تحدثت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن الخلاف الحالي بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، لافتةً إلى أنّ ابن سلمان قال في وقت سابق: “الإمارات طعنتنا في ظهرنا.. وسأريهم ما يمكنني فعله”.
وكشفت الصحيفة الأمريكية، أنّ “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جمع الصحفيين المحليين في الرياض، في إحاطة نادرة غير رسمية، في كانون الأول 2022، وألقى رسالة مذهلة، قال فيها إنّ “الإمارات العربية المتحدة، حليفة السعودية منذ عقود، طعنتنا في ظهرنا”.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص كانوا في الاجتماع حينها قولهم، إنّ “ابن سلمان هدد الإمارات قائلاً: “سأريهم ما يمكنني فعله بإجراءات تفوق ما حصل مع قطر في حزيران 2017″، مضيفةً: إنّ “ابن سلمان لم يتحدث مع ابن زايد ما يزيد عن ستة أشهر”.
العلاقات الإماراتية- السعودية: شراكة أم تنافس؟
تتشابه السياسة الإماراتية مع نظيرتها السعودية في الرغبة إلى تصفير المشاكل في المنطقة، في وقتٍ تعتمد فيه الإمارات إلى جانب ثروتها النفطية على مكانتها في المنطقة بوصفها مركز للتمويل والخدمات اللوجستية والسياحة.
في المقابل، تشير صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إلى وجود مصالح متباينة بين البلدين في اليمن”، لافتةً إلى أنّ “الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في اليمن، والإحباط الإماراتي من الضغط السعودي، قوّض هذه العلاقة، إضافةً إلى أنّ رفع الأسعار العالمية للنفط يؤدي أيضاً إلى انقسامات جديدة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
كذلك، ذكرت الصحيفة إنّ “الرئيس الإماراتي محمد بن زايد تخطّى القمة العربية التي دعا فيها ابن سلمان الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض، ولم يعلّق على تصويت جامعة الدول العربية في أيار الفائت على قرار يقضي بعودة سوريا إلى مؤسسات الجامعة”، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أن “ابن سلمان كان غائباً عندما التقى ابن زايد بالقادة العرب في قمة إقليمية، رُتبت على عجل في الإمارات في شباط الفائت”.
ولإظهار عمق جذور الخلاف بين الإمارات والسعودية، لفتت “وول ستريت جورنال” إلى أنّ “مؤسس دولة الإمارات، زايد آل نهيّان، انزعج من الهيمنة السعودية على شبه الجزيرة العربية، ورفض الملك فيصل، الذي كان آنذاك في السعودية، الاعتراف بجاره في الخليج لسنوات، سعياً وراء النفوذ في النزاعات الإقليمية المختلفة”.
وتعليقاً على ذلك، أفاد مسؤول إماراتي نيابةً عن الحكومة الإماراتية في تصريحات منفصلة، بأنّ “الإمارات شريك إقليمي وثيق للسعودية، وسياساتنا تتلاقى حول مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك”، مؤكداً أنّ “شراكتهما الاستراتيجية تقوم على نفس الأهداف والرؤية للازدهار الإقليمي والأمن والاستقرار”، وفقاً لما نقلته قناة “الميادين”.
الإمارات- السعودية: دور قيادي في الشرق الأوسط
أوضحت “وول ستريت جورنال” أنّ “أفراد العائلة المالكة، اللذان أمضيا ما يقارب من عقد من الزمن في الصعود إلى قمة العالم العربي، يتنافسان الآن حول من يسيطر على الكرة في الشرق الأوسط، إذ أصبح دور الولايات المتحدة متضائلاً”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إنّهم “قلقون من أنّ التنافس الخليجي قد يجعل من الصعب إنشاء تحالف أمني موحّد لمواجهة إيران، وإنهاء الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات في اليمن، وتوسيع العلاقات الدبلوماسية بين “إسرائيل” ودول إسلامية”.
كذلك، نقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قوله: “هذان شخصان طموحان للغاية، يريدان أن يكونا لاعبين رئيسين في المنطقة واللاعبين المفضلين”، مضيفاً إنّه “على مستوى ما، فإنهما ما يزالان يتعاونان، لكن لا يبدو أي منهما مرتاحاً لوجود الآخر وهو ينافسه عموماً، وليس من المفيد لنا أن يكونا خصمين”.
وأصبح البلدان “منافسين اقتصاديين بأسلوب متزايد” وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أنه “كجزء من خطط ابن سلمان لإنهاء اعتماد السعودية الاقتصادي على النفط، فإنه يدفع الشركات لنقل مقرها الإقليمي إلى العاصمة الرياض، بدلاً من الإمارات”.
كما أنه “يُطلق خططاً لإنشاء مراكز تقنية، وجذب المزيد من السيّاح وتطوير محاور لوجستية، من شأنها أن تنافس مكانة الإمارات بوصفها مركز للتجارة في الشرق الأوسط”،
وأوضحت الصحيفة أنّ “السعودية تخطط لبناء خط أنابيب من المملكة إلى بحر العرب عبر محافظة حضرموت اليمنية، مع ميناء بحري في عاصمتها الإقليمية المكلا”.
وفي السياق نفسه، وسّعت الإمارات علاقاتها مع روسيا والصين مستفيدةً من إعادة الترتيب الجيوسياسي في العالم مع بدء الحرب الأوكرانية في شباط 2022، في خطوةٍ شكلت اختباراً لعلاقاتها مع واشنطن.
من جهتها، راقبت واشنطن حراك أبو ظبي وهي تعزز علاقاتها مع موسكو وبكين في الأشهر الفائتة، وهذا ما أدى إلى توتر في العلاقات الإماراتية- الأمريكية، وفق تصريح سابق لمسؤولٍ أمريكي كبير في الإدارة الأمريكية لصحيفة “وول ستريت جورنال”، ويضيف: “إنّ الرئيس الإماراتي محمد بن زايد تشاور مع المسؤولين الأمريكيين بشأن روسيا والصين بشكل أكبر في الأشهر الأخيرة، وأن علاقات واشنطن معه تتحسن، قبل زيارته إلى روسيا وبعدها.
يشار إلى أن الإمارات ترى أنّ استراتيجية “أصدقاء مع الجميع” في هندسة شرق أوسط جديد من شأنها أن تساعد حليفتها واشنطن في المنطقة، فأي علاقات مع موسكو أو بكين لن تكون عائقاً أمام علاقتها الوثيقة مع واشنطن، وفي سياق ذلك يؤكد أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنّه لن يتم تعريف الإمارات من خلال التنافس بين القوى العظمى”، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
أثر برس