أثر برس

في مقابر الرقة أكثر من 8 آلاف ضحية وعدد غير معلوم من المفقودين.. فمن القاتل؟

by Athr Press G

خاص – أثر برس

يجري الحديث مؤخراً عن انتشال جثامين نحو 3500 شخص من مقبرة جماعية في قرية “فخيخة” الواقعة في الطرف الجنوبي من مدينة الرقة، وتشير التقديرات الأولية إلى أن الجثامين تعود لأشخاص قضوا على يد تنظيم “داعش” قبل انسحابه من مدينة الرقة ضمن الصفقة التي عرفت إعلامياً بـ “سر الرقة القذر”، والتي جاءت بعد أن دمرت مقاتلات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن أكثر من 90% من حجم الكتلة العمرانية للمدينة التي كانت تعد بمثابة العاصمة الأولى لتنظيم “داعش” قبل أن يظهر أبو بكر البغدادي في مدينة الموصل العراقية ويحولها إلى المركز الأساسي لقيادة تنظيمه، لكن السكان المحليين يؤكدون خلال حديثهم لـ “أثر برس”، أن “مقبرة فخيخة” ليست الوحيدة وليست من إنتاج تنظيم “داعش”.

ماذا في مقبرة “فخيخة”؟

تقع القرية على الطرف الجنوبي لمدينة الرقة، تحتوي على مقبرة مقسومة إلى نصفين (شمالي – جنوبي)، وكانت الفرق التابعة لـ “قسد” وتعرف باسم “فريق الاستجابة المبكرة” قد بدأت بعملية انتشال الجثامين قبل أسبوع من الآن من الطرف الشمالي من المقبرة، وانتُشل حينها ما يقارب 800 جثمان نقلت إلى مقبرة “تل البيعة”، ولم تعمل هذه الفرق في الطرف الجنوبي بسبب وجود عدد من العبوات الناسفة والألغام الأرضية التي زرعها تنظيم “داعش” قبل انسحابه من المدينة.

خلال اليومين الماضيين انتشلت ذات الفرق ما يقارب 3500 جثمان، لتقول عبر وسائل إعلامها أنهم من ضحايا عمليات الإعدام التي نفذها تنظيم “داعش” في المنطقة، إلا أن بعض سكان المدينة أكدوا خلال حديثهم لـ “أثر برس”، أن التنظيم لم ينفذ عمليات إعدام جماعية ضخمة في مدينة الرقة سوى العملية التي أظهرها من خلال أحد تسجيلات الفيديو التي نشرها وقيل حينها أن الضحايا هم من عناصر القوات السورية الذين كانوا في “مطار الطبقة العسكري”.

ويقول خليل، من سكان المنطقة: “إن كل من في المقابر الجماعية الموجودة في مدينة الرقة هم من ضحايا القصف الأمريكي الذي شهدته المدينة خلال صيف العام 2017″، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن أعراف “داعش” كانت تمنع على المدنيين دفن ذويهم ممن ينفذ بحقهم حكم الإعدام وفقاً لـ”قوانينه الشرعية”، وفي حالات الإعدام الجماعي كان التنظيم يدفن الضحايا بشكل سري في مقابر خارج مدينة الرقة.

مقابر معروفة.. 

خلال الفترة الممتدة ما بين شهري أيار وأيلول من العام 2017، شهدت مدينة الرقة عدداً ضخماً من الغارات الأمريكية التي سبقت احتلال المدينة من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” بدعم من “التحالف الدولي”، وخلال مراحل القصف انقطعت كامل الطرق المؤدية إلى “مقبرة تل البيعة” التي تعد المقبرة الرئيسية في مدينة الرقة، ما اضطر المدنيين حينها إلى دفن الضحايا في أي مسطح ترابي مفتوح، ونشأت مجموعة من المقابر في كل من “البانوراما – حديقة الجامع العتيق – ملعب الرشيد – حديقة المرور- قرية فخيخة”، وكل من بقي في المدينة يعرف الخارطة الجغرافية للمقابر.

حرمة الموت وعدم إمكانية إخراج الجثامين بدون موافقة “قوات سوريا الديمقراطية”، أسباب أخرت نقل رفاة الضحايا إلى مقبرة “تل البيعة” من قبل الأهالي، فالقوانين والقيود التي تفرضها “قسد” تعرقل عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة التي من المفترض أنها “محررة” منذ ما يقارب عام ونصف، ومع الإشارة إلى أن “قسد” ومن خلفها “التحالف الدولي” كانت قد أنكرت التقارير الإعلامية التي تحدثت عن سقوط عدد ضخم من الضحايا في مدينة الرقة قبل أن تدخلها، فإن التقارير التي تروجها “قسد” حالياً تعد بمثابة اعتراف غير مباشر بجرائم الحرب التي ارتكبتها و”التحالف الدولي” في المدينة المنكوبة.

يقول “مصطفى”، من سكان المنطقة أيضاً: “قالوا حينها إن عدد الضحايا الذين قتلوا بطريق الخطأ في مدينة الرقة لم يزد عن 100 شخص، لم يكن سكان المدينة يصدقون ذلك لمعرفتهم بما حصل في حقيقة الأمر، لكن لم يكن أحد ليجرؤ على الحديث بسبب السطوة الأمنية التي تفرضها  قسد”، وبالإشارة إلى التقارير التي أصدرتها قسد فقد تم استخراج ما يقارب 7 آلاف جثمان حتى الآن من المقابر الموجودة في مدينة الرقة.

قبل نحو 4 أشهر من الآن تحدثت “قسد” عن انتشال ما يزيد عن ألفي جثمان من مقبرة “ملعب الرشيد”، كما أكد أكثر من تقرير إعلامي انتشال ما يقارب 800 آخرين من مقبرة في “حديقة المرور”، ويضاف إلى ذلك عدد لا يقل عن 600 جثمان من مقبرة الحديقة العامة، وعدد مجهول من مقبرة الجامع العتيق، وبجمع الأعداد ما تم الإعلان عنه من جثامين مستخرجة من مقبرة قرية فخيخة، يصبح الرقم في أقل تقدير 6900 جثمان.

يقول السكان المحليون لـ”أثر برس” إن روائح الجثامين المتفسخة المنبعثة من تحت أنقاض المباني المدمرة في مدينة الرقة تؤكد أن من يوصفون بـ “المفقودين” أو “مجهولي المصير” قضوا بفعل الغارات الأمريكية، وتشير تقديرات غير رسمية إلى وجود ما يقارب 2500 شخص في عداد المفقودين منذ صيف العام 2017، وتمنع “قسد” المدنيين من إزالة أنقاض المباني لتحصر العملية بالفرق التابعة لها بحجة احتمال وجود مستودعات ألغام أو عبوات ناسفة تحت الأنقاض، ونتيجة لكون عملية ترحيل الأنقاض تتم بعيداً عن مشاركة أو حضور أصحاب المباني المدمرة فإن الحصول على معلومات دقيقة عن مصير المفقودين أو عدد الضحايا الموجودين تحت الأنقاض مسألة شبه مستحيلة، الأمر الذي يمكن وصفه بـ “طمس للأدلة” التي قد تدين “التحالف الدولي” بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في مدينة الرقة.

محمود عبد اللطيف – الرقة

 

 

 

اقرأ أيضاً