أثر برس

صراع القمح.. معركة تدخلها “قسد” بـ 200 مليون دولار

by Athr Press G

خاص|| أثر برس أفادت مصادر كردية قريبة من قيادات “قوات سوريا الديمقراطية”، بأن الأخيرة لا تجد نفسها مضطرة هذا العام لاتخاذ خطوات قسرية لإجبار الفلاحين في المنطقة الشرقية لبيعهم محصول القمح والشعير، فالسعر الذي طرحته بالعملة الأمريكية يمكنها من كسب معركة القمح لهذا العام أمام التسعيرة الحكومية بالليرة السورية، إلا أن تعميم قطع الطرقات أمام شاحنات الحبوب نحو مناطق سيطرة الدولة السورية من محافظة الشرق السوري سيكون روتينياً، وستذهب “قسد” نحو محاولة تهريب كميات القمح نحو أسواق خصومها مقابل منع وصوله إلى أسواق المحافظات السورية أو إلى مراكز استلام الحبوب التابعة للدولة السورية.

وبيّن محافظ الرقة عبد الرزاق خليفة في حديث لـ “أثر برس”، أن الكمية المتوقعة لإنتاج القمح في المحافظة ستصل لـ 570 ألف طن، منها 50 ألف في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية من المحافظة، مشيراً إلى وجود 3 مراكز لاستلام القمح هي “دبسي عفنان – السبخة – معدان”،  ومركز واحد في “السبخة” لاستلام الشعير، وأن المحافظة أبلغت الفلاحين أنها ستقوم بدفع تكاليف النقل لكل فلاح يرغب بنقل محصوله من الشعير إلى مركز السبخة أو نحو المحافظات الأخرى، علماً أن توقعات الإنتاج لهذا العام لن تزيد عن 20 ألف طن في كامل مناطق المحافظة.

خليفة يشير إلى مجهود من المجتمع المحلي والجمعيات الفلاحية في مناطق الريف الواقع تحت سيطرة الدولة، لمكافحة الحرائق المحتملة من خلال استنفار الصهاريج الخاصة والجرارات الزراعية للمشاركة في عملية تطويق الحرائق بسرعة، وأن مؤسسات الدولة في الرقة وضعت كامل آلياتها في حالة تأهب لحماية موسمي القمح والشعير من الحرائق، بما ذلك المناطق الخارجة عن السيطرة.

من جانبه يقول محافظة الحسكة لؤي صيوح لـ “أثر برس” إن الاستعداد لموسم الحرائق دفع لوضع كل آليات نقل المياه بما في ذلك سيارات الإطفاء والصهاريج التابعة لمؤسسات الدولة السورية في حالة استنفار كامل للتدخل السريع لإخماد الحرائق المحتملة في كافة مناطق المحافظة.

ويشير صيوح، إلى وضع جرافات وجرارات زراعية تحت تصرف الجهات التي ستعمل على الاستجابة للحرائق، فموسم الحبوب هم الأهم في حسابات الاقتصاد الزراعي في سوريا، وفيما سيتم العمل على استلام القمح من خلال 3 مراكز في القامشلي والحسكة تابعة للمؤسسة السورية للحبوب، فإن الجهات التابعة للحكومة السورية كـ “مؤسسة الأعلاف – مؤسسة إكثار البذار”، ستعمل على استلام أكبر كمية ممكنة من موسم الشعير.

تكشف مصادر خاصة لـ “أثر برس” أن عزوف “قسد” عن شراء الشعير من الفلاحين، سيعادل الكفة بالنسبة للدولة السورية، فشراء هذا الموسم سيكون بكميات معادلة من القمح، وتشرح المصادر ذاتها بالقول: “كل فلاح يرغب ببيع كمية من الشعير لمؤسسات الدولة السورية، عليه أن يبيعها كميات مماثلة من القمح وإلا لن يتمكن من تصريف ما حصده من الشعير”، ولا يأتي الأمر من باب إلزام الفلاحين ببيع محصولهم للدولة وإنما من باب الموازنة في عملية الشراء، وهي معادلة يجب أن تكون مرضية للطرفين، إذ كيف يرفض الفلاح لنفسه الخسارة في موسم الشعير ويقبلها للطرف المشتري؟

قسد.. خروقات ثابتة:

تؤكد مصادر كردية قريبة من “قسد”، أن الأخيرة تجد أن فارق السعر الذي يميل لصالحها (43 سنتاً أمريكياً للكيلو الواحد)، أي ما يقارب 4 ملايين ليرة سورية للطن الواحد، في حين أن السعر الحكومي يبلغ 2.3 مليون ليرة فقط، ومع إضافة تحمل الدولة السورية لمبلغ الشحن بقيمة 300 ألف ليرة لنقل كل طن، فإن “قسد” تضع تكاليف الشحن على الفلاحين، الأمر الذي يجعل التكلفة تقريبا متقاربة، وبالرغم من أن “قسد” أعلنت عن تسعير كيلو الشعير بـ 35 سنتاً أمريكياً، فقد عادت للإعلان عن عدم نيتها استلام أي كمية من هذا الموسم، وتؤكد مصادر “أثر برس” أن الموازنة العامة التي خصصتها “قسد” لدخول معركة القمح للعام الحالي تبلغ 200 مليون دولار، مع تجهيز مبالغ إضافية لشراء ما تجده في الأسواق إن كانت كمية الإنتاج تفوق حساباتها.

تتوقع مصادر حكومية أن يزيد إنتاج القمح في المنطقة الشرقية لوحدها عن 1.5 مليون طن من القمح، وعلى اعتبار أن “قسد” تمنع مرور أي شاحنة محملة بالقمح نحو مناطق الدولة السورية، متوقعة صدور تعميم من “الأسايش” خلال أيام يجدد هذا المنع للعام الحالي، فإن ما سيصل لمراكز الحبوب الحكومية قد لا يزيد عن 500 ألف طن معظمها من محافظة دير الزور لكون المناطق الواقعة إلى الغرب من نهر الفرات كاملة تحت سيطرة الحكومة، ولا تشغل “قسد” ومن خلفها ما تسميه بـ “الإدارة الذاتية” بالاً في تأمين الاحتياج السنوي من الحبوب للمناطق التي تسيطر عليها، إذ إن تأمين الطحين للأفران العاملة في المنطقة يقع على عاتق الحكومة السورية التي لم توقف إمداد الأفران العامة نهائياً رغم كل حالات التوتر التي شهدتها المحافظات الشرقية في سنوات خلت.

وتقول مصادر كردية لـ “أثر برس” إن ما تشتريه “قسد” من الحبوب يقسم على ثلاثة، الجزء الأكبر منه كان ينقل إلى إقليم شمال العراق “كردستان”، والثاني يتم تهريبه من خلال المعابر البرية التي تربط مناطق انتشار قسد والمناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة الموالية للحكومة التركية في شمال محافظات الحسكة والرقة وحلب، فيما القسم الثالث وهم الجزء الأقل يتم بيعه للمطاحن الخاصة التي تقوم بدورها بإمداد السوق المحلية بالطحين.

لكن المصادر تشير إلى أن احتمال استمرار إغلاق المعابر مع إقليم “كردستان”، وخاصة معبر الوليد الذي خصص في مراحل سابقة لمرور الشاحنات التي تزيد حمولتها عن 25 طن، ما قد يعني كساداً في بضاعة “قسد”، كما أن عملية التبادل التجاري مع مناطق سيطرة فصائل أنقرة ليست في أفضل أحوالها خلال الشهرين الماضيين لأسباب لا تبدو مرتبطة بـ “قسد” بقدر ما ترتبط بحالة الخناق الاقتصادي المراد فرضه على الفصائل المسلحة الكردية من قبل أنقرة، وعلى الرغم من الخصومة السياسية والعسكرية مع كلا الطرفين إلا أن الميزان التجاري الخاص بـ “قسد” مع كل منهما لم يتأثر نهائياً، فحركة المعابر مع الفصائل التي تصف “قسد” بـ “الانفصاليين” و”الملاحدة الكرد”، لم تتوقف رغم شراسة المعارك التي جمعت الطرفين في أكثر من مناسبة، كما أن الخصومة السياسية مع حكومة أربيل ممثلة بـ “تيار بارزاني”، لم تفسد للتبادل التجاري قضية سابقاً، فهل يمكن أن يكون لقرار إغلاق المعابر مفاعيله في إجبار “قسد” على طرح ما ستشتريه من الحبوب على الحكومة السورية بالقياس على أن السوق المحلية للمحافظات الشرقية لن تستوعب كامل الإنتاج؟

محمود عبد اللطيف

 

اقرأ أيضاً