لم تكن مباراة بايرن ميونيخ وهوفنهايم في المرحلة الرابعة والعشرين من الدوري الألماني لكرة القدم عادية، ليس فقط بنتيجتها الكبيرة الذي حقّقها البافاري 6-0 وبالأداء الذي قدّمه لاعبوه، بل بما جرى في الشوط الثاني وتحديداً في الدقائق الأخيرة من المباراة.
مع انتصاف الشوط الثاني كان كل شيء في المباراة يسير طبيعياً بتقدّم بطل ألمانيا بسداسية واقترابه في أكثر من مناسبة من إضافة المزيد من الأهداف.
ولكن ما حصل كان مفاجئاً، عندما أوقف الحكم المباراة ولم يعلم أحد ماذا يحصل حيث توجّه مدرّب بايرن هانز – ديتر فليك ومدير الفريق البوسني حسن صاليحميدزيتش وبعض اللاعبين إلى الجهة التي يتواجد فيها جمهور فريقهم الأقل حضوراً في الملعب ليحاولوا تهدئة غضبه وانفعاله رغم أن بايرن كان متقدّماً بالنتيجة بستة أهداف.
بدا الأمر غريباً ولوهلة غير مفهوم، ليتّضح بعد ذلك أن جماهير البافاري ترفع لافتات مسيئة بوجه رئيس هوفنهايم، ديتمار هوب، وتطلق صافرات الاستهجان والهتافات ضده.
أما السبب هو أن جمهور بايرن كما جماهير أندية أخرى في ألمانيا تنتقد ما فعله هوب بالاستثمار في هوفنهايم ومطالبته بإلغاء قاعدة (50+1) التي لا تتيح للمستثمرين الحصول على الحصة الأكبر من أسهم الفرق الألمانية، وهو منذ أن وصل إلى الرئاسة تمكن هوفنهايم من الصعود من الدرجة الثانية وأصبح في فترة قصيرة بين الفرق البارزة في “البوندسليغا”.
وقدّم العديد من اللاعبين الجيّدين الذين بالمناسبة ضم بايرن بعضهم على غرار نيكلاس شوليه وسيباستيان رودي الذي عاد إلى هوفنهايم، كما أن البافاري أعار النجم المتألق حالياً سيرج غنابري إلى هذا الفريق قبل موسمين.
ما هي إلا دقائق حتى خرج فليك من الملعب واستُكمِلت المباراة بعد أن اعتقد الجميع أن المسألة قد حُلَّت، لكن بعد دقائق ومع وصول المباراة إلى ربع الساعة الأخيرة أطلق الحكم صافرته مجدّداً لكن هذه المرة خرج اللاعبون من الملعب.
مجدّداً توجّه فليك نحو جمهور بايرن وهذه المرة استدعى الأمر أن يتدخّل الحارس الأسطوري للفريق البافاري أوليفر كان الذي يشغل حالياً منصباً في مجلس إدارة النادي ويتحضّر لرئاسته، ثم اضطر الأمر أن ينزل الرئيس التنفيذي لبايرن، كارل هاينز رومينيغيه، إلى الملعب لحلّ المسألة.
كان المشهد غير مألوف بالنسبة لبايرن ومسؤوليه أمام جمهورهم وفي الوقت نفسه محرجاً للغاية في ملعب المضيف.
لكن ما كان غير مألوف أكثر ومعبّراً للغاية هو عندما عاد لاعبو الفريقَين إلى أرض الملعب وكانت المفاجأة عندما اتّفق الطرفان أن يستكملا المباراة بينهما بتبادل الكرات بين اللاعبين على غرار الحصة التدريبية.
هكذا مرّت 15 دقيقة والكرة يتناقلها لاعبو بايرن وهوفنهايم ويتبادلون الأحاديث والتحايا ويضحكون كأن نتيجة المباراة لم تكن 6-0 وكأن ما فعله جمهور بايرن لم يحصل في مشهد غاية في الروعة ويُظهر أن الروح الرياضية والأخلاق الرياضية هي الأساس قبل التنافس وتحقيق الفوز وتسجيل الأهداف.
ثم اكتمل المشهد بدخول رومينيغيه وهوب إلى الملعب وتوجّههما تحت الأمطار الغزيرة مع اللاعبين إلى جمهور هوفنهايم وسط التصفيقات.
لكن أياً يكن موقف جمهور بايرن – وباقي الجماهير الألمانية – ومدى صوابيته تجاه هوب، إلا أن الإساءات التي وجّهها له كانت غير مقبولة ومستنكرة من إدارة النادي البافاري خصوصاً أن مباراة بايرن ميونيخ وهوفنهايم كانت على ملعب الأخير، غير أن الأهم يبقى ما حصل على أرض الملعب بين الفريقَين في نهاية المباراة.
مباراة بايرن ميونيخ وهوفنهايم حملت مشهد لا يتكرّر، مشهد للتاريخ حتماً.