أثر برس

سيناريو توسّع منطقة العمليات في الشرق الأوسط بات مطروحاً.. ماذا عن موقف موسكو؟

by Athr Press Z

بالتزامن مع التصعيد الحاصل في لبنان شهدت سوريا تزايداً جلياً بالغارات “الإسرائيلية” التي طالت مختلف المناطق، بما فيها مناطق سكنية في العاصمة دمشق ومحيط قاعدة حميميم العسكرية في الساحل السوري، الذي تم استهدافه في 3 تشرين الأول الجاري.

ارتفاع وتيرة الغارات “الإسرائيلية” يحذّر من خطر توسع دائرة التصعيد إلى سوريا سيما وأنها تترافق مع حالة استنفار “إسرائيلية” تشهدها المنطقة الفاصلة بين الجنوب السوري والجولان السوري المحتل، وفي هذا الصدد تتوجه الأنظار إلى الجانب الروسي، فمن جهة موسكو قوة موجودة في سوريا عسكرياً وسياسياً وترتبط مع الجانب الإيراني باتفاقات تعاون على عدد من الأصعدة لا سيما على الصعيد العسكري، ومن جهة أخرى فإن موسكو لا تزال تعد حليفاً للكيان الإسرائيلي على الرغم من التوترات التي شابت العلاقة بينهما مع بدء الحرب الأوكرانية.

وإلى جانب ما تقدم، تؤكد التقديرات أن التصعيد لم يعد محصوراً في الجبهة اللبنانية أو الفلسطينية، الأمر الذي ردده رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” مؤخراً مرات عدة، سيما في تاريخ 27 أيلول الفائت خلال كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما حمل خريطتين شملت الأولى مناطق باللون الأخضر وضمت “مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن” وحمل خريطة ثانية باللون الأسود، وأطلق عليها مسمى”الملعونة”، وضمت “إيران وسوريا والعراق واليمن ولبنان”.

موقف موسكو من التصعيد الحاصل:
حرصت روسيا على إدانة الاعتداءات “الإسرائيلية” على لبنان وفلسطين وسوريا، مرات عدة، ففي 4 تشرين الأول الجاري أدان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقالة نقلها موقع قناة “روسيا اليوم” الاغتيالات التي نفذها كيان الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وإيران، موضحاً أن “أساليب الاغتيالات السياسية التي أصبحت ممارسة شبه روتينية، كما حدث في 31 تموز في طهران وفي 27 أيلول في بيروت”.

وأشار لافروف، إلى أن هذه الإجراءات توسّع منطقة العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، إذ قال: “بعد أن بدأت إسرائيل غزوها البري للبنان ليلة الأول من تشرين الأول، لم يكن هناك أي رد ولم يصدر من الإدارة الأمريكية كلمة إدانة واحدة لهذا العمل العدواني ضد دولة ذات سيادة، وبالتالي فإن واشنطن تشجع في الواقع حليفها في الشرق الأوسط على توسيع منطقة العمليات العسكرية”.

وفي هذا السياق، أوضح المدير السابق لدائرة التعاون الدولي في وزارة الدفاع الروسية الجنرال ليونيد إيفاشوف، خلال مقابلة متلفزة مع قناة “روسيا اليوم” أن “إسرائيل تبذل كل ما في وسعها لجر جمهورية إيران الإسلامية إلى حرب كبرى، تمهيداً لإطلاق حرب عالمية ثالثة في منطقة الشرق الأوسط، واللجوء إلى السلاح النووي في هذه المنطقة”.

وأكد إيفاشوف، أن إيران وحزب الله في لبنان حاولا الابتعاد عن التصعيد، مشيراً إلى أن “إسرائيل تواصل استفزاز إيران، وتعمل إسرائيل كل ما يمكنها فعله لإشعال حرب كبرى باستخدام السلاح النووي ضد إيران”.

إلى أي معسكر تنتمي روسيا؟
ثمة عوامل عدة تساعد في تحديد موقف موسكو مما يجري، فبعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أبدى الكيان الإسرائيلي موقفاً مؤيداً لحكومة كييف، الأمر الذي أثار حفيظة موسكو ودفع لافروف إلى اتهام الكيان الإسرائيلي “بدعم النازيين الجدد في أوكرانيا”.

وفي هذا الصدد، يوضح الخبير الروسي في العلاقات الروسية- العربية والشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف، في مقالة نشرها موقع قناة “الجزيرة” أنه “في كل الأحوال يجب أن لا نُخرج من الحسابات، التوتر الذي يحيط بالعلاقات الروسية- الإسرائيلية في المرحلة الراهنة، والذي يبدو أن الطرفين لم يعودا حريصين على إخفائه”.

وإلى جانب موقف الكيان الإسرائيلي من حرب أوكرانيا، يدور الحديث عن تعاون عسكري روسي- إيراني الأمر الذي أثار حفيظة الجانبين الأمريكي والغربي، إذ نقلت صحيفة “التايمز” البريطانية في وقت سابق عن أمين عام حلف الأطلسي (الناتو) السابق ينس ستولتنبرغ، قوله: “إنه منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط 2022، أصبحت موسكو وبكين وطهران وبيونغ يانغ متحدة أكثر فأكثر”، وتزامن حديث ستولتنبرغ، حينها مع تقارير وتصريحات صحافية أكدت أن التعاون العسكري بين إيران وروسيا ينمو نمواً لافتاً.

هل سيؤثر موقف موسكو على الميدان؟
ما زال الموقف الروسي يقتصر على التصريحات السياسية، بينما تشير التقديرات إلى أن هذا الموقف من شأنه أن يؤثر في الميدان تدريجياً، وفي هذا السياق قال الخبير الروسي أونتيكوف: “دعونا نتذكر أن الإيرانيين هم حلفاء روسيا، إذ تم التوقيع على اتفاق استراتيجي منذ وقت ليس ببعيد، ومن حيث المبدأ، يفترض أن لدينا، عدواً مشتركاً ومساراً مشتركاً تجاه الإسرائيليين، لكن على أرض الواقع، ليست هذه إلا مجرد كلمات في الوقت الحالي، ولكن الأمور قد تتغير في حال تجاوزت إسرائيل الخط الأحمر تجاه القوات الروسية في سوريا”.

ولم يستبعد ستولتنبرغ، هذا السيناريو، إذ قال سابقاً في تصريح لصحيفة “التايمز” البريطانية تعليقاً على التقارير التي أفادت بأن إيران أرسلت صواريخ بالستية إلى روسيا: “نحن قلقون من أن روسيا قد تشارك التكنولوجيا التي ستساعد إيران في برامجها الصاروخية”، مضيفاً أن “روسيا تدفع ثمن ما تحصل عليه، وهذا يعزز قدرات إيران”.

وفي هذا الصدد، أشار الكاتب اللبناني سعيد طانيوس، في مقالة نشرتها صحيفة “إندبندنت عربي” إلى أن “التعاون العسكري التقني الوثيق والمتصاعد بين روسيا وإيران يمكن أن يجعل موسكو مشاركاً في صراع الشرق الأوسط. على الرغم من أن موسكو سعت حتى وقت قريب إلى إظهار مسافة متساوية من جميع القوى في هذه المنطقة”.

وتشير التقديرات إلى أن الحقائق آنفة الذكر، من شأنها أن تحمل آثاراً على أي سيناريو تصعيدي قد يُقدم عليه الكيان الإسرائيلي ضد إيران أو حركات المقاومة في كافة أنحاء الشرق الأوسط.

 

اقرأ أيضاً