لاتزال التصريحات الأخيرة التي أطلقها وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو، الأربعاء الماضي، بشأن استعداد أنقرة لدعم دمشق إذا ماقررت مواجهة “قوات سوريا الديمقراطية-قسد”، تثير اهتمام الأوساط السياسية، وخصوصاً جانب المعارضة، وتفرض تساؤلات حول أسبابها و إمكانية تبدّل مشهد العلاقات السورية – التركية، خلافاً لما وصلت إليه خلال السنوات الماضية.
وفي هذا الصدد، كتب إيغور سوبوتين في صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، أن “القيادة التركية تحاول تطبيع علاقاتها مع دمشق الرسمية، رغم سنوات من الخلافات السياسية، وأن هذه التصريحات خيبت آمال المعارضة السورية” مضيفاً أن “تعليقات وزير الخارجية التركية تعكس جزئياً استعدادات النخبة التركية للانتخابات العامة التي ستشهدها البلاد في العام 2023″.
وتلقت الأوساط المعارضة تصريحات وزير الخارجية التركية بكثير من التوجس، لكنها بررت الموقف التركي على أنه قد يكون فقاعة إعلامية لإيقاع الخلاف بين الحكومة السورية من طرف و”قسد” من طرف آخر في ظل الحوار الذي يجري أو التقارب بين الطرفين.
من جهته، أشار الدكتور بسام أبو عبد الله في مقال له بصحيفة “الوطن” إلى أن “خيار الرئيس التركي الأول هو الانتقال من مرحلة المراوغة والتسويف، والمماطلة في الملف السوري إلى مرحلة التنفيذ التدريجي على مراحل، والتنسيق الميداني مع الروس، والجيش السوري لإنهاء وجود “الجماعات الإرهابية” في إدلب، والبدء بتنفيذ اتفاق عام 2019، مقابل التعاون أيضاً بتفكيك مشروع الكانتون “القسدي” المدعوم أمريكياً، وهذا ممكن إذا صدقت النيات من الجانب التركي”.
وتأتي تصريحات جاويش أوغلو بثلاثة سياقات زمنية خاصة بسوريا، الأول أنها جاءت بعد أسبوع من القمة الثلاثية في طهران، والتي جمعت رؤساء تركيا وروسيا وإيران رجب طيب إردوغان، وفلاديمير بوتين، وإبراهيم رئيسي.
أما السياق الثاني فقد جاءت عقب إبداء طهران نيتها الوساطة بين أنقرة ودمشق، في مسعى لإبعاد شبح العملية العسكرية التي تهدد بتنفيذها الأولى في الشمال السوري.
وفي حين يتعلق السياق الزمني الثالث بالتطورات المتعلقة بالعملية التركية المحتملة على الأرض، تتجه الأنظار إلى قمة “سوتشي” التي ستجمع أردوغان وبوتين في الخامس من آب القادم، على أن تتناول سلسلة من القضايا المشتركة، في مقدمتها الملف السوري.
وكانت صحيفة “حرييت” التركية، قد تحدثت في نيسان الماضي عن وجود مباحثات جرت بين أنقرة ودمشق، بشأن 3 موضوعات مهمة، لكن هذه المعلومات لم يصدر حولها أي تعليق رسمي تركي أو سوري.
يشير محللون إلى أن استياء أنقرة من مماطلة واشنطن وموسكو من دعمها في عمليتها العسكرية في سوريا هو أحد الأسباب التي دفعها للإدلاء بهذه التصريحات الجديدة، التي تأتي مغايرة للتصريحات التركية السابقة، فهل يكون اعتماد إطار اتفاقية “أضنة” الموقعة بين سوريا وتركيا، بانتشار الجيش السوري بعمق 30 كيلو متراً على طول الحدود، حلاً ميدانياً أخيراً يمنع من التصعيد في الشمال السوري؟