يكتسب الحديث عن احتمال نشوب حرب في الجنوب السوري صبغة جديدة بعد التغيرات التي حصلت في خرائط السيطرة جنوبي دمشق، حيث استعادت القوات السورية السيطرة على القسم الجنوبي بأكمله لمنطقة الحجر الأسود جنوبي العاصمة وذلك بعد استكمال استعادتها للغوطة الشرقية بأكملها، إضافة إلى حديث رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” عن الوثائق السرية المتعلقة بالسلاح النووي الإيراني والتي لم يجد منها نفعاً، بسبب رفض جميع الدول الأعضاء التخلي عن الاتفاق، وفي الوقت ذاته تتحدث “الدفاع الإسرائيلية” عن تخوفها من امتداد القوات السورية لمناطق محاذية لحدود فلسطين المحتلة.
فالصحف بشكل عام باتت تتحدث عن مواجهة أمريكية-روسية، مشيرة إلى أن الجنوب السوري قد يكون أرضاً لتلك المواجهة، الأمر الذي أكدته صحيفة “سفوبودنايا بريسا” الروسية، بقولها:
“مخاطر حدوث صدام مباشر بين قوات التحالف ووحدات الجيش الروسي في سوريا قائمة منذ بضعة أشهر، فالعالم كله ينتظر الآن مثل هذه المواجهة، وأعتقد أنهم سيحاولون تمويهها بالقول إنها نيران صديقة، أو أي حادث آخر مقبول في الحرب، لكن في الواقع ستكون معركة استطلاع قدرات الجيش الروسي، ليس هناك شك في أن البنتاغون عازم على تنفيذ مثل هذا السيناريو، والخيار وقع على سوريا لأنها النقطة الوحيدة على هذا الكوكب حيث غالباً ما يفصل الوحدات القتالية الروسية عن نظيرتها الغربية مدى الأسلحة الخفيفة، وحيث تلتقي في السماء مقاتلات من دول مختلفة”.
وصحيفة “الغد” الأردنية تحدثت عن سلامة حدود بلادها في حال حدثت هذه المعركة، فقالت:
“موسكو، وعلى الرغم من وجودها الطاغي في سوريا، ما تزال متمسكة بمبدأ الحل السياسي، والأردن يشترك معها بالقناعة نفسها، ويسعى الطرفان في المرحلة الحالية لإطلاق جهد دبلوماسي يضمن استعادة الزخم التفاوضي، وقد يبدو مثل هذا الأمر صعباً في ظل التوتر الحاصل في العلاقات الروسية-الأميركية، والتداعيات المحتملة لقرار أميركي وشيك بالانسحاب من الاتفاق النووي-الإيراني، لكن البلدين على قناعة بضرورة العمل لاحتواء التوتر ومعاودة البحث عن فرصة للسلام والاستقرار في سوريا”.
صحيفة “رأي اليوم” اللندنية لجأت إلى تقديم النصائح للأردن لتحافظ على سلامة حدودها، فورد فيها:
“المنطق يحتم على الأُردن النَّأي بالنَّفس عن المخططات الأمريكية، وما يترتب عليها من عدم الاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها، خاصّة أن هذه المخططات التي فشلت على مدى السّنوات السّبع الماضية، شاهدنا دولاً عديدة تغسل يديها منها، وآخرها قطر، وربّما السعوديّة أيضاً، وبعد أن أثبت الجيش السوري قدرة غير عادِيّة، وعلى عَكس كل الرهانات، في الصّمود واستعادة السّيطرة على معظم الأراضي السورية، ولا نعتقد أنّ هذه المخطّطات الأمريكيّة تملك فرصاً معقولةً في النجاح”.
أما صحيفة “الوطن” السورية فطرحت المعطيات التي تشير إلى أن وجهة المعارك المقبلة ستكون جنوبي سوريا، حيث قالت:
“ما يدفع إلى ترجيح منطقة الجنوب كوجهة تالية لبسط سيطرة الدولة الكاملة عليها، هو الزيارات المتتالية لكل من وزيري الخارجية الأميركي مايك بومبيو وما تلاها مباشرة من زيارة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والذي فتح باب التكهنات واسعاً عندما أشار إلى أن مناطق خفض التصعيد هي مناطق مؤقتة، ولا تشمل الإرهابيين، وبأن المسلحين الذين ينتهكون الهدنة في سوريا يتدربون على طول الحدود السورية-الأردنية، وتحديداً في قاعدة عسكرية أميركية بمنطقة التنف، ومخيم الركبان للاجئين في الأردن”.
تشير الحقائق والمعطيات التي قدمتها الصحف السابقة إلى أن وجهة المعارك المقبلة ستكون الجنوب السوري، وتشترك فيما بينها على وجود علاقة بين روسيا وأمريكا في تلك المنطقة، إضافة إلى أن الأردن يعتبر أول المتضررين في حال حدثت هذه المعركة.