خاص|| أثر برس نفذ سلاح الجو السوري عمليات متعددة ضد مواقع تتحصن فيها خلايا تابعة لتنظيم “داعش”، ضمن مناطق البادية السورية الممتدة بين ريف الرقة الجنوبي والتخوم الشمالية لمدينة “تدمر”، وتأتي العمليات بعد أن نفذت خلايا التنظيم سلسلة من الهجمات على مواقع بريف دير الزور والرقة وحمص.
تحركات “داعش” في البادية تأتي من خلال الهجمات السريعة التي تهدف للحصول على الذخائر والمؤن، وتؤكد مصادر ميدانية لـ”أثر” أن “داعش”، لا يمتلك القدرة على شن عمليات واسعة يمكن أن تغير شكل خارطة السيطرة في البادية، كما أنه لا يمكن للتنظيم التمركز في مكان واحد لوقت طويل وذلك خشية من عمليات التمشيط البرّي المتواصلة، والاستهدافات الجوية التي ينفذها الجيش السوري.
يستفيد التنظيم من الطبيعة الجغرافية لمنطقة البادية ليؤمن التحرك عبر الأودية السيلية والمناطق الوعرة باستخدام “الدراجات النارية”، غالباً لتنفيذ هجماته، وتكون السيارات الرباعية الدفع المزودة بالرشاشات الثقيلة في الخطوط الخلفية للهجمات إن اشتركت فيها، كما يعتمد التنظيم على عمليات زرع العبوات الناسفة على الطرقات الحيوية لاستهداف الشاحنات العابرة لها، والهدف هو الحصول على أكبر قدر ممكن من المؤن والذخائر.
لا تعد نقاط الجيش الهدف الوحيد لمسلحي التنظيم، فالهجوم على مخيمات رعاة المواشي والبدو تعد من العمليات الأكثر استقطاباً لخلايا “داعش”، حيث يلجأ إلى سرقة المواشي ونقلها إلى داخل منطقة “خفض التصعيد” التي تعرف باسم “منطقة الـ 55 كم”، والمحيطة بالقاعدة الأمريكية في منطقة التنف، ويتم بيع المواشي المسروقة للفصائل الموالية لواشنطن وعلى رأسها “جيش مغاوير الثورة”، الذي يقوده المدعو “مهند الطلاع”، ليتم لاحقاً نقل هذه المواشي عبر “مخيم الركبان”، إلى الأراضي الأردنية أو العراقية.
وتؤكد مصادر ميدانية أن هجمات التنظيم على نقاط الجيش في عمق البادية السورية غالباً ما تتزامن مع موجات تشويش متعمد مصدرها “قاعدة التنف”، كما تستفيد مجموعات داعش من معلومات استخبارية تؤمنها القاعدة نفسها، من حيث كشف الطرق التي تستخدمها قوافل الجيش السوري والقوى الرديفة، وتعد المنطقة الممتدة بين “معيزيلة”، بريف دير الزور الجنوبي، ومنطقة “سد الوعر”، بريف حمص الشرقي”، من أكثر المناطق التي تنشط فيها خلايا التنظيم، وهي منطقة تتصل جغرافياً مع منطقة “الـ 55 كم”، حيث تتحصن خلايا التنظيم في منطقة من المفترض إنها مسرح عمليات أمريكية بالتعاون مع الفصائل الموالية لها ضد “داعش”، لكن التنظيم يقطن في المنطقة بأمان مطلق مع إقامة علاقات تجارية مع “الطلاع”، وغيره من قيادات الفصائل الموالية لواشنطن، ومن أهم المواد التي تؤمن لـ “داعش”، هي المحروقات والمواد الغذائية والذخائر المتنوعة، وذلك مقابل بيع المواشي وسواها من المواد المسروقة.
تشير المصادر الميدانية إلى أن الحماية الأمريكية المباشرة لمناطق تحصن التنظيم وتأمين طرق انتقاله بين طرفي الحدود مع العراق، إضافة إلى اتساع المساحة التي ينشط فيها “داعش”، مع خلال الانتشار بمجموعات صغيرة بشكل متباعد، مع خصوصية البادية من حيث التضاريس الصعبة تعد من المسائل التي تجعل من تطهير البادية من وجود التنظيم مسألة صعبة على الرغم من عمليات التمشيط البرّي المتواصلة التي تنفذها وحدات الجيش السوري، ويعمد الإعلام المعارض، للمبالغة في حجم الخسائر البشرّية والتهويل من حجم خطر التنظيم، فالحديث عن إمكانية إعادة هيكلة داعش بالصورة التي كان عليها قبل أن يتم تفكيكه والسيطرة على مناطق انتشاره قبل العام 2018، معلومات لا تستند للواقع بالمطلق، فعلى الرغم من عدم وجود تقديرات دقيقة لتعداد عناصر “داعش”، في البادية إلا أن الأمر إلا أن الأمر لا يعدو سوى عن تحوله من تنظيم يعمل وفقاً لقواعد واضحة، إلى عصابات وقطاع طرق ينفذون تعليمات استخبارية واضحة، ولا تمتلك القدرة على الانتشار بشكل علني في أي نقطة.
محمود عبد اللطيف