أثر برس

ضيف ثقيل على الأراضي الزراعية في سوريا.. “الباذنجان البري” يهدد المحاصيل

by Athr Press G

خاص || أثر برس يشكل نبات “الباذنجان البري” أزمة كبيرة لأصحاب الأراضي الزراعية في سوريا، فرغم أن شكله جميل بلونه البنفسجي، إلا أنه نبات سهل الانتشار بين المزروعات ويصعب التخلص منه.

“الباذنجان البري” الذي بات يهدد محاصيل المزارع “أبو أحمد” في دير الزور، وهنا يشرح لـ”أثر” أنه قبل أشهر ظهرت بعضنبات الباذنجان البري الأزهار البنفسجية في حقله، ولم يعرف في البداية كيف يتعامل معها بشكل صحيح، فانتشرت في كامل حقله، وزاحمت محاصيله مهددة إياها في نموها، حتى أن جواره من المزارعين باتوا ينظرون لحقله ومنتجاته على أنها وباء، والجميع خائف من انتقال العدوى لأرضه.

وطبعاً، لا يبدو خوف هؤلاء الفلاحين مبالغ فيه، لأن الباذنجان البري بالفعل هو أشبه بالوباء، فمجرد دخوله لمكان ما سيحمل الخسارة، وشرحت لـ”أثر” المهندسة صبا الموسى من مديرية وقاية النبات في وزارة الزراعة، أن هذا النبات المعروف علمياً باسم (Salanum elagnifolium Cav) يعود إلى العائلة الباذنجانية  olanaceae، وهو نبات شوكي قائم يصعب اقتلاعه باليد، كما أنه معمر عريض الأوراق والجذر الرئيسي وتدي متعمق في التربة لأكثر من ثلاثة أمتار، وبالنسبة للثمار فشكلها عنبية، ويعطي النبات الواحد من 60- 200 ثمرة، كما أن بذوره قرصية يتراوح عددها في الثمرة الواحدة من 30-180 بذرة، ومن هنا تأتي خطورته حيث الكم الهائل الذي ينتجه من البذور والذي يساهم في زيادة انتشاره.

انتشار واسع:

وللأسف وجد هذا الباذنجان فرصة مواتية له في سوريا، فهو ينتشر بشكل كبير في مناطق عدة، كما أوضح المهندس الزراعي بشار هورس، فخلال جولاته التي يقوم فيها، رصده في غالبية مناطق محافظة حمص (مدينة وريفاً)، ويشرح في حديثه لـ”أثر برس”، أن المشكلة مع هذا الصنف أنه قابل للتكيف مع كل البيئات، فتراه في البادية والجبل والطبيعة.

من جانبه، يؤكد رئيس دائرة الآفات معاون مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة المهندس حازم الزيلع لـ”أثر”، أن العشبة رُصدت في معظم المحافظات، ولكن تتركز المساحات المصابة الكبيرة في المنطقة الشمالية دير الزور والرقة والحسكة، حيث زاد انتشارها خلال فترة الحرب، بسبب صعوبة الدخول إلى الحقول في المناطق الشمالية والشرقية لتنفيذ أعمال المكافحة، وبعد استقرار المنطقة، أصدرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي قراراً بالمكافحة الاجبارية للحد من انتشار عشبة الباذنجان البري.

نبات غازي:

ويعتبر الباذنجان البري من النباتات الغازية، أي التي جاءت من خارج سوريا، ثم انتشرت في أراضيها، حيث يقول حول ذلك المهندس الزراعي محمود العلي لـ”أثر”، إنه جاء من الولايات المتحدة والمكسيك، وانتشر في دول عدة حول العالم من خلال استيراد المنتجات الزراعية، كما أنه يشكل خطر على بلاد الشرق الأوسط بشكل خاص لأن انتشاره كبير في حقول القمح والقطن وحتى على الزيتون، وفي سوريا شوهد أول مرة في الحسكة، ثم انتشر بعدها في الحقول الزراعية بمناطق عدة في المحافظات الشرقية مثل دير الزور والرقة، ثم وثل لحلب وحمص وحماة، وفي 2007 أصبح منتشراً بكل سوريا”.

ويوضح أن المشكلة مع هذه النبتة أن أضرارها كبيرة وفوائدها معدومة، عدا عن أنها سامة للإنسان وللمواشي، بسبب احتوائها على “قلويد السولانين” أي لا يستفاد منه لا للرعي ولا للإنسان، والحل الوحيد هو القضاء عليها.

وشرحت المهندسة موسى (من مديرية وقاية النبات في وزارة الزراعة) هذه الأضرار، موضحة أن نبتة الباذنجان البري تنافس المحصول عن طريق إفراز مواد سامة ومثبطة لنمو المحاصيل مثل القطن، كما تخفض وبشكل كبير غلة ونوعية المحاصيل الزراعية، وتلعب دوراً في اختزان للكثير من الأمراض النباتية التي تصيب المحاصيل الزراعية.

وتابعت المهندسة موسى: “من الأضرار أيضاً تأثيره السام على المواشي وسد قنوات الري إضافة الى تدني خصوبة الأراضي التي ينتشر فيها، وكذلك صعوبة تنفيذ العمليات الزراعية في الأماكن المصابة بهذا النبات بسبب انتشار جذوره إلى أعماق كبيرة، وأيضاً اكتساح جنبات الطرق واقنية الري والصرف والحدائق العمومية والمنتزهات”، لافتة إلى أن هذا الضرر البيئي ينجم عنه أحياناً أبعاد أو تغير النبتات الأصلية أو المحلية.

الوقاية والعلاج:

برأي المهندس محمود العلي، لا يمكن اعتماد طريقة مكافحة واحدة للتخلص منه، وإنما اتباع إجراءات تحد من انتشاره، ومن ثم تكافحه المكافحة، ويقترح مثلاً أن يستبدل المزارع في الدورة الزراعية القمح والقطن بالبرسيم العلفي خلال موسمين، لأن هذا الصنف يعتبر عدو للباذنجان البري.

بينما شرح المهندس الزيلع، سبل الوقاية، والتي تتمثل بتحديد أماكن تواجد وانتشار النبات وبؤر الإصابة، وبالتالي تطبيق تعليمات الحجر الزراعي الداخلي، بالإضافة لعدم نقل التربة من أماكن تحوي على أجزاء النبات التكاثرية (البذور أو الأجزاء الخضرية) إلى أماكن نظيفة، وكذلك عدم نقل السماد العضوي غير المتخمر بشكل جيد والتأكد من خلوه من البذور أو الأجزاء الخضرية القابلة للنمو.

وأضاف المهندس الزيلع تعليمات أخرى تتمثل بعدم نقل الشتلات من مشاتل ينتشر فيها هذا النبات وتربتها ملوثة به إلى المواقع الخالية من العشبة، وتنظيف الأدوات والآلات قبل مغادرتها المناطق المصابة، بالإضافة إلى تجنب إدخال الأغنام والماشية للرعي في الحقول والمناطق المصابة وخاصة في فترة نضج الثمار وجفافها كي لا تنتقل الإصابة إلى المواقع السليمة، إذ إن 10-67% من بذور النبات تبقى حيه خلال مرورها في الجهاز الهضمي للأغنام.

وختم التعليمات بذكر ضرورة تنظيف جوانب القنوات، وعدم الري بمياه ملوثة ببذور العشبة، بالإَضافة لاستخدام بذور موثوق بها خالية من بذور الأعشاب وخاصة بذور الأعشاب الحجرية.

واقترح المهندس الزيلع أيضاً استبدال المحاصيل، من خلال اتباع دورة زراعية تتضمن محاصيل كثيفة (الحنطة والشعير)، وأيضاً إدخال زراعات تكثيفية مثل الذرة الصفراء التي تنافس عشبة الباذنجان البري.

ولفت المهندس المتخصص بالآفات إلى أن العلاج يمكن أن يكون أيضاً ميكانيكياً، فلعمليات الحراثة تأثير إيجابي في مكافحة هذا النبات، وخاصة إذا أجريت حراثة بعمق 25-30 سم في الصيف، تم تُمشط التربة وتُجمع بقايا الجذور والجزاء الخضرية بدقة وتُحرق، كما يمكن قلع بادرات النبات بعد ري التربة في الحقول الزراعية والتخلص منها.

وختم الزيلع الحلول بالحديث عن المكافحة الكيميائية، والتي تتمثل بري الأرض من أجل تنشيط نمو النبات، بعدها يتم رش النبات باستخدام مبيد الكلايفوست  Glyphoste مرتين في السنة وفي مرحلة تكوين الأزهار بمعدل 8 لتر للهكتارالواحد.

اقرأ أيضاً