خاص|| أثر برس قادت روسيا خلال الأيام الفائتة حراكاً خليجياً إزاء سوريا، طرح العديد من التساؤلات لدى السوريين حول النتائج التي قد تجنيها سوريا منه وهي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية منذ بداية الحرب، وبحسب التقديرات فإن لهذا الحراك وتوقيته أسباب ودوافع، لا ترتبط جميعها بالملف السوري.
فعلى الرغم من الموقفَين الإماراتي والسعودي المتناسبَين مع المطلب الروسي مقابل الموقف القطري الرافض لعودة سوريا إلى محيطها العربي، فإن السياسية الخليجية لا تزال منضوية إلى حد كبير تحت مظلة السياسة الأمريكية المتجذرة في الخليج منذ عشرات السنين.
الإمارات أكدت خلال جولة لافروف أن مصلحة المنطقة ككل عودة سوريا إلى محيطها، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو “قانون قيصر”، وتلتها السعودية التي أكدت بدورها أنها تدعم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، مشيرة إلى أن الحل فيها لن يكون إلا سياسياً.
إلّا أن قطر التي شددت على وجود حاجة ماسة لتخفيف الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السوريين بسبب الأزمة، رأت بالمقابل بأن أسباب تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ما زالت قائمة.
ونتيجة ارتباط تصريحات الدول الثلاثة بالوضع المعيشي والاقتصادي في سوريا، تم طرح العديد من التساؤلات حول النتائج الاقتصادية التي قد تجنيها سوريا من هذه التصريحات الخليجية الاستثنائية، إلّا أن بعض المحللين أكدوا أنه يتوجب علينا عدم رفع سقف توقعاتنا، مشددين على أن دول الخليج ليسوا أصحاب قرار.
وفي هذا الإطار أكد الأستاذ علي الأحمد مستشار وزير الإعلام السابق في سوريا وعضو أكاديمية الأزمات الجيوسياسية في حديث لـ”أثر” أنه من المبكر الحديث عن ملفات اقتصادية، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يكون هناك نوع من أنواع التسويات في سوريا، مستبعداً بأن تسمح الولايات المتحدة ببلورة العلاقات السورية الخليجية في هذا التوقيت تحديداً.
توقيت تلك التصريحات يتزامن مع العديد من “العقد الزمنية” المهمة على الساحة السورية ولعل أبرز تلك العقد تتمثل بالانتخابات الرئاسية التي يفصلنا عنها شهور قليلة، ما يضع العديد من إشارات الاستفهام حول الرسائل التي تريد دول الخليج إيصالها في هذه المرحلة، وهو ما استبعده الأحمد بقوله: “هذا التحرك الخليجي ليس روتيني على الإطلاق ودائماً هناك أسباب، ولا أعتقد أن الانتخابات الرئاسية يمكن أن تكون هي السبب في هذا الحراك لكن يمكن أن تعطي إشارات في نتائج هذه الانتخابات”.
وعند الحديث عن أبعاد وأهداف هذا الحراك الذي انطلق تحت عنوان ضرورة إنهاء عزلة سوريا، لا بد من تسليط الضوء إلى روسيا وأهدافها بشكل خاص، فبحسب ما قاله الأحمد، فإنه “من الطبيعي أن يكون هذا الحراك مرتبط بمصالح مشتركة بين روسيا ودول الخليج، أولاً: دول الخليج بمعظمها دول نفطية وروسيا أيضاً دولة نفطية فبالتالي يجب أن يكون هناك دائماً علاقة فيما بينها من أجل تحديد سعر الغاز أو النفط أو غيرها، ثانياً: فإن التبادل التجاري بين هذه الدول الآن في حالة صعود دائم، وهذا ضروري في الجانب السياسي فأدوات السياسة دائماً هي أدوات كثيرة ولا تقتصر على العسكرية والحرب والاقتصاد والثقافة وإنما هي تشمل هذه الأمور وغيرها، وبالتالي فإن روسيا تبني سياساتها على فتح نوافذ على مختلف الدول حتى لو كانت هذه الدول ليست حليفة وقد تكون في أماكن أخرى هي دول خصمة ولكن التخفيف من حدة الخصومة جزء من السياسة الروسية”.
المبادرة الروسية هذه تتزامن مع مرحلة نشهد خلالها تغيرات عديدة بسياسات القوى العظمى في المنطقة، وسط بعض الخلاف بين دول الخليج وإدارة بايدن وسط مساعي روسية لاستثمار القلق الخليجي من واشنطن لتعميق العلاقات مع هذه الدول، وقد تكون البوابة السورية هي الجسر لتعزيز تلك الارتباطات كما كانت جسر لتعميق العلاقات مع تركيا خلال السنوات الفائتة.
زهراء سرحان