التدخلات التركية الخارجية عسكرياً في مختلف البلدان، باتت محط أنظار المحللين والمراقبين لمناطق النزاعات والملفات الدولية بشكل عام، فشهدت العديد من الحروب التي اشتعلت مؤخراً في معظم دول العالم، ظهور تركيا طرف بها وذلك بواسطة مجموعات مسلحة عملت على تجميعهم من بعض البلدان، وذلك ولخدمة أهداف ودوافع مختلفة، أو لتنفيذ أجندات جهات أخرى.
وتناولت صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية هذا الأمر في مقال نشرته، جاء فيه:
“تركيا قبل تحولها النهائي إلى جمهورية سوبر رئاسية، حاولت الالتزام بعقيدة السياسة الخارجية التي طورها الداعم السابق لأردوغان، أحمد داوود أوغلو، وكان أحد مبادئها العملية هو “صفر مشاكل مع الجيران” و”دبلوماسية سلام وقائية ذات أولوية”، تفترض أقصى قدر من المرونة في السياسة الخارجية والحيلولة دون وصول النزاعات إلى عتبة حرجة، ولكن التركيز التدريجي للسلطة في يد شخص واحد لم يقلل من أولوية الدبلوماسية فحسب، إنما قاد البلاد إلى طريق صراع شديد مع الجيران والشركاء الدوليين الرئيسيين، وفي حين أن التوازن المستمر على شفا الحرب قد يساعد أردوغان في الاحتفاظ بتأييد الجزء القومي من جمهور الناخبين، لكنه لا يكسبه موارد جيوسياسية أو اقتصادية أو حتى حلفاء، لقد أظهر الوضع في قره باغ أن أنقرة مستعدة للعمل بشكل قاطع وعدائي حتى ضد المصالح الروسية، وهذا يكشف حدود الثقة الممكنة بالقيادة التركية”.
ونشرت “رأي اليوم” اللندنية:
“تبرز تركيا مجدداً في أزمة (قراه باغ) في مسارين يتكرران في مناطق نزاع تدخلت تركيا بها خلال العقد الماضي، المسار الأول التماهي مع السياسات الأمريكية حدث ذلك بشكل جلي في سورية عبر التنسيق معها لإسقاط الحكومة السورية وتنظيم غرف عمليات مشتركة على حدود سورية في تركيا والأردن، وفي ليبيا بشكل أقل وضوحاً لكن يمكن تلمسه، والآن في النزاع الآذري-الأرميني، أما المسار الثاني يتمثل في الأحلام التاريخية للعثمانية حيث تظهر تركيا في كل نزاع يقع ضمن الحدود التاريخية للسلطنة العثمانية وأصبحت المواقف التركية والتصريحات حول الأحداث العالمية والنزاعات الدولية تربط بالجذور التاريخية للدولة العثمانية”.
وفي صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية جاء:
“شرع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ ما يقرب من عقدين، في سلسلة خطوات واسعة لتغيير مكانة أنقرة في العالم، غير أن هذه الأحلام تبدو اليوم، بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.. إن الظروف التي مكّنت أردوغان من إحداث ثورة في سياسة تركيا الخارجية خلال العقد الأول من حكم أردوغان تبخرت”.
بين تنفيذ أجندات خارجية وخدمة أهدافه السياسية، نجد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أغرق بلاده في العديد من الأزمات، فالأوضاع الاقتصادية في الداخل التركي تشهد تراجعاً كبيراً، وبدل من تنفيذ قاعدة “صفر مشاكل” حقق قاعدة “صفر حلفاء”، إلى جانب غيرها من الأزمات، وكل ذلك دون أن يتمكن من تحقيق أي هدف أو مصلحة للداخل التركي، وذلك نتيجة عدم وجود مبررات منطقية لتدخلاته الخارجية سواء كان في سورية أو ليبيا أو أذربيجان، وبالتالي النتيجة حتماً ستكون الفشل، الأمر الذي يزيد من حالة الغضب الشعبي في الداخل التركي وتراجع مكانة أنقرة وتأثيرها في المجتمع الدولي.