خاص || أثر برس تتصاعد حدة الشكاوى من القرى القريبة من معمل أسمنت طرطوس مع تزايد الغبار الناجم عنه الذي ترك أثره في الحجر كما البشر، من دون أن تحرّك الجهات المعنية ساكناً في سبيل إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة القديمة الجديدة وإنهاء معاناة الآلاف من سكان القرى المتضررين، ففي كل مرة يتم إيجاد حل إسعافي لا تمضي عليه أيام حتى يبطل مفعوله ويعود واقع الحال أسوأ من قبل.
وجدد عدد من أهالي قريتي (حصين البحر، السودا) القريبتين من معمل الأسمنت الشكوى لـ”أثر” من أن واقع الحال لا يزال يراوح مكانه فالغبار يتزايد يوماً بعد يوم إلى الحد الذي لم يعد باستطاعة الأهالي تحمّله، مشيرين إلى وجود أشخاص يعانون من الربو، وأشخاص آخرين باتوا يعانون من التحسس، ناهيك عن تزايد أعداد المصابين بالسرطان.
وأضافوا: “هذه المعاناة عمرها سنوات وليست وليدة اليوم، ولن يتم حلّها إلا باتخاذ حل جذري، دون اللجوء إلى حلول إسعافية لتجميل الواقع وإسكاتنا لبضعة أيام ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة”.
وأكد الأهالي أن معمل الأسمنت كارثة بيئية وإنسانية، وكل الجهات المحلية والمركزية المعنية تعلم أن نسبة التلوث تجاوزت الحدود المسموح بها بمراحل كثيرة، وأنه لم يعد بإمكان القرى المجاورة تحمل المزيد من التلوث، متسائلين: “متى سيتخذ القرار الصارم واللازم لإنهاء معاناتنا؟”
بدوره، قال مصدر في محافظة طرطوس لـ”أثر” إنه نتيجة متابعة واقع عمل معمل الأسمنت والإجراءات المتخذة لحماية البيئة ورفع التلوث عن القرى المجاورة له، تبيّن أن سبب الغبار المتصاعد هو حصول عطل فني طارئ في الفلاتر الكهربائية بالمعمل، وقامت الورشات والكوادر المختصة بإصلاحه وإجراء المعالجة اللازمة بكل الإمكانيات المتاحة، لتعود الفلاتر للعمل بالكفاءة المعتادة.
وأكد أن المحافظة تتابع بشكل يومي ومستمر واقع التقيد بالتدابير المطلوبة للحد من التلوث الناجم عن معمل الأسمنت، مشيراً إلى أنه يتم العمل حالياً على تأمين الفلاتر القماشية وتركيبها للوصول إلى استقرار تام بعمل المعمل بعيداً عن تلوث البيئة.
من جهته، قال مدير البيئة في طرطوس الدكتور محمد صالح لـ”أثر” إنه لم تأتِ اللجنة من وزارة الإدارة المحلية والبيئة، لزيارة معمل الإسمنت وتقييمه، وإقرار ما يلزم للحد من التلوّث البيئي الناجم عنه من جهة وتحسين واقع المنشأة من جهة أخرى.
واعتبر صالح أن تأمين الفلاتر القماشية لن يحل المشكلة التي ستعود مجدداً بعد مرور بعض الوقت، فالتقنيات الموجودة في المعمل قديمة وهو بحاجة إلى صيانة كاملة بدءاً من المقالع وانتهاء بالفلاتر، وليس الفلاتر فقط، مبيناً أنه تم مؤخراً الكشف على معمل الأسمنت، حيث لم يتغير شيء في واقع الحال.
الجدير بالإشارة إلى أنه منذ سنوات طويلة يشكو أهالي قرى (حصين البحر، السودا، عبة، دوير طه) القريبة من معمل الأسمنت، من انبعاث غبار كثيف من المعمل الذي أرخى بثقله على البشر والحجر، وتفاقم حدة المشكلة مع مرور الأيام وتزايد كثافة الغبار من دون إيجاد حلول جذرية، ليبقى لسان حال الأهالي في القرى المجاورة يعيد شرح المعاناة اليومية التي كما يبدو عصيّة على الحل.
صفاء علي – طرطوس