خاص|| أثر برس نقلت القوات الأمريكية قوات إضافية لداخل الأراضي السورية عبر 60 آلية عسكرية خلال يوم أمس، وتوزعت على القواعد الأمريكية في دير الزور والحسكة، وتقول مصادر صحفية مقربة من “قوات سوريا الديمقراطية” لـ”أثر“، إن هذه التعزيزات ليست ضمن عمليات تبديل القوات الموجودة في سوريا، والتي تحدث بشكل دوري، وإنما قوات إضافية لتعزيز القواعد الأمريكية غير الشرعية المنتشرة في مناطق شرق الفرات.
التعزيزات الأمريكية القادمة من العراق تشير لعدم وجود نية حالية لدى واشنطن بسحب قواتها بشكل جزئي أو كلي من الأراضي السورية، كما أنها تزامنت مع انتشار صور لقيام القوات الأمريكية بتدريبات على الذخيرة الحية للمدفعية الثقيلة بالقرب من حقول النفط بريف دير الزور الشرقي، وتركز التحركات الأمريكية على تعزيز القواعد في محيط الحقول النفطية في مساحة تنشط فيها خلايا يعتقد بأنها تابعة لتنظيم “داعش“، والتي نفذت مؤخراً ضربات سريعة على مواقع “قسد”، وتضرب خطوط نقل الغاز وصهاريج النفط بـ “عبوات ناسفة”، تزرع في أماكن مفتوحة وصحراوية، ومع عدم تحريك دوريات أمريكية بعيداً عن القواعد، إلا أن واشنطن تعتمد على “قسد” في تنفيذ هذه المهمة، لكن الأخيرة لا تبدي نجاحاً في ضبط البادية شرق الفرات، حيث ينشط التنظيم ليلاً، لدرجة تمكنه من نصب حواجز على الطرقات واختطاف أشخاص يتم إعدامهم لاحقاً.
لا تبدو السياسة الأمريكية “شرق الفرات” واضحة، فتعزيز القواعد يتزامن مع الدفع بين “قسد” والمجلس الوطني الكردي الموالي لأنقرة في محاولة لخلق نوع من التهدئة مع تركيا من بوابة سياسية، وفي الوقت ذاته تقوم بتدريب عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية”، ضمن معسكرات متعددة أبرزها مقر الفرقة ١٧ شمال غرب مدينة الرقة ليتم تخريج دفعة من مقاتلي “HAT”، التابعة لـ “قسد” والمعروفة أيضاً بـ “قوة التدخل السريع”، وكانت هذه التدريبات بإشراف أمريكي مباشر ومشاركة من سلاح الطيران لمحاكاة عمليات دفاع ضد القوات البرية المتقدمة بدعم من الضربات الجوية، وهو أحد السيناريوهات التي قد تواجهها “قسد”، إذا ما بدأت الحكومة التركية عدواناً جديداً في الشمال.
كما أن القوات الأمريكية تدرب مجموعات مما تسميه بـ “قوة حرس الحدود”، المشكلة من مقاتلين ينحدرون من أصول عشائرية بهدف نشرهم في محيط الحقول النفطية وعلى الشريط الحدودي مع العراق.
بقاء القوات الأمريكية شرق الفرات لا يرتبط بالوصول لحل سياسي أو إنهاء وجود تنظيم “داعش”، بشكل كُلي، فالأسباب الحقيقية لبقاء هذه القوات تتمثل بثلاثة أسباب أساسية، أولها قطع طريقي “الموصل – حلب”، و”دمشق – بغداد”، من خلال الوجود في نقاط قريبة من الطريق M4 بريف الحسكة الشمالي، ومنطقة التنف بريف حمص الشرقي، والسبب الثاني الإبقاء على الحقول النفطية الأساسية في سوريا خارج حسابات الاقتصاد وإنعاشه بالنسبة لدمشق، والسبب الثالث هو محاولة فرض الفدرلة بفعل الأمر الواقع بما يحقق استدامة للهدفين الأول والثاني، ولقطع الطرق خاصة “دمشق – بغداد” ضروراته بالنسبة لواشنطن ومن خلفها “إسرائيل” لمنع وجود طريق قصيرة وآمنة للتنقل تصل بين إيران ولبنان، فمزاعم “إسرائيل” تقول إن أي طريق سيربط طهران ببيروت سيعني نقلاً آمنا للسلاح لصالح “حزب الله”، وهذا ليس واقعياً بطبيعة دعم المقاومة اللبنانية لم ينقطع ولهذا الدعم أساليبه الاستخبارية التي لم تزل حكومة تل أبيب وواشنطن تعجز عن منعها، برغم الاعتداءات المتكررة على نقاط في الداخل السوري وخاصة بريف دير الزور الشرقي والذي كان آخرها ليل أمس، الجمعة، وهو اعتداء تزامن مع محاولة استهداف محيط مطار “T4″، بريف حمص الشرقي.
يعد الحديث عن قرب الانسحاب الأمريكي من شرق سوريا نوعاً من التنجيم غير المضمون لكون واشنطن نفسها لا تملك قراراً واضحاً بهذا الخصوص رغم أنها أعلنت أكثر من مرة في عهد ترامب عن نية الانسحاب الكلي من سوريا والعراق، وربط أي إخلاء للقواعد الأمريكية في العراق بفرضية انسحاب من سوريا غير منطقي لكون واشنطن ترى أن وجودها لم يحقق غاياتها بالشكل والاستدامة التي تبحث عنها حتى الآن.
محمود عبد اللطيف