أثر برس

شبح الحـ.رب يضيق الخناق على السوريين في السودان.. أبناء الجالية يروون لـ “أثر” معاناتهم

by Athr Press A

خاص|| أثر برس يتخوف عبد الرحمن من أي تأخير حكومي ربما يحصل في عملية الإجلاء له ورفاقه من السودان؛ لأنه سيكون بخطر كبير جداً فيما إذا انتهت الدول الأجنبية من إجلاء رعاياها ولم يتم إخراجهم من هناك، واصفاً ما يجري بالمأساوي والمرعب وهم على وشك الانفصال عن العالم الافتراضي بعد توقف أغلبية شبكات الاتصالات والإنترنت في الخرطوم، فيما طُعن طفل عمره أشهر من قِبل مجهولين وضربت أفراد عائلته بالعصي والسكاكين.

حالة الطفل المعطون وعائلته، وعبد الرحمن ورفاقه تشبه حالة الآلاف من السوريين في مناطق الصراع داخل السودان، وخاصة العاصمة الخرطوم، فأكثر من 30 ألفاً سورياً هناك، يمرون بأوضاع مأساوية نتيجة انقطاع أدنى متطلبات الحياة المعيشية من كهرباء، وماء، وأدوية، وغاز، وصعوبة الحصول على المواد الغذائية في حال توافرها وغيرها، ما زاد الخوف أكثر حالات القتل والتشليح التي تحصل، حيث قضي 11 شخصاً منهم نتيجة الصراع، فيما طُعن آخرين وتعرّض غيرهم للتشليح.

أبناء الجالية يروون لـ”أثر” ما جرى

وتواصل أثر مع أفراد الجالية السورية في الخرطوم، في محاولة لوصف حالتهم التي تزداد سوءً يوماً بعد يوم، حيث قال عبد الرحمن حداد في حديثه لـ”أثر برس” وهو من محافظة حماة مقيم في الخرطوم- منطقة جبرة: “منذ 10 أيام في المنزل، مرت أول أربعة أيام من دون كهرباء ولا مياه نهائياً، والقصف بالطيران والمدافع قريب منا بشكل كبير، لا نستطيع أنا وزميلي، الخروج من المنزل لوجود ضعاف نفوس (المشلحين) في الشوارع، إذ يقومون بالاعتداء على الأجانب ويسلبونهم أموالهم وجوالاتهم وكل ما تملكه”.

وأردف عبد الرحمن، “بعد الهدنة التي استمرت من ساعة 2 ظهراً حتى 5 مساءً، استطعت الخروج لدقائق استطعت خلالها تأمين بعض الأمور الضرورية، وحينها شاهدت الجثث ومخلّفات الحرب موجودة على الأرض؛ ولكن بعد الخامسة أنقل الحي إلى مدينة أشباح”، لافتاً إلى أنّ “شبكة الاتصالات قاربت على الانقطاع التام بعد توقف شبكتي (سوداني) و(أم تي إن)، إذ لم تبقَ عاملة سوى شبكة (زين) ما تزال عاملة حتى الآن.

وأشار عبد الرحمن إلى أنّ عناصر قوات “الدعم السريع” تعمل على استغلال المدنيين كدروع بشرية واصفاً ما يجرب بالكارثي، لافتاً إلى أنّه ينظر إلى ما يجري حوله ومتألماً بصمت، آملاً وصول فرق الإجلاء بأقّرب فرصة لإخراجه ورفاقه من الحي ومن لهيب الحرب والقصف والنهب والتهجير”، مشدداً على ضرورة أن يتم إجلاء السوريين خلال الفترة نفسها التي يتم فيها إجلاء رعايا بقية الدول؛ لأن ما سيحدث لهم بعد انتهاء مهلة الإجلاء وخروج الأجانب والدبلوماسيين ربما سيكون خطير جداً أكثر مما هو عليه الآن في حال لم يتم إخراجهم”.

رصد ومتابعة

في سياق متصل، تابع موقع “أثر” رصد الحالة العامة وصورة المعاناة التي يمر بها أبناء الجالية السورية في السودان على العموم، وذلك بحسب ما كتب على موقع “فيسبوك”، حيث ذكر “أبو طه” وهو أحد السوريين الموجودين في السودان، أنه وعائلته لم يخرجوا من المنزل منذ سبعة أيام، فيما أشار آخر إلى عدم توافر الأغذية الضرورية الخاصة للأطفال ما جعل حالتهم صعبة جداً، أمّا “أبو عبدو” وأطفاله الخمسة، لم يخرجوا أيضاً منذ خمسة أيام من منزلهم، وكذلك ربما لا يستطيع في الأيام المقبلة توفير الدواء الخاص به كونه “مريض سكري”، على حسب قوله.

وما زاد حدّة هذه الأوضاع بحسب “أحمد”، حالة الفلتان الأمني وعصابات التشليح من قِبل ضعاف النفوس التي تسود مختلف شوارع العاصمة الخرطوم وارتفاع حدّة الاشتباكات، كما كتب صاحب حساب “براءة عمر سلّورة”، في تعليق على منشور كتبه مراسل “أثر”: “أنا موجود بالسودان اشتباكات حدتها مختلفة حسب المنطقة والشارع وانعدام الأمان وصعوبة بالحركة من أي منطقة إلى أخرى مع انقطاع تام للمواد الغذائية والصحية وبعض المناطق انقطاع تام الكهرباء والماء سقوط قذائف عشوائية مرات، أدت إلى وفاة شخصين سوريين”.

وكتب صاحب حساب “محمد أمين أبو يوسف” معلقاً أيضاً: “الوضع سيئ جداً ونحن محاصرون من كل مكان، إطلاق رصاص وقذائف عشوائياً، وأعداد السوريين كبيرة، والسودانيين رحلوا من الخرطوم”، فيما أشار من جهته صاحب حساب “خالد محمد الفهد” إلى أنّ أغلب العوائل السورية في الخرطوم نفذ لديها الأكل والشرب السيولة وانعدمت هناك صعوبة الحركة في الشوارع بسبب العصابات والمشلحين (..)”.

وأضاف، “في شارع المشتل تعرّضت عائلة سوريا للضرب بالعصي والسكاكين وطعنوا طفل عمره أشهر برجله عندما كانوا يدبروا أغراض بيتهم، وسُرقت إثباتاتهم الشخصية، وامرأة ثانية جالسة مع خمسة أطفال وحدهم وعندها حالة مرضية في منطقة الإسطبلات مقطوعة من الماء والكهرباء والأكل بقيت وحدها في الحي”.

هذه حال عيّنة من السوريين وما يزال ارتفاع المعاناة لديهم مرشح للارتفاع بشكل أكبر، خاصةً أنّ الحرب داخل السودان لم تتوقف، والقصف ما يزال مستمراً بين الأطراف المتحاربة على الرغم من الحديث خلال اليومين الماضيين عن هدنة لتمكين الدول الأجنبية من إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد.

وفي وقتٍ سابق، وجه أبناء الجالية السورية في السودان دعوات، اطلع عليها “أثر”، تهدف إلى تجمع أفراد الجالية ضمن المناطق التي يتواجدون فيها كمجموعات للرجال وأخرى النساء حسب كل منطقة كـ “الرياض” و”المشتل” و”جبرا” وغيرها، والظهور عبر تقنيات “البث المباشر” على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” وتيك توك”، واصفين ما يمرون به بالمرحلة الصعبة جداً، فيما دعا آخرون إلى ضرورة التجمع والانتقال براً إلى الحدود المصرية للمطالبة بالدخول إلى الأراضي المصرية وطلب اللجوء بعد توجيه مناشدات للمنظمات الدولية.

وأكّد منذ أيام قليلة، القائم بأعمال السفارة السورية في السودان بشر الشعار، في تصريح لـ”أثر” أنّ السفارة بدأت بإرسال توجيهات لكل المعنيين والوجهاء المعروفين في الجالية السورية في السودان للبدء بتسجيل أسماء السوريين ممن يرغبون بالإجلاء مبدئياً، مشيراً إلى أنّ “السفارة ستعمل على تحضير نفسها على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها، سواء بالتنسيق مع شركات النقل البري وشركة الطيران السورية ليتسنى إجلاء السوريين في حال فتحت المطارات أو تم تأمين الطرقات البرية، لافتاً إلى أنّ إجلاء 10 آلاف شخص على سبيل المثال، يحتاج إلى 50 طيارةً في حال كان النقل جواً، أو إلى 200 باص (50 راكباً)، للنقل براً إلى المناطق الآمنة.

قصي المحمد

اقرأ أيضاً