ما يُحتم البدء بخطوات عملية وجدية بعيد الانتخابات لتحسين الواقع المعيشي لهؤلاء السوريين بما أمكن في ظل العقوبات المفروضة، وبحسب الجفا فإن أبرز الإجراءات تكون بـ”تحسين مستوى المعيشة ومزيد من الخدمات وخفض سعر الصرف والقضاء على الفساد والحد من سلطات وممارسات بعض أمراء الحرب وتخفيف بعض القوانين التي تم تشريعها مؤخراً لأسباب قاهره مرت بها سوريا، وخاصة قوانين العقوبات بما يتعلق بالتعامل بالعملات الأجنبية أو قوانين ومراسيم العقوبات الأخير الخاص بوزارة التجارة، أو إقرار قانون الجمارك الجديد وتعديل بعض فقرات العقوبات المتعلقة بمراسيم المصارف وهيئة غسيل الأموال والمكتب السري للجمارك وكل هذه البنود كانت خلال الفترات الماضية عوامل ضغط مؤثرة في دوران عجلة الاقتصاد السوري وتم إقرارها بسبب الضغوطات والمضاربات التي تعرضت لها الليرة السورية”، مشيراً إلى أن هذه التفاصيل هي بمتناول القيادة السورية، ورجح جفا أن تحمل الأشهر الستة القادمة مفاجآت لكل السوريين في آليات عمل جديدة وتسهيلات ستنعكس إيجاباً على حياتهم”، الأمر الذي أكدته أيضاً وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي، حث قالت في حديث لـ”أثر”: “ما بعد الانتخابات الرئاسية سيكون متسماً بالحزم في مكافحة الفساد، وسنشهد خطوات إصلاحية كبيرة وجريئة”.
وأشارت عاصي إلى أن “التحديات الاقتصادية التي فاقمتها الحرب ورافقها انكماش اقتصادي كبير، سببت تدنياً كبيراً في القدرة الشرائية للأفراد وانخفاض في الإيرادات العامة للدولة، واليوم الجهات المختلفة عليها العمل على استصدار القوانين والقرارات التي من شأنها رفع إمكانيات الإنتاج الصناعي والزراعي بشكل رئيسي، بدون شك، أن تحريك عجلة الإنتاج سينجم عنه زيادة الإيرادات العامة وسيؤدي إلى خفض العجز المالي والتجاري، من المعروف: أن زيادة الإيرادات العامة للدولة ولو تدريجياً و ضخها لاحقاً في قنوات الإنفاق العام المختلفة من شأنها تحسين المرافق العامة وتخفيض معدلات البطالة والفقر”.
الموارد التي يمكن أن تستفيد منها الدولة السورية للنهوض بالاقتصاد:
يشير المختصون إلى وجود بعض العوامل التي يمكن أن تستفيد منها الدولة السورية، بعد تجميدها، حيث قالت عاصي في هذا السياق: “تستطيع الدولة السورية أن تستفيد من كثير من الموارد الطبيعية والبشرية، تحديداً المؤسسات والشركات المملوكة للدولة بشكل مجدي، بعد أن تركت هذه الشركات متوقفة أو شبه متوقفة عن العمل لفترات طويلة” وأضافت أنه “في هذا السياق لا بد أن نذكر خطوة إصلاحية تمثلت في إنجاز (المسودة النهائية لمشروع الصك التشريعي الخاص بالشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة) تمهيداً لمناقشتها في مجلس الوزراء” مشيرة إلى أن “هذه المسودة قامت بتفصيل عملية تحويل الشركات العامة المملوكة للدولة إلى شركات مساهمة وخضوعها بالتالي لقانون الشركات رقم 29 لعام 2011, حسب ما جاء في المادة 216, بهدف رفع كفاءة إدارة هذه الشركات وإخضاعها لشروط الحوكمة الرشيدة والإبقاء على ملكية الدولة للقطاع العام “.
وبحسب مراقبين، يبدو أن أبرز ما نتج عن هذه الجولة الانتخابية هو تثبيت أسس وقواعد يمكن الاستناد عليها في الداخل والخارج لخوض المرحلة الجديدة من التحديات ونتيجة مواجهتها ستحدد مستقبل وملامح سوريا خلال 7 سنوات.
زهراء سرحان