وُصف الاستهداف الإسرائيلي لمبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة دمشق، بأنه “الأعنف من نوعه” منذ 7 تشرين الأول 2023، إذ أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن “هذا الاستهداف لن يمر من دون رد”، وفي هذا الصدد اهتمت تحليلات عربية وغربية عدة باحتمالات سيناريوهات الرد الإيراني.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً لفتت فيه إلى أن “القصف الإسرائيلي لمبنى السفارة الإيرانية في دمشق، يعد تصعيداً كبيراً لحرب غير معلنة محتدمة منذ فترة بعيدة بين إسرائيل وإيران”.
كما نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن “ضرب مجمع دبلوماسي، أو حتى مبنى شبه رسمي مجاور، يمثل تصعيداً كبيراً محتملاً، إذ يُنظر إلى المرافق الدبلوماسية على أنها مساحات وطنية وسيادية محمية”، ونقلت المجلة عن خبيرة شؤون الشرق الأوسط في مركز بيركل للعلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، داليا داسا كاي، قولها: “إن الهجوم على منشأة دبلوماسية يشبه الهجوم على الدولة نفسها، وهذا يعني أن هذا الاستهداف قد يغير قواعد اللعبة”.
ونقلت “الغارديان” البريطانية عن محللين قولهم: “إن طهران تواجه الآن سؤالاً استراتيجياً حول مدى قسوة الرد، وامتد الصراع إلى أنحاء الشرق الأوسط منذ بداية حرب غزة، لكن حتى الآن تجنبت إيران بعناية الصراع المباشر مع إسرائيل”.
بدوره، نقل الصحافي الإيراني محمد خواجوئي، في مقالة نشرتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية آراء الداخل الإيراني حول هذا التصعيد وآلية الرد الإيراني، موضحاً أن “البعض يرى أن على طهران أن تردّ بشكل مباشر، ويعتبرون عدم ردّها علامة ضعف، بينما یعتقد آخرون أن إسرائيل التي واجهت إخفاقات كبيرة بعد عملية السابع من أكتوبر، تسعى لجرّ إيران إلى حرب واسعة، وأنه لا ينبغي للأخيرة أن تقع في هذا الفخ الإسرائيلي، بينما ما تزال السياسة الأفضل، بحسب هؤلاء، الصبر الاستراتيجي”.
وأضاف أن “البعض دعا إيران، إلى الردّ بالمثل ومهاجمة المراكز الدبلوماسية الإسرائيلية في الدول الأخرى”، ونقل عن أستاذ القانون الدولي في جامعة الشهيد بهشتي في طهران، محسن محمدي، قوله: “إن الكلمات التي تهدف إلى استفزاز إيران لتنفيذ أيّ نوع من الهجوم المضاد على الأماكن الدبلوماسية والقنصلية للنظام الإسرائيلي في الدول الأخرى تُعتبر خطأً قانونياً واستراتيجياً وانتهاكاً للحكومة المضيفة”.
في حين نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، إليوت أبرامز، قوله: “يمكن أن ترد إيران بتسريع وتيرة تطوير برنامجها النووي الذي كثفت العمل فيه منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب 2018، من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، وهو اتفاق يهدف إلى تقييد قدرات طهران النووية مقابل منافع اقتصادية”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر وصفته أنه متابع لما يجري بشكل جيد -لم تذكر هويته- تأكيده أن “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية يرون في خيار تصنيع قنبلة نووية “مخاطرة كبيرة”.
يشار إلى أن عقب هذا الاستهداف سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرسال رسالة إلى إيران بأنها لم تكن تعلم بالاستهداف الإسرائيلي إلا قبل دقائق من تنفيذه، في حين لجأ الكيان الإسرائيلي إلى اتخاذ إجراءات أمنية عدة، إذ أعلن جيش الاحتلال مساء أمس الأربعاء، استدعاء جنود الاحتياط في سلاح الجو وإلغاء إجازات الطيارين، كما أطلقت الجبهة الداخلية في “إسرائيل” حملة لتهيئة المواطنين لتصعيد كبير في الشمال مع لبنان وسوريا، وفق ما نقله موقع “واللاه” العبري، كما أصدرت “السلطات الإسرائيلية” بعد الاستهداف مباشرة أوامر لبعثاتها الخارجية في العالم بتعزيز الأمن حول مبانيها.