نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية مقالاً تحليلاً ناقشت خلاله “المصالح الإسرائيلية” بين الحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية أو الحفاظ على تنسيقها مع روسيا في سوريا.
المقال نشرته الصحيفة العبرية تحت عنوان “هل التنسيق في سوريا مع روسيا يستحق المخاطرة بالتحالف الأمريكي – الإسرائيلي؟”، أشارت خلاله إلى أن “إسرائيل” وروسيا يستخدمان آلية تنسيق في سوريا تسمح لـ “إسرائيل” بالحفاظ على حريتها في العمل فيها دون أن تتعرض القوات الروسية للخطر، مؤكدة أن “تل أبيب” تنظر إلى موسكو على أنها القوة الرئيسية التي يجب التحدث معها عندما تريد “إسرائيل” تنفيذ ضربات في البلاد.
وفي الوقت ذاته، أشارت “جيروزاليم بوست” إلى أن عدم اتخاذ “إسرائيل” موقف واضح من الحرب في أوكرانيا بعد أيام من بدئها “خوفاً على علاقاتها مع موسكو في سماء سوريا يعني أنها تُخاطر بتحالفها مع الولايات المتحدة”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل العملية العسكرية الروسية بأيام في أوكرانيا، زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، سوريا وتحدث مع الرئيس بشار الأسد حول التعاون العسكري التقني، وزار قاعدة حميميم الجوية التي تعد القاعدة الرئيسية لروسيا في البلاد وسط مناورات عسكرية واسعة النطاق فوق البحر الأبيض المتوسط، حيث نشرت روسيا فيها طائرات مقاتلة من طراز MiG-31K مزودة بصواريخ Kinzhal التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي يمكن أن تصل إلى أهداف تصل إلى 2000 كيلومتر وقاذفات Tupolev TU-22M الاستراتيجية بعيدة المدى في القاعدة الجوية، كما شاركت الطائرات الروسية في مناورات بحرية في شرق البحر المتوسط شملت ما لا يقل عن 15 سفينة حربية و30 طائرة في وقت ظل التوتر فيه مرتفعاً بين الغرب وموسكو، وفي الوقت ذاته كانت موسكو تبني قواتها على طول حدود أوكرانيا.
حيث اعتبرت “جيروزاليم بوست” جميع هذه التحركات العسكرية الروسية بأنها تلميح روسي لـ “إسرائيل” مفاده: “ابق هادئاً ما لم تكن تريد أن تصبح حدودك الشمالية أكثر تعقيداً”.
ومن جهة أخرى تساءلت “جيروزاليم بوست”: “هل سيكون الأمر معقداً جداً لدرجة أن الطائرات الإسرائيلية لن تكون قادرة على مواصلة الضرب في سوريا؟”، وأجابت: “يمكن لبوتين بالطبع أن ينتقم إذا أوضح بينيت أن إسرائيل تعارض غزو أوكرانيا، ويمكنه إخبار قواته في سوريا بوقف التنسيق الأمني، ويمكنه تسليم بطاريات صواريخ S-300 وS-400 المتطورة إلى الجيش السوري، ويمكن حتى أن يجعل طياريه يعترضون الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السورية، لكن بالنسبة لبوتين، فإن إسرائيل تقوم بالعمل القذر في سوريا وسوف يجني الفوائد”.
وأضافت الصحيفة أنه لا يمكن الاستهانة بالقدرات الروسية ويجب أخذها بعين الاعتبار، مشيرة إلى أن العقوبات الغربية على موسكو تجعل لدى الأخيرة رغبة أكبر بالحفاظ على وجودها في سوريا، وقالت: “مع تهديد بوتين بالفعل باستخدام الأسلحة النووية ضد الغرب، يجب أخذ التهديدات الإضافية من قبل بوتين المتعلقة بالشرق الأوسط على محمل الجد”.
لكن في الوقت ذاته، أكدت الصحيفة أن “إسرائيل” أمام مأزق حقيقي لأن صمتها يهدد تحالفها مع الغرب، مشيرة إلى أن “إسرائيل تتلقى دعماً سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً وعسكرياً من الأمريكيين منذ عقود، وهو ضروري لأمنها، وبدون الدعم الأمريكي، لن يكون لدى إسرائيل أنظمة دفاع جوي مختلفة أو طائرات مقاتلة متقدمة، وكميات أخرى لا حصر لها من المعدات العسكرية التي تضمن تفوقها العسكري النوعي في المنطقة، إلى جانب أن تحالف إسرائيل مع الولايات المتحدة والغرب، زوّد إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية الضرورية لحملة الحرب بين الحربين وكذلك العمليات الإقليمية الأخرى”.
الصحيفة العبرية، لفتت إلى بعض الإجراءات التي اتخذتها “إسرائيل” للحفاظ على حالة توازت بين علاقاتها مع روسيا وعلاقاتها مع الغرب وأمريكا، حيث قالت: ” قدمت إسرائيل 100 طن من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا، لكنها لا يتعين عليها توفير أنظمة دفاع صاروخي مثل القبة الحديدية”.
وخلُصت “جيروزاليم بوست” بتقريرها إلى أن “إسرائيل لا يزال أمامها فرصة لمعرفة كيفية دعم أوكرانيا بالوسائل العسكرية، لإنقاذ البلاد من الاحتلال الروسي مع مواصلة ضرباتها في سوريا”.
وفي وقت سابق، نقلت الصحيفة بياناً عن السفارة الروسية، قالت فيه: “إن المسؤولين العسكريين يناقشون القضايا العملية المتعلقة باستمرار التنسيق العسكري بين روسيا وإسرائيل في سوريا، بشكل جوهري على أساس يومي”، مشيرة إلى أنه ثبت أن هذه الآلية مفيدة وسيستمر العمل فيها.