غيّر التقارب السعودي- الإيراني الذي انطلق من الصين وكذلك التقارب بين الأخيرة وروسيا، وبين بكين ودول الخليج، كثيراً من الموازين في منطقة الشرق الأوسط، وطرح معادلات جديدة في ملفاته المختلفة، من ضمنها الملف السوري، الذي شهد مؤخراً دبلوماسياً لافتاً، تمثّل بزيارة الرئيس بشار الأسد، إلى روسيا والإمارات، وسلطنة عمان، إلى جانب زيارات مصرية وأردنية وبرلمانية عربية إلى سوريا، ما يُنذر بأن المشهد السياسي في سوريا سيطرأ عليه تغيّرات عدّة.
صحيفة “الجريدة” الكويتية نشرت:
“يبدو أن المنطقة تشهد عملية خلط أوراق واسعة قد ينتج عنها بروز تحالفات جديدة وعلاقات تنقلب رأساً على عقب، وتعليقاً على المشهد الإقليمي، قال مصدر دبلوماسي غربي رفيع المستوى في بيروت: إن الأيام المقبلة ستشهد كثيراً من المفاجآت غير المتوقعة على صعيد العلاقات بين القوى والدول في الشرق الأوسط بما فيها مزيداً من التقارب بين السعودية وإيران وبين القوى والدول المحسوبة عليهما، وفي خضم هذه التطورات، تتسرب معلومات كثيرة عن السعي لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية وسط محاولة لتحقيق ذلك في القمة العربية التي ستعقد في الرياض بعد عيد الفطر بـ15 يوماً”.
وكذلك أشار موقع “المونيتور” الأمريكي إلى أن “المناقشات في إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية تكتسب زخماً، فضلاً عن سبل جلب مزيد من المساعدات الاقتصادية إلى البلاد”، مضيفاً أن “زيارة الرئيس الأسد، إلى الإمارات جاءت في ذروة إعادة الارتباط العربي مع سوريا بعد سنوات من العزلة السياسية ووسط جهود لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية”.
كما لفتت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إلى أنه “من الواضح أن الدولة السورية ترى أنها بدأت تعود إلى دورها السابق في المنطقة، بعد عقد من الحرب، فدمشق تشعر بالثقة مرة أخرى، لكن مع ذلك ما يزال شمال سوريا محتلاً من قبل القوات التركية والجماعات المسلحة، وكذلك تعمل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شرق سوريا إلى جانب بعض القوات الأمريكية”، مضيفة أن “التغييرات في المنطقة تأتي مع وجود تصور متزايد في أن الولايات المتحدة أقل تركيزاً على الشرق الأوسط، وهذا يعني أن القوى الإقليمية قررت أن تضرب بمفردها وتصلح العلاقات، وربما يشعرون أنهم بحاجة إلى إصلاح العلاقات في عالم غير مؤكد حيث لم تجلب لهم الصراعات النجاح الذي يظنون أنه سيأتي بالحروب والتدخلات والغزوات”.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “عكاظ” السعودية مقالاً قالت فيه: “يبدو أن صيف هذا العام سيحمل كثيراً من المفاجآت، فواشنطن أصبحت أكثر خشونة في تعاملها مع موسكو، وهي أقرب إلى نمر جريح، بعيون زائغة وتصريحات متناقضة ودماء الحسرة والندم تخرج من بين أنيابها وضروسها إثر الصعود الصيني السريع، وربما تتهور أكثر وتكون أكثر اندفاعاً وتقلباً في عالم أصبح بلا خطوط حمراء”، مضيفة أنه “لطالما تخيلت واشنطن أن خيوط الصراع في العالم بين أصابعها تحركها كيفما شاءت من الكوريتين شرقاً إلى الهند وباكستان، مروراً بالسعوديين والإيرانيين، وليس انتهاء بالقضية الفلسطينية ولبنان وسوريا والمغرب العربي، وصراعات وحروب دول جنوب الصحراء، كلها قنابل سياسية وأمنية تنتهي خيوط لعبتها في أروقة وزارة الخارجية الأمريكية وأجهزة الاستخبارات”.
تؤكد التحليلات أن النشاط الدبلوماسي الذي تشهده الساحة السياسية في دمشق، يترافق أيضاً مع تحركات عسكرية أمريكية في سوريا، نظرا لأهمية موقعها في ظل التطورات الإقليمية والعالمية الحالية.