أثر برس

شرق الفرات.. انتهت حكاية “داعش” ولم تنته تغريبة أبناء الشرقية

by Athr Press G

خاص || أثر برس

فرضية انتهاء “داعش”

خروج تنظيم “داعش” من مناطق ريف دير الزور الجنوبي الشرقي والتي كان آخرها قرية “باغوز فوقاني”، جاء بسلسلة من الاتفاقيات التي عقدتها “قوات سورية الديمقراطية”، ومن خلفها القوات الأمريكية مع التنظيم، ليخرج مسلحوه مع عوائلهم إلى مخيم الهول في ريف الحسكة الشرقي، إذ بلغ عدد من تم نقلهم إلى المخيم سيء الذكر بالنسبة للنازحين من ريف دير الزور بسبب سوء الخدمات والحياة المعاشية فيه، أكثر من 35 ألف شخص، بينهم عدد كبير من مسلحي التنظيم وعوائلهم، والغالبية العظمى من مجموع المنقولين هم من الجنسية العراقية، إذ بلغ عددهم أكثر من 18 ألف شخص بحسب التقديرات غير الرسمية.

آخر قوافل التنظيم غادرت قرية “باغوز فوقاني” محمولة في 40 شاحنة مختلفة الأحجام، الوجهة الأولى كانت إلى حقل “العمر النفطي” ليتم التحقيق معهم من قبل القوات الأمريكية، ومن ضمن بنود الاتفاق كان تسليم التنظيم لكميات ضخمة من الذهب الذي كان قد سرقه من البنوك العراقية خلال فترة وجوده في الموصل، العاصمة السابقة لخلافته المزعومة، لكن مصير زعيم تنظيم “داعش” المدعو “أبو بكر البغدادي”، وبقية قيادات الصف الأول ما يزال مجهولاً، كما أن مصير الأب الإيطالي بالو والصحفي البريطاني جون كانتلي والممرضة النيوزلندية التي زعمت “قسد” وجود مفاوضات مع “داعش” لتسليمهم ما يزال موجوداً مع تجاهل كامل من قبل “قسد” والقوات الأمريكية للحديث عنهم.

تقول المعلومات التي حصل عليها “أثر برس”، من مصادر كردية فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن 50 من مسلحي “داعش” الفرنسيين تم نقلهم من قبل القوات الأمريكية إلى الأراضي العراقية في خطوة تعد الأولى ضمن خطة نقل كامل الجهاديين الفرنسيين إلى وطنهم الأم، ويبلغ عددهم 150 جهادياً بينهم عدداً من القاصرين، ويضاف إليهم نحو 750 شخصاً هم من عوائل التنظيم الفرنسيين، علماً أن غالبية هؤلاء هم من أصول مغربية (دول المغرب العربي) ويحملون الجنسية الفرنسية.

المنطقة سياسياً.. إلى أين؟

الإعلان الأمريكي حول “إنهاء داعش” سيكون بمثابة ساعة صفر للتحرك الجدي نحو سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، ويمكن ربط فرضية إنهاء “داعش” بنتائج الاجتماع الذي عقده مؤخراً قائد القوة المركزية في القوات الأمريكية “جوزيف فوتيل” مع قيادات “قوات سورية الديمقراطية”، ورفضه لطلبهم بالإبقاء على 1500 مقاتل أمريكي في الأراضي السورية، وتركيا هي أكثر المستفيدين من ذلك.

وعلى اعتبار أن الولايات المتحدة هددت بشكل صريح “قوات سورية الديمقراطية” بسحب الدعم العسكري المقدم لها من قبل واشنطن في حال توجهت إلى التحالف مع الدولة السورية، سيكون ثمة هوامش واسعة أمام تركيا لتأخذ من الإدارة الأمريكية موقفاً لصالحها بخصوص إقامة “المنطقة الآمنة” وفقاً لما تراه، وهنا ستجد “قسد” نفسها أمام إلزامية الموافقة عليه بكونها محصورة بالخيارات الأمريكية، وذلك لأنها تدرك أن الكفة ستميل لصالح أنقرة في حال قررت واشنطن المفاضلة بين علاقتها مع تركيا التي تشكل دولة قائمة بذاتها والقاعدة المتقدمة لحلف شمال الأطلسي في منطقة الشرق الأوسط من جهة، وبين “قسد” التي لا تعدو عن كونها مجموعة من القوى المسلحة غير الشرعية والتي تشكلت بذريعة قتال تنظيم “داعش”، وبكون الأخير انتهى جغرافياً، فإن الإبقاء عليها سيكون ضرورة للحفاظ على الاستراتيجية الأمريكية في الداخل السوري، وينحصر ذلك حالياً بالإبقاء على الطرق الواصلة بين الأراضي السورية والعراقية مقطوعة، والحديث هنا تحديداً عن طريق (حلب – الموصل)، الذي يقع الجزء الأكبر منه ضمن مناطق تنتشر فيها “قسد”، مع الإشارة إلى أن التواجد الأمريكي المباشر في معبر التنف يقطع طريق (دمشق – بغداد)، ويضاف إلى ذلك الإبقاء على “قسد” كموظف أمريكي في حقول النفط السورية.

حلم العودة.. إجبارية النزوح

خروج “داعش” من جغرافيا المنطقة الشرقية يفرض أن المنطقة أصبحت “آمنة” بفعل سيطرة “قسد” عليها، ولكون الأخيرة تزعم أنها “جهة ديمقراطية”، فإن ذلك يعني أن الأسباب الموجبة لنزوح المدنيين من قراهم الواقعة في الضفة الشرقية لنهر الفرات (الجزيرة)، لم تعد موجودة، ولكون النازحين من المناطق الواقعة غرب نهر الفرات (الشامية)، تحت سيطرة الدولة السورية التي ترحب بعودتهم، فإن الإبقاء على المخيمات في مناطق شمال وشمال شرق سورية لم يعد ضرورياً إلا لخدمة أهداف “قوات سورية الديمقراطية”.

الهدف الأساسي يكمن في استمرارية استجرار المساعدات تحت شعارات إنسانية من المنظمات التي تعمل داخل الأراضي السورية بدون موافقة دمشق، وتفيد المعلومات التي حصل عليها “أثر برس” من مصادر متعددة بأن ما يقارب 80% من المساعدات التي تحصل عليها “قسد” تدخل المستودعات، لتوزع فرق ما يسمى بـ “الهلال الأحمر الكردي” التابع لـ “الإدارة الذاتية” كمية الـ 20% المتبقية.

كما أن الإبقاء على مسلحي “داعش” وعوائلهم شبه معتقلين إلى جانب المدنيين في المخيمات مسألة ضرورية بالنسبة لـ “قسد”، إلى حين إيجاد حل مناسب لهم، فمسألة إعادة تأهيل المسلحين من الجنسية السورية مسألة معقدة بالنسبة للفصائل المدعومة من واشنطن، وإعادة تجنيدهم مسألة ضمن صفوفها مسألة غير مأمونة الجانب، في حين أن الأجانب منهم يحتاج ترحيلهم إلى تواصل مع جهات دولية متعددة قد لا ترغب باستقبال مواطنيها من الجهاديين لما يشكلوه من خطر على مجتمعاتهم حتى وإن تم إخضاعهم لبرامج مجتمعية لإعادة تأهيلهم، لذا فإن خيار الإبقاء على المخيمات سيجعل من “قسد” تمنع عودة النازحين إلى قراهم الأصلية لفترة لا يبدو أنها قريبة.

محمود عبد اللطيف – المنطقة الشرقية

اقرأ أيضاً