أثر برس

عين عيسى تعود إلى دائرة النار.. رسائل سياسية قد لا يرافقها تطورات ميدانية

by Athr Press Z

يشهد الشمال السوري تصعيد تركي يعطي ملامح لعمل عسكري واسع يطال محيط عين عيسى في ريف الرقة، واللافت في هذا التصعيد أنه يتزامن مع جملة من التعقيدات السياسية والتوترات التي تشهدها المنطقة، كفشل جولة الحوار الكردي-الكردي والتوترات الروسية-الأمريكية الحاصلة، الأمر الذي يطرح العديد من إشارات الاستفهام حول نهاية هذا التصعيد العسكري في منطقة تخضع لاتفاق روسي-تركي.

هذا التصعيد الذي جاء بعد هدوء واضح شهدته التحركات التركية السياسية والعسكرية إزاء سوريا وبالتزامن مع التوتر الروسي-الأمريكي، يشير إلى أن أنقرة تعمدت اختيار هذا التوقيت مستغلة جملة من الحوادث، وبحسب ما قاله الخبير الاستراتيجي كمال جفا في حديث لـ”أثر برس” فإن جمود العملية السياسية وجمود العمليات العسكرية خلال الأشهر الماضية مرتبط بما حدث من تغيير في الإدارة الأمريكية وتغيير سياساتها تجاه ملفات المنطقة بأكملها وتبدل الأولويات بالنسبة للإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن “الدعم الأمريكي المطلق لقسد دفع الجانب التركي إلى جس نبض الجبهات بالقوة النارية تدريجياً وانتظار ردود فعل الجانب الأمريكي لهذا التصعيد لعلها تصل إلى تفاهمات تؤمن لها بعض المكاسب الميدانية والسياسية في الشمال السوري مع تقويض تدريجي لسلطة الإدارة الذاتية”.

وبدوره أكد الصحفي رضا الباشا في حديث مع “أثر” أن هذا التصعيد التركي جاء بعد أسبوعين من فشل المفاوضات الكردية-الكردية والتي كانت المبعوثة الأمريكية إلى سوريا الوسيط بها، إلى جانب تزامنه مع حضور نائب المبعوث الخاص الأمريكي إلى المنطقة الذي كان متفاعل جداً مع الأكراد فتسبب بحالة استفزاز لتركيا التي أرسلت رسائل واضحة إلى أمريكا من خلال ما حصل في عين عيسى”.

كما اعتبر الباشا أن هذا التصعيد التركي هو بمثابة التحدي الأول أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، وذلك لأن طرفي التصعيد هما حلفاء واشنطن، التي تعتبر الآن أنها أمام تفاضل بين حليف عضو بالناتو وبين قسد.

وأشار “الباشا” إلى أن اللافت مما يجري هو موقف روسيا والدولة السورية اللتان تلتزمان الصمت حيال ما يجري في ريف الرقة بالرغم من أنها منطقة تخضع لاتفاق روسي-تركي، في الوقت الذي تتحدث فيه مصادر معارضة عن مطالبات روسية وسورية لـ”قسد” بتسليم المنطقة للدولة السورية ، وفي هذا الصدد أكد الخبير الاستراتيجي “جفا” أن خيارات روسيا والدولة السورية مما يجري محدود وتتمحور في نقطتين: الأولى: هو أن الدولة السورية مع تقويض المشروع الكردي وعدم تمكنه واستدامته وبالتالي ليس لها إلّا أن تقف متفرجة وتترك “قسد” تقارع الاحتلال التركي.

الثانية: أن تدخل مؤسسات الدولة السورية إلى عين عيسى وتمسك الدولة بالملف الأمني والعسكري والاقتصادي ويتم حل مؤسسات “الإدارة الذاتية” في عين عيسى وانتقالهم إلى منطقة أخرى وهنا تقع مسؤولية حماية عين عيسى من الهجمات التركية والمجموعات التابعة لها وتصبح تحت القيادة والإدارة السورية حالها كحال كل المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية، وهو الأمر الذي سبق أن رفضته “الإدارة الذاتية” بشكل كامل.

مشيراً إلى أنه “يمكن أن نستنتج من المعطيات أن الجانب الروسي أيضاً هو ضمن خيارات ومواقف الدولة السورية وخاصة أن قسد تصعد ضد الدور الروسي في شمال شرق سوريا وبتوجيه ودعم أمريكي مباشر مرتبط بالتصعيد الأمريكي ضد روسيا”.

على الرغم من أن المشهد الحالي يوحي بأن المعني الأول فيما يجري هو كل من روسيا وتركيا إلّا أنه لا يمكن استبعاد الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت في مأزق أمام حليفين استراتيجيين لها تريد الحفاظ عليهما “الكردي والتركي” وفي الوقت ذاته تريد منع روسيا من استغلال ما يجري، والتمركز بشكل أكبر ضمن مناطق السيطرة الأمريكية شرقي الفرات السوري، خصوصاً وأن العديد من المحللين يؤكدون على أن الرد الروسي على التوتر الأخير مع الولايات المتحدة سيكون من خلال حروب باردة وتحالفات قد تنضم إليها موسكو ضد واشنطن.

أثر برس

اقرأ أيضاً